اخر الاخبار

بغداد ـ محمد التميمي

وسط كل الاحداث الأليمة التي يعشيها البلد، وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي، ينهض شباب العراق دوماً من تحت أكوام الركام، لينفضوا رماد المآسي، ويسعون لصناعة واقع جديد غير الذي يعيشونه، بطرق بسيطة وإمكانيات متواضعة، ولكن بإصرار وعزيمة وبدون حوافز او أي دعم حكومي او تمويل، مركزين على إنجاز مشاريع تزيد من الوعي وتنحو باتجاه التنمية الثقافية والتمكين والتطوير.

وبديهي، أن تثير هذه العزيمة التساؤل، عمّا كان ممكنا لهؤلاء الشباب أن يحققوه، لو تم الالتفات لعملهم ومد يد العون لهم ومساعدتهم في تذليل الصعاب وحل المشاكل التي تعترض نشاطهم، بدل إهمال مواهبهم ودفنها والانشغال بالتحاصص والصراع على المغانم والمناصب. 

 نادي ريدر للقراءة

وبهذا الصدد، التقت “طريق الشعب” بشباب من أصحاب مشاريع وطموحات وأهداف مشرقة، كان منها “نادي ريدر للقراءة”، الذي أُنشئ ليجعل القراءة عادة مكتسبة للجيل الحالي، من خلال إقامة ورش مجانية لقراءة ومناقشة الكتب ولمختلف القراء ومن كافة الإعمار.

الشابة ليما خالد وهي أحد مؤسسي النادي، قامت بتعريف “طريق الشعب” على المشروع، فقالت: “ريدر هو نادي قراءة كتب عامة، وليست مناهج. وتأسس هذا النادي في العام 2020، والمؤسسون هم طلبة غير تابعين لأية جهة، حكومية كانت أو غير حكومية”. وتضيف ليما عن آلية العمل فتقول “يتم اختيار مجموعة كتب للقراءة، ثم يتم ترشيح أيام معينة لكل كتاب، فنجتمع لمناقشته، حيث تطرح وجهات نظر من شاركوا بقراءته، وذلك من أجل التثقيف وغرس حب القراءة ومطالعة الكتب لدى الشباب”.

وتحدثنا الشابة ليما عن نوعية الكتب التي تقرأ في النادي، فتقول “الكتب عامة ومتنوعة مثل الفلسفة او الروايات على اختلاف أنواعها، وحتى الكتب السياسية والتاريخ السياسي، لاسيما المحايدة والواقعية”

وتضيف “نحن نتناول مختلف الكتب ومختلف التصنيفات، لكننا نستبعد الكتب التي تثير الجدل لأنها تضعف تقدم المشروع”.

 غياب الدعم الحكومي

وتشرح خالد هيكلية النادي الذي يتكون من فرق مختصة، يدير كل واحد منها أحد مؤسسي النادي، حيث يوجد فريق الموارد البشرية والفريق التقني وفريق التسويق وفريق المراجعات، والفريق الذهبي الذي يتكون من القراء المشاركين في مواسم القراءة التي ينظمها النادي ويكونون ملتزمين بالوقت والتنظيم.

وأبدت الشابة ليما اسفها لغياب الدعم الحكومي، وتمنت أن تدعم “الجهات الحكومية الطاقات الشبابية المنتجة سواء على صعيد مشروع ريدر أم المشاريع المشابهة للفكرة والمشاريع الشبابية الأخرى، ولا يشترط فقط ان يكون الدعم مادياً بل ربما يقتصر على خلق وتوفير بيئة مناسبة، والدعم المعنوي وتوفير المشاركات، والمساعدة في إيصال مشاريعنا لأكبر قدر من الناس”.

وعن طموح مؤسسة النادي تشير الشابة ليما الى أنهم لا يريدون النادي “للقراءة فقط، بل نريده أن يكون اكبر بكثير من ذلك، كأن يكون حلقة الوصل بيننا وبين المغتربين او الأجانب، ونطمح الى ان يتطور الشخص من خلال ريدر، حيث  يستطيع الفرد قراءة الكتب وأيضا تطوير اللغة وتعلمها، وأن لا تكون الكتب عربية فقط بل بلغات مختلفة، كي يمكن مناقشتها حتى مع أجانب من خارج البلد”.

وتتابع قائلة “نسعى أيضا الى ان نوفر كتبا يحتاجها الشباب وتساعدهم، مثل الكتب التي تخص التسويق والبرمجة والتقنية والسيناريو والإخراج وغيرها من الكتب التي تدعم مواهب معينة، وأيضاً توفير قسم للأطفال بحيث نغرس حب القراءة في أطفالنا الصغار، وفي العطل ننظم لهم سفرات او نوفر لهم مكانا خاصا بهم ليقرأوا فيه الكتب”.

 تفاعل كبير

وأكدت ليما في حديثها لـ “طريق الشعب”، ان “الشباب كانوا متعطشين لفكرة النادي وتفاعلوا معها، ونحن في نهاية كل موسم قراءة، نستطلع اراء المشاركين حيث تكون الآراء إيجابية، ومحفزة للاستمرار والعطاء أكثر”، لافتة الى ان “الاقبال متزايد على الفكرة بشكل كبير، وهذا الاقبال هو المشجع في استمرارية المشروع، وفي كل موسم نحاول توفير بيئة مناسبة للقراء أكثر من السابق”.

وفيما يخص الصعوبات التي يواجهونها قالت “اغلبنا طلبة جامعات ومدارس لذلك يجب علينا الموازنة ما بين ريدر وبين الدراسة، ونحن بدورنا لا نريد ان نضغط على باقي الطلاب، لذلك نحن ننظم مواسم القراءة والفعاليات في العطل الربيعية والصيفية”.

وزادت ان “ريدر حتى الان هو مشروع الكتروني وليس حضوريا، اذ لم نستطع إيجاد مكان مناسب، ونتمنى ان نتمكن من حل هذه المشكلة، اذ نحن بحاجة الى مكان نستطيع ان نجمع به أكبر عدد ممكن من الاشخاص ونمارس فعالياتنا بسلاسة أكثر”.

 نادي المعلومات

وعلى صعيد ذي صلة، حدثنا الشاب محمد الحمداني، البالغ من العمر 17 عاما، وهو طالب في الخامس الاعدادي، عن المشروع قائلا: “تم تأسيس النادي قبل أربعة شهور، والهدف منه هو تعليم الناس وتبادل المعلومات حيث يتم تنظيم جلسات وورش اسبوعية، فعلى سبيل المثال نطرح في جلسة ما عشرة معلومات عن مواضيع باللغة الإنكليزية وذلك لتقوية لغة المشاركين، وأيضا في داخل الورش يتم طرح أسئلة وفتح باب للنقاشات، بهدف زيادة الوعي”.

 لا يحدنا شيء

وقال الشاب في حديثه “نُدخل الكثير من التحديثات على المشروع، حتى من ناحية التنظيم وسننتهي منها خلال أسبوعين”، منوها بانهم كفريق عمل “اعمارنا صغيرة وأكبر عضو فينا عمره 22 عاما. ولم نتلق دعماً حكومياً بشكل عام”.

وعن طبيعة المواضيع التي يسلطون الضوء عليها، أوضح الحمداني لـ”طريق الشعب”، ان “المواضيع التي نختارها متنوعة ومتعددة، فقد اخترنا موضوعا عن سومر واخر عن عالم الطب واخر عن الطبيعة اذ لا يحددنا شيء، وأيضاً نتناول المواضيع التي يهتم بها الناس وتجذبهم”.

 مطالب بسيطة

وذكر الشاب، ان المشروع في الوقت الحالي هو على الانترنيت ويتمنى من الجهات الحكومية “إذا ما شاهدت مشروعنا ان تقدم لنا الدعم المادي وتساعدنا بالتنسيق مع الجامعات، بهدف تنظيم الورش والجلسات بغية تطوير فكر المجتمع، حيث نأمل بأن يزيد الوعي، وبالتالي تقل المشاكل المجتمعية”.

ولفت الى ان “هناك تفاعلا جيدا من الشباب مع الجلسات ومع المشروع حيث نتلقى اراءً إيجابية باستمرار”.

عرض مقالات: