اخر الاخبار

زار عضوا المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال العراق، كوريا رياح وعلياء حسين، مجمع معامل طابوق النهروان للتعرف على أحوال العمال هناك وتسليط الضوء على معاناتهم وما يقاسونه في العمل، بغية تبني مطالبهم والدفاع عنها أمام السلطات المسؤولة. وقدم الوفد، الذي رافقه مراسل “طريق الشعب” الأغذية والملابس للعاملات وأطفالهن، فيما أجرى المراسل عدداً من اللقاءات مع العمال، الذين عبروا عن استيائهم من ظروف العمل القاسية، وشرحوا مطالبهم المشروعة، وطالبوا بالتعريف بها. 

التعرف على أوضاع العمال 

عن الهدف من الزيارة، تقول كوريا رياح، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال العراق لـ “طريق الشعب”، “جاءت زيارتنا لأستطلاع أحوال العمال، فوجدنا غالبية نسوية تعمل مع الأطفال ومن مختلف الاعمار، وفي ساعات عمل طويلة جدا تصل حتى ليوم كامل، وأحيانا من الساعة السادسة عصرا وحتى السادسة صباحا وبشكل مستمر”. وتضيف ان “غالبية العمال يعانون من الربو والتدرن الرئوي، دون أن يعرفوا ذلك، وذلك بسبب الغازات والأدخنة السامة، التي جعلتنا نسعل بشدة، خلال ساعتين فقط من تعرضنا لها، فكيف حال من يتعرض لها باستمرار ولسنوات طوال”، مشيرة إلى “ الاستغلال البشع الذي يتعرض له العمال على يد أصحاب المعامل حيث لا يوجد مركز صحي تلجا اليه الناس، غير عيادة مضمد بسيطة”.

وتشدد رياح في ختام حديثها على ضرورة ان “تزور وزارة الصحة المجمع وترى حال العديد من الشغيلة والوضع البائس الذي يعيشون فيه، والأجور البخسة التي يتقاضوها، والتي لا تتجاوز 1000 دينار مقابل 500 طابوقة”. 

تشكيل لجنة نقابية وتطبيق قانون العمل 

من جهتها تصف الناشطة النقابية علياء حسين وضع العمال بالمأساوي جدا، وتطالب الحكومة بالإسراع في تخليص هؤلاء الناس من المعاناة، فالماء ملوث وغير صالح للشرب وكذلك الهواء، والناس شبه جياع، ويكدحون نساءً واطفالاً، لساعات متأخرة، بدون سكن أو خدمات أو طبابة. وتشير في حديثها الذي خصت به “طريق الشعب”، “اوصلنا للعمال المساعدات التي نستطيع توفيرها لهم، وسنحاول إيصال صوتهم إلى المسؤولين، الذين عليهم رعاية هذه الشريحة الكبيرة المظلومة، وفرض الألتزام بضوابط قانون العمل، كما سنشكل نحن بدورنا لجنة نقابية، للعمل على ضمان حقوقهم”.

مخالفة قانونية 

وحول أوضاع الشركة والعمال، يقول العامل أبو طارق، بان شركة تركية كانت قد أسست هذا المعمل في الثمانينات، فإجتذب الفلاحين من بعض المحافظات بعد ان توقف الانتاج الزراعي فيها. وعن معاناتهم يؤكد العامل لـ “طريق الشعب”، على ان أبرز ما يعاني منه العاملون هو” التأخير المستمر للأجور وهو ما يجبر بعض العاملين على ترك العمل والبحث عن غيره، دون أن يحصلوا على أتعابهم” ويعّد ذلك حسب رأي أبي طارق مخالفة قانونية صريحة، “ فقانون العمل رقم 37 الذي اقره البرلمان في العام 2015 يقضي بان لا تتأخر الأجور أكثر من 5 أيام وبخلافه تعد مخالفة، ولهذا فما اتمناه واريده هو تطبيق قانون العمل”.  

ويذكر العامل أبو فاروق لـ “طريق الشعب” بأنه “لا توجد أي خدمات حيث تعطلت وحدة تصفية المياه، وتوقف الماء الخام من الوصول إلى المجمع، وأصبحت الناس تشتري الماء من اجل العمل والمعيشة”. ويوضح بان “البنى التحتية سيئة ومعدومة، ولا توجد مستشفى لتلقي العلاج فيها، هناك فقط المضمد الذي يعالج العمال وسط مخاطر العمل الكثيرة ولا توجد مدارس وأقرب مدرسة هي في النهروان البعيدة عنا”. وعن مطالبهم يشدد العامل على ضرورة “ توفير مدرسة ومركز صحي متكامل وإجراءات سلامة وصحة لضمان سلامة العمال”، وينّوه إلى انه لا يوجد حل “سوى بوجود لجنة نقابية تعرف العمال وتصنفهم وتطالب بحقوقهم”.

اما أبو جعفر السعيدي والذي يعمل حارساً في أحد المعامل، مهاجراً من الحلة، فقد شكا حاله لـ”طريق الشعب” قائلاً “ الأجور لا تكفي، فلدي 8 افراد في الاسرة، ووضعي صعب جداً، والامراض تفتك بنا! انا هنا منذ 4 سنوات ولم اذهب لزيارة اهلي او رؤيتهم بسبب مصاعب المعيشة، كما جاء معي للعمل ولدي صادق البالغ من العمر 15 عاما بعد أن ترك الدراسة”.

تهديد بالطرد 

العامل أبو ستار، الذي يعمل من الساعة 11 صباحاً إلى الساعة 11 ليلاً، يقول عن معاناته “العمل شاق جدا، الرجال تعمل من الصباح وفي المساء يأتي دور النساء ويشاركهن الأطفال بالعمل، وجميعنا نعاني من الامراض بسبب طبيعة وظروف العمل الصعبة، وخاصة التلوث الذي سبب وفاة العديد منا”. وبالنسبة للأجور يقول أبو ستار لـ”طريق الشعب”، ان” الأجور قليلة جداً، ولا تكفينا الـ 100 ألف في الأسبوع، ويقسو رب العمل على العاملين ولا يهمه سوى ان ينتج العامل حتى لو كانت أحوال الطقس سيئة ولا تصلح للعمل” مطالباً بـ “زيادة الأجور بنسبة 30 في المائة وتحسين وضعنا المعيشي وتقليل ساعات العمل” مؤكداً ان مطالباتهم تجابه برد واحد هو التهديد بالتسريح من العمل. ولدى عاملنا (أبو ستار) أربعة أطفال، يعملون معه ويساعدونه من اجل تدبير أمور المعيشة، ويقول عنهم “ اطفالي تركوا الدراسة من اجل مساعدة العائلة، هم بأعمار صغيرة، الجوع فتك بنا ولهذا نفضل ان نعمل بدل أن نشحذ في الشارع”. وتقول المواطنة ام ستار التي كانت تتلقى العلاج عند المضمد، انها تعمل من منتصف الليل حتى الصباح الباكر مقابل 100 ألف دينار أسبوعياً! 

الشابة بنين احمد، التي كانت تتلقى العلاج في عيادة المضمد بسبب تأثرها بدخان المعمل، قالت بأنها تتقاضى 15 ألف دينار لتعيل اسرتها المكونة من 12 فرداً، وإنها وأختها قد تركتا المدرسة بسبب ذلك. واعربت عن خوفها من فقدان العمل إذا ما طالبت صاحب العمل بتحسين الأجور أو تخفيف ساعات العمل، أو تقليل التلوث، أو توفير التطبيب المناسب. 

أمنية بسيطة 

اما الشاب صلاح حسن البالغ من العمر 21 عاما، فقد أفصح لمراسلنا عن أمنية بسيطة “ أتمنى ان ادرس فانا لم اتعلم في حياتي ابدا او اذهب إلى المدرسة، الحياة كانت قاسية جدا علي وحرمتني من تحقيق طموحي الذي لا زلت احلم به، فمذ كنت طفلا وانا في المعمل وازاول المهنة”.

ويشكو الشاب حسن لـ “طريق الشعب”، تدني الأجور ويقول “ لا نستلم اجورنا كاملة، ودائما ما تكون منقوصة وتتأخر لشهور عدة، ولا يوجد أي التزام بموعد محدد، أعاني من التعب والسهر في العمل الذي يستمر لساعات طويلة بدون استراحة، نحن عشرة أفراد في الأسرة، نعمل في ظروف شاقة، ذكوراً واناثاً، لنعيش”! 

عرض مقالات: