اخر الاخبار

دائما ما تكون السوق السوداء حاضرة مع أي تقييد حكومي، وتساعد في ذلك آفة الفساد التي تزداد إيغالا في مؤسسات الدولة؛ فمنذ أن رهنت السلطات مراجعة الدوائر الحكومية والدوام الرسمي والسفر ببطاقة التلقيح، لجأ من لا يؤمن بالتطعيم الى اصدار وثيقة مزورة تشير الى انه من الملقحين.

وكي لا نبالغ كثيرا، فان هذه الظاهرة برزت أولا في أوربا والولايات المتحدة الامريكية، لكنها لن تكون عصية على الكشف، انما تكاد تكون ذلك في ظل ما معتمد لدينا من أنظمة وآليات وسياقات عمل رسمي.

وكانت خلية الإعلام الأمني أعلنت في بيان صدر عنها، أخيرا، القاء القبض على متهمين، بينهم خمسة موظفين، يبيعون بطاقات لقاح فيروس كورونا لمواطنين لم يتلقوا اللقاح بعد. 

وبينّت الخلية في بيانها انه “من خلال المتابعة الميدانية وتكثيف الجهود الرقابية، تمكنت مفارز جهاز الأمن الوطني في محافظة ديالى من القاء القبض على اثني عشر متهماً، قاموا ببيع كارتات لقاح فيروس كورونا لمواطنين لم يلقّحوا، وذلك على ضوء معلومات وردت من المواطنين وبعد إستحصال الموافقات القضائية”. واشار البيان إلى تدوين اقوال المتهمين ابتدائياً واعترافهم بتلقيهم مبالغ كبيرة مقابل بيع الكارتات الأصولية، حيث تمت احالتهم الى الجهات القانونية المختصة لإتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم. 

نتيجة طبيعية للفساد

المواطنون من جهتهم، لم يندهشوا من هذه الخروقات، حيث يجدونها نتيجة طبيعية لحجم الفساد الذي ينخر جميع المؤسسات الحكومية بما فيها المؤسسات الصحية، والذي يشكل عاملاً مساعداً لبعض ضعاف النفوس في استغلال ازمة كورونا لتحقيق النفع المادي الشخصي.

المواطن ضياء التميمي (75 عاما) والذي يعاني من الامراض المزمنة التي خلقت لديه حاجز الخوف من تلقي لقاح كورونا يقول لـ “طريق الشعب” ان “الإجراءات التي فرضتها معظم الدوائر الحكومية ومن ضمنها اشتراط البطاقة الخاصة بلقاح كورونا للسماح للناس بالسفر، دفع بمواطنين غير ملقحين الى اللجوء لطرق بديلة أخرى غير قانونية يستغلها ضعاف النفوس للكسب المادي”. ودعا الى إيجاد حلول ما للمرضى، ممن لا يمكنهم تلقي اللقاح، ليستطيعوا مواصلة حياتهم في ظل الأجراءات، التي يراها “تعسفية” بحق هؤلاء الناس. 

استهانة بحياة المواطنين

من جهته، يرى الشاب ليث صلاح ان “الاستهانة بحياة المواطنين ليست شيئاً غريباً، خاصة مع غياب أي رادع للفاسدين”. 

ويقول لـ”طريق الشعب” ان “ظاهرة بيع بطاقات لقاح كورونا دون تلقي اللقاح ظاهرة ليست بالجديدة، وقد بدأت مع إعتماد وزارة الصحة والمؤسسات الحكومية الأخرى، بطاقة لقاح كورونا، كأحد المستمسكات الرئيسية لترويج المعاملات”. 

ولفت الانتباه الى انه عرف، من خلال أصدقائه، بإمكانية الحصول على الكارت الخاص بلقاح كورونا دون تلقي مصل التلقيح، مقابل 150 ألف دينار.

وعّد المواطن غياب الثقة بالمؤسسات الصحية وترويج الشائعات حول ضرر وعدم فاعلية اللقاح للحد من انتشار الفيروس بين المواطنين، من اسباب هذه المشكلة. 

الصحة تقر..

من جهتها، ترى وزارة الصحة ان “منح بطاقات لقاح كورونا دون تلقي مصل اللقاح من قبل المواطنين يشكل حالات محدودة جداً”، مردفا انه “يتم التعامل معها بأشد العقوبات القانونية، في حال رصدها”. 

ويقول المتحدث باسم الوزارة د. سيف البدر لـ”طريق الشعب” انه “للأسف الشديد هناك بعض ضعاف النفوس من العاملين استغلوا إجراءات ضغط الوزارة بضرورة تلقي اللقاح من قبل جميع المواطنين، خاصة مواطني الامراض المزمنة، إضافة لقلة الوعي لدى بعض المواطنين من الذين يعزفون عن تلقي اللقاح والذين صدموا حال مراجعاتهم الى الدوائر الحكومية التي طالبتهم ببطاقة التلقيح الخاصة بكورونا كمستمسك رئيسي”.

وأكد أن “وجود هذه العصابات لا يشكل ظاهرة، انما قد يكون ذلك موجودا في أغلب المجتمعات، حيث يسعون لاستغلال الازمات لتحقيق منافعهم الشخصية”. 

ودعا البدر المواطنين ووسائل الاعلام في حال رصدهم أي نوع من هذه الانتهاكات الى “ضرورة تبليغ دوائر التفتيش الخاصة في الوزارة والمنتشرة في بغداد والمحافظات”.

عرض مقالات: