يفسّر تزايد تعاطي المخدرات بين أوساط الشباب أمرا واحدا: سهولة الحصول عيلها، في ظل عجز المؤسسات الرسمية عن إيجاد حل للظاهرة التي تتفاقم بشكل خطر في العراق. وكي يبدو الأمر منصفا فإن ذلك يحتاج أيضا لتكاتف مجتمعي، ودعم متواصل من المنظمات المدنية المعنية بمكافحة المخدرات. وتنتشر حالياً في البلاد مادة الكبتاغون المخّدرة، الى جانب الحشيشة والكرستال.
ما هو الكبتاغون؟
تقول الصيدلانية أيناس موسى: أن “الكبتاغون هو دواء منشط للجسم والعقل، وهو يتفّعل في الكبد والامعاء، فيتحول الى مادتين، هما ام فيتامين وثيوفلين، وهذه المواد هي المسؤولة عن تنشيط الجسم، وتحفيز المشاعر”.
وأضافت موسى لـ”طريق الشعب”، أن “الاقبال زاد على هذا المخدر في المرحلة الحالية لان أسعاره انخفضت من 700 دولار للغرام الواحد الى 100 دولار، ثم الى 7 الاف دينار فقط”.
وعللت موسى انخفاض السعر: “من المعروف ان في المخدر، مادتين اساسيتين: المادة الفعالة والمادة الساندة غير الفعالة. وكلما زادت نسبة المادة الفعالة في الدواء كلما ارتفع السعر، والعكس صحيح”، في اشارة الى ان ما يروج في العراق هو المخدر الذي يحتوي على المادة غير الفعالة.
وزادت موسى ان “الكبتاغون الموجود في العراق، يحتوي على نسبة قليلة جداً من المادة الفعالة وكمية كبيرة من المواد الساندة، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على الصحة ويسبب الإصابة بالسرطانات السريعة”.
ولفتت إلى أن “المتعاطي يدمن على هذه المادة من ثالث جرعة يأخذها. وفي حال انقطاع المادة عنه، يعاني من الهلوسة والاضطراب في الحواس”، مردفة أن “الاضرار الجانبية للمتعاطي، على المستوى القريب، هي فقدان التركيز وعدم الرغبة بكل الأشياء، وعلى المستوى البعيد، حدوث نقص شديد في كريات الدم البيض، وتدني المناعة ضد الأمراض، والاصابة بفقر الدم”.
صفر واحد
وفي السياق ذاته، قال مصدر امني رفض الكشف عن اسمه لـ”طريق الشعب”، ان “التجار والمتعاطين يطلقون على مادة الكبتاغون عبارة صفر ـ واحد”.
وأضاف المصدر أن “ترويج هذا المخدر وتعاطيه يأتي بالمرتبة الثانية بعد الكرستال”، مشيرا الى أنها “مادة أساسية في صناعة الكرستال، وان تجار الكبتاغون هم انفسهم تجار الكرستال”.
وأكد المصدر أن “المواد التي يتم ضبطها عند المتاجرين، بالعادة تكون حبوباً في أكياس، وليست أشرطة”.
وطبقا للمصدر، “تم القاء القبض على 65 متاجرا بهذه المادة خلال الشهر الأول من العام 2022 في منطقة باب الشيخ” وسط العاصمة بغداد.
مصادر مختلفة للانتشار
وضمن السياق، قالت رئيسة منظمة (عراق خالِ من المخدرات)، ايناس كريم: ان “الكبتاغون منتشر منذ مدة طويلة، رغم تسليط الضوء عليه الان. فمنذ أيام تحرير الموصل، كانت العصابات الإرهابية تتعاطى هذه المادة بإفراط، لأنها تصنع طاقة عالية جداً”.
وأضافت كريم لـ”طريق الشعب”، أن “الفرق بين مادة الكبتاغون وباقي المواد التي تسبب الادمان، هو ان جزءا من مروجي هذه المادة هم بعض أصحاب المذاخر والصيدليات، وهذا سبب اخر لانتشاره”.
وأكدت أن “سعر الشريط في الصيدليات يتراوح بين 10 الى 30 الف دينار”، مشيرةً إلى أن “بعض الصيدليات والمذاخر التي تبيع المواد للمتعاطين ترفع سعره اكثر، بخاصة وان المتعاطي يحتاج الى حبة واحدة باليوم”.
وأشارت إلى أن “الكبتاغون يبقى في جسم المتعاطي مدة أطول من الكرستال، تتجاوز السنة الكاملة”، مؤكدةً أن “الشخص المتعاطي لها يحتاج شهرا واحدا، قبل ان يتحول الى مدمن”.
وذكرت كريم أن “علاج المتعاطين على الكبتاغون يختلف عن المتعاطين لمواد الحشيشة والكرستال، لأنهم يشفون بفترات علاج اطول”.
وأردفت أن “المدمن يحتاج سبعة أشهر للتعافي من حالة الإدمان، رغم توقف المسألة على مدى استعداده للخلاص من حالة الإدمان”.