اخر الاخبار

الحديث عن انهاء ملف العشوائيات، أخذ يتصدر أحاديث الاوساط السياسية بشكل متصاعد مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، المقرر اجراؤها في حزيران المقبل.

ويشير عدد من النواب الى وجود مساع حثيثة لتقديم قانون “معالجة العشوائيات”، فيما تؤكد وزارة التخطيط ان القانون المقدم يخالف مسودتها التي سلمتها الى رئاسة البرلمان، فهو يدعو الى “إنماء هذه الظاهرة لا حلها” بحسب وصفها.

في حين يرى مختص في ادارة البلديات، ان حل الأزمة يفترض أن يدرج ضمن تخصيصات الموازنة، وتجنب أية خطوات تخالف الشروط والقواعد العمرانية، وإلا ستكون النتائج وخيمة.

بينما يؤكد مواطنون كثيرون، أن هذا الحراك النيابي، هو للتوظيف الانتخابي وليس لحل معاناة القاطنين في هذه العشوائيات.

قانونان متناقضان

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن معالجة ملف العشوائيات “تتضمن مسارات عديدة، وكان للوزارة مقترح قانون بهذا الخصوص، لكنه اصطدم برغبات أخرى لنواب في البرلمان”.

وأشار المتحدث في تصريح صحافي طالعته “طريق الشعب”، الى ان “القانون الذي اقترحته الوزارة بالتعاون مع خبراء ومختصين، دعا الى إنشاء مجمعات سكنية بديلة للعشوائيات، أو تمليك اراض في أماكن أخرى تحدد مسبقا”، موضحا ان القانون “قدم الى الدورة البرلمانية السابقة لكنه لم ير النور بسبب تقديم بعض النواب قانونا آخر يشجع على نمو العشوائيات والاستمرار بالتجاوز على الاراضي”.

وأضاف، “نريد حل المشكلة لتأهيل السكن العشوائي اذا كان قابلا للتأهيل وغير مؤثر على الجانب الخدمي والعمراني، لكن بشكل عام، فإن اغلبها يقع على مساحات لا يفترض ان تكون للسكن. ولا بد من الاشارة الى ان الوزارة تعمل على إجراء مسح تفصيلي للبيوت العشوائية وساكنيها، والقانون هذا يمكن ان ينصفهم بعد التأكد من احقية المواطنين والكشف عن وضعهم المادي”، في اشارة منه الى وجود قاطنين في هذه العشوائيات لديهم عقارات ولا يستحقون شمولهم بالقانون.

وقبل يومين، كشف النائب غايب العميري، عن مساع نيابية لتشريع قانون “معالجة العشوائيات”، مؤكدا وجود أكثر من ستة ملايين شخص يسكنون فيها.

اما وزير التخطيط خالد بتال النجم، فقد أكد أن “أكثر من 12 في المائة من العراقيين يسكنون في العشوائيات، وهذه نسبة كبيرة جداً”، مبينا إن العراق “سيستفيد من التجربة المصرية في معالجة هذه الأزمة”.

الحلول مشروطة

من جهته، أوضح المهندس المختص في ادارة البلديات، سلوان الاغا، أن المدن في كل العالم، تقوم وفقا للتخطيط الحضري والعمراني، ويسمى بالخارطة الاساسية او التصميم الاساسي للمدينة، ويتضمن التوزيع المناسب والامثل لاستخدامات الاراضي وهي، سكني، تجاري، خضراء، صناعي، مباني عامة الخ.

ولفت الاغا خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إلى أن “العشوائيات التي تنتشر وتتوسع من أجل السكن، تتطلب توفير خدمات عديدة منها، الطرق، الماء، الصرف الصحي، الكهرباء، النفايات، وغيرها. وبهذا السياق ووفقا لحجم العشوائيات الحالي والتخبط في انهاء ازمتها، يكون العبء اضافيا على المؤسسات القطاعية المعنية، التي تعاني من التردي والاخفاق. وكذلك يزيد هذا الأمر من الفجوة الموجودة بين تقديم الخدمة المطلوبة وبين الخدمة المقدمة فعليا لهذه الاعداد من السكان”.

واضاف أن “العشوائيات في الاغلب تنشأ على الاراضي غير المشغولة، أو المتروكة، وهي بالأغلب اراض زراعية ومساحات خضراء وأخرى مصممة كمباني عامة عجزت الدولة عن تأهيلها واستغلالها للغرض المصمم من اجله، وبهذا يحدث اختلال في منظومة توزيع واستعمال الارض، إذ تزداد الاستعمالات السكنية على حساب المساحات والمباني العامة، وتصبح الفجوة والخسارة مضاعفة، مرة بزيادة عدد السكان وتوسعهم مع عدم وجود خدمات كافية، ومرة اخرى في انحسار وتراجع المساحات ذات الاستعمال غير السكني، ليحدث اضطراب شامل في متطلبات واحتياجات الانسان او الفرد لهذه المساحات”.

وأكد المختص، أن “هذه العوامل يجب اخذها بنظر الاعتبار اذا اراد البرلمان او الحكومة حل ازمة العشوائيات، والا فان الازمة ستتضاعف وتكبر، كما يمكن ان تقدم الحكومة على انشاء مجمعات سكنية واطئة الكلفة إن رغبت فعلا في حل الأزمة”.  وشدد الاغا على أن “أي قانون يحاول تمليك الدور العشوائية سيضاعف الأزمة لأنه سيلغي تصاميم ثابتة وطرقا وبنايات مهمة مرسومة وفقا للمخططات، لذلك يجب حل الأزمة جذريا، وانصاف والفقراء بعيدا عن الحلول الترقيعية التي يراد بها تحقيق مكاسب معينة. كما أن الدليل على عدم الاهتمام بسكنة العشوائيات، هو عدم تخصيص أي أموال في الموازنة والوزارات المعنية لإنهاء هذا الملف”.

استغلال انتخابي

المواطن عيسى حسين (من سكنة العشوائيات في بغداد) يقول إن “الحديث عن تمليك المواطنين لبيوتهم في المناطق العشوائية، يعود دائما مع الاقتراب من موعد الانتخابات، وهذا ما يجري حاليا”.

ويضيف حسين لـ”طريق الشعب” قائلا: “في الانتخابات الماضية، زارنا احد المرشحين الذي اصبح نائبا في البرلمان، ووعد بمتابعة هذا الملف وانصاف الفقراء الذين يعيشون في هذه المجمعات المتهالكة والفقيرة. لكنه وبعد فوزه بمقعد نيابي، لم يعد الينا ولم نره مجددا”، محذرا من “توزيع البيوت على غير المستحقين؛ فهناك من يملكون عقارات، او موظفين، او من لديهم مصادر جيدة للعيش استغلوا الملف، ووظفوا علاقاتهم الجيدة بجهات متنفذة أصبحت تدير لاحقا عملية توزيع العشوائيات بقوة السلاح، وهذا يمكن ان يسب اذى واحباطا للأغلبية من الفقراء الذين يعيشون على الهامش في هذه البيوت والمناطق المنكوبة”.

عرض مقالات: