رغم الاعلان المتكرر ان نسب الفقر في المثنى الذي يتجاوز الـ 50 في المائة، إلا أن جهودها لا تزال بعيدة عن الاهتمام بالقطاعات التي يمكن ان يعمل فيها ابناء المحافظة، وابرزها القطاعان الصناعي والزراعي. ويرى ناشطون، ان القائمين على القرار الاقتصادي في المحافظة، هم شخصيات غير كفوءة، غيبوا الهوية الاقتصادية للمحافظة، وتسببوا في هجرة أعداد غير قليلة من أبناء المثنى. وتذكر دائرة التخطيط في المحافظة، أن نصف السكان يعانون من الفقر الذي يرتبط بانخفاض الدخل ونصيب الفرد من الاستهلاك، وبحجم الأسرة الكبير، وانخفاض مستوى التعليم.
فاسدون في مركز صنع القرار
فيما يقول الناشط النقابي هيثم أحمد من سكان المحافظة لـ»طريق الشعب»، ان «القوى السياسية المتنفذة، ساهمت في تنصيب شخصيات غير كفوءة في مراكز القرار الاقتصادي، بالتالي أدى هذا إلى خلق بطالة غير قليلة بين أبناء المحافظة».
أما بخصوص المشاريع الاستثمارية، فيضيف أحمد أن «اغلب القائمين عليها يفضلون العمالة الأجنبية على الأيدي المحلية، وان وجدت فهي لا تساهم في حل الأزمة».
ويوضح أحمد، أن «القطاعين الزراعي والصناعي في المحافظة يعانيان من اهمال كبير، وتحولا الى بيئة طاردة للعمل بسبب ظروف العمل القاسية فيهما»، مبيناً أن «اغلب المزارعين باتوا يفضلون الهجرة بحثا عن العمل في محافظات أخرى بسبب هيمنة العديد من أصحاب النفوذ على الأراضي الزراعية، فضلا عن قلة الدعم الحكومي للمزارعين، وشح المياه مما يساعد كثيرا في ارتفاع نسب البطالة بين أبناء المحافظة».
ويؤكد أن «فئة العاملين في مجال تجارة الاغنام في المحافظة، فضلوا ترك عملهم وبيع اغنامهم بسبب الاستبدال غير القانوني لصفة أراضي الرعي بعقود زراعية دون رادع قانوني يذكر».
غياب هويتها الاقتصادية
من جهته، يرى الناشط المدني احمد الزيادي ان «افتقار محافظة المثنى الى البنى التحتية ساهم كثيرا في غياب هويتها الاقتصادية المتعارف عليها في مجال صناعة الاسمنت والزراعة».
ويقول الزيادي لـ»طريق الشعب»، ان «اغلب أبناء المحافظة اليوم يعولون كثيرا على التعيينات الحكومية من اجل العمل وخلاف ذلك هم عاطلون عن العمل بسبب التهميش المتعمد للقطاعين الصناعي والزراعي في المحافظة»، مشيرا الى ان «غياب الكفاءات في إدارة الملف الزراعي وبروز المحسوبيات خلق ركودا كبيرا في العمل لدى المزارعين الذين يمثلون اغلب سكان محافظة المثنى». ويضيف أن «السلطات المحلية المتعاقبة لم تسع للعمل وفقا لخطط اقتصادية تعود بالفائدة على أبناء المحافظة أولا، وانما كان همها هو تحقيق مصالح خاصة خلال فترات مكوثهم في الحكم».
ويبين الزيادي، أن «دعم القطاع الزراعي بات ضرورة ملحة للحد من نسب البطالة، خصوصاً وأن اغلب أبناء المحافظة هم من المزارعين».
نصف سكانها فقراء
من جانبه، يقول مدير دائرة التخطيط في محافظة المثنى، قابل حمود: ان «أكثر من نصف سكان محافظة المثنى يعانون الفقر الذي يرتبط بانخفاض الدخل، ونصيب الفرد من الاستهلاك، وبحجم الأسرة الكبير، وضعف المشاركة الاقتصادية للنساء، وانخفاض مستوى التعليم»، مبينا انه «رغم وجود برامج حكومية للتخفيف من الفقر إلا أن عدد الفقراء لا يزال كبيراً بسبب استمرار المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية».
ويضيف حمود، في بيان تابعته «طريق الشعب»، أن «التخصيصات المالية لمحافظة المثنى للأعوام الماضية لا تتناسب مع الاحتياجات الخدمية ومتطلبات التنمية، ما يتطلب إعداد دراسة حقيقية من قبل الجهات المعنية لغرض القضاء على البطالة وإدامة المشاريع الصغيرة بجدوى اقتصادية».
ويشير إلى أن «التخفيف من الفقر، يستلزم رؤية جديدة وبرامج أكثر واقعية والعمل بالأولويات التي أهمها: توفير عمل مستدام للفقراء، وتحسين الوضع الصحي والتعليمي لهم، مع توفير سكن ملائم وإصـلاح نظام الحماية الاجتماعية وآليات الاستهداف وشمول أوسـع وأكثر فاعلية لأنظمة الإقراض الصغيرة للأسر الفقيرة».