تصاعدت وتيرة الغضب الشعبي في محافظة واسط، بعد إقدام متظاهرين غاضبين على إغلاق مبنى ديوان المحافظة، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"فشل الإدارة المحلية" في حماية أرواح المواطنين، في أعقاب "فاجعة الكوت" التي خلفت حالة من الصدمة في الشارع الواسطي.
وتجمع عشرات المحتجين أمام مبنى المحافظة، مرددين هتافات تطالب بمحاسبة المسؤولين المحليين وتحميلهم مسؤولية الحريق الذي اندلع مؤخراً في مبنى "الهايبر ماركت"، وسط اتهامات بالتقصير والإهمال.
وأثار مقطع فيديو متداول للمحافظ محمد المياحي وهو يراقب الحريق من بعيد استياءً واسعاً، لاسيما أنه يشغل منصب رئيس اللجنة العليا للدفاع المدني والمسؤول التنفيذي الأول في المحافظة، وهو ما اعتبره ناشطون دليلاً على غياب الاستجابة الفاعلة في اللحظات الحرجة.
الصويرة تنتفض ضد الكهرباء
في سياق متصل، شهد قضاء الصويرة شمالي المحافظة احتجاجات ليلية نظمها العشرات من شباب المدينة، رفضاً لتردي واقع الكهرباء بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض ساعات التجهيز.
وانطلقت المسيرة الاحتجاجية من شارع 50 ومرّت بأحياء الزيتون وصولاً إلى شارع النجمة، وسط مطالبات بحلول عاجلة لأزمة الكهرباء.
وقال الناشط المدني أحمد فتح الله: "خرجنا نتيجة هذا الابتلاء الذي تعيشه الصويرة، ونعبر أيضاً عن استنكارنا لما جرى في فاجعة الكوت، ونطالب بفتح تحقيقات جادة ومحاسبة المقصرين".
أما المتظاهر عمر محمد، فأكد أن "واقع الكهرباء يزداد سوءاً"، داعياً مدير الكهرباء إلى "تحقيق عدالة في التوزيع وزيادة ساعات التجهيز بين الأحياء".
وقفة احتجاجية في ميسان
وفي محافظة ميسان، شهدت مدينة العمارة وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات من النشطاء ورؤساء الفرق التطوعية، أمام جدار الشهداء، تنديداً بالاستخفاف بحياة المواطنين نتيجة غياب معايير السلامة، على خلفية الفاجعة التي شهدتها محافظة واسط مؤخراً، إثر الحريق الذي اندلع في مطعم "هايبر" بمدينة الكوت.
وطالب المحتجون خلال الوقفة بمحاسبة المسؤولين عن الفاجعة ومحاسبة المتسببين، داعين إلى تطبيق القصاص العادل بحق كل من أهمل قواعد السلامة، كما وجهوا نداءً عاجلاً إلى الحكومة المحلية في ميسان لاتخاذ إجراءات وقائية صارمة لضمان سلامة المواطنين.
وشدد المحتجون على ضرورة مراقبة الأبنية التجارية والخدمية في المحافظة، ومراجعة مدى التزامها بمعايير السلامة والأمان، داعين إلى غلق كل منشأة أو مبنى يخالف تلك الضوابط لتفادي تكرار الكارثة في ميسان.
وفي تطور آخر، أقدم العشرات من سكان منطقتي الطبر والإدارة المحلية جنوب مدينة العمارة، على قطع طريق "عمارة-المجر" الحيوي، مستخدمين الإطارات المشتعلة، احتجاجاً على انعدام الخدمات الأساسية في مناطقهم.
ووجّه المحتجون انتقادات لاذعة للمسؤولين المحليين، مؤكدين أن وعودهم المتكررة بشأن تحسين الواقع الخدمي لم ترَ النور. وقال عدد منهم إن مناطقهم تعاني من التهميش والإهمال منذ سنوات، رغم المناشدات المتكررة.
وأضرم المتظاهرون النيران في إطارات السيارات وألقوها على الطريق، ما أدى إلى قطع حركة المرور في الاتجاهين، قبل أن تتدخل القوات الأمنية لتفريق التظاهرة وإعادة فتح الطريق.
البصرة.. استنكار الوعود الورقية
وشهد قضاء أبو الخصيب جنوبي محافظة البصرة، تظاهرات حاشدة شارك فيها المئات من المواطنين، احتجاجاً على ما وصفوه بفشل الحكومة المحلية في معالجة الأزمات الخدمية، وفي مقدمتها أزمة المياه، محملين وزارة المالية أيضاً مسؤولية تفاقم الوضع بسبب عدم تخصيص الأموال الكافية لحلول حقيقية.
وطالب المتظاهرون بإقالة المسؤولين المحليين المشرفين على إعداد وتنفيذ المشاريع الخدمية، مؤكدين أن تلك المشاريع لم تراعِ أولويات سكان القضاء، وعلى رأسها ملف المياه، رغم توفر تخصيصات مالية ضخمة قُدرت بنحو 13 تريليون دينار.
وأعرب المشاركون في الاحتجاج عن استغرابهم من غياب الحلول العملية لأزمة المياه المتفاقمة، مؤكدين أن استمرار هذه الأزمة لن يقتصر على البصرة فقط، بل قد يمتد تأثيرها إلى محافظات أخرى وصولاً إلى العاصمة بغداد، في حال استمرار الإهمال والاعتماد على الوعود الورقية فقط.
ودعا المتظاهرون إلى فتح تحقيق جاد حول مصير الأموال المخصصة لمشاريع البنى التحتية، وخاصة المشاريع المتعثرة التي لم تحقق أي تحسن ملموس في حياة السكان، مؤكدين أن احتجاجاتهم ستستمر حتى تحقيق المطالب.
من جانبه، قال الشيخ حسين المالكي، ممثل الحراك المدني في القضاء، إن "التظاهرة جاءت بعد عام كامل من المناشدات التي لم تلقَ آذاناً صاغية من الجهات الرسمية، رغم المعاناة المستمرة لسكان أبو الخصيب من تلوث المياه وغياب أبسط مقومات الحياة".
وأضاف المالكي أن المطالب شملت أيضاً معالجة البطالة، وتوفير فرص عمل لشباب القضاء، فضلاً عن الإسراع في إنجاز مشروع طريق الفاو المعروف شعبياً بـ"طريق الموت"، نظراً لارتفاع عدد الحوادث المرورية عليه وغياب الصيانة رغم خطورته.
وفي ختام التظاهرة، منح المتظاهرون مجلس محافظة البصرة مهلة 15 يوماً للاستجابة لمطالبهم، ملوحين بخطوات تصعيدية سلمية في حال استمرار التجاهل.
أهالي الشرش يصعّدون
وفي السياق ذاته، صعّد أهالي حي الشرش في قضاء القرنة شمالي البصرة من احتجاجاتهم ضد شركة "الجدار الساند" المنفذة لمشروع البنى التحتية في المنطقة، بعد انقضاء المهلة التي أعلنوها سابقاً دون أي استجابة.
وأكد المحتجون تمسكهم بمطالبهم بمحاسبة الشركة المتلكئة منذ خمس سنوات، حيث أغلقوا بوابة الشركة ومنعوا آلياتها من العمل، في اعتصام مستمر منذ مساء أمس، وسط تهديدات بالتصعيد في حال عدم معالجة المشكلة بشكل عاجل.
الزوراء والزهور
الى ذلك، نظّم العشرات من أهالي منطقة سوق العقيلي في قضاء الزوراء (المعامل) شرق العاصمة بغداد، تظاهرة سلمية احتجاجًا على أزمة شحّة المياه المستمرة، والتي تفاقمت خلال الأيام الماضية دون أي استجابة فعلية من الجهات المعنية.
وقال المتظاهرون إن هذه الوقفة جاءت بعد أن "بحت أصواتهم" بالمناشدات المتكررة إلى مسؤولي قضاء الزوراء، دون تلقي أي حلول عملية أو تحرك جاد، ما اضطرهم إلى النزول إلى الشارع تعبيرًا عن استيائهم من تردي الواقع الخدمي في المنطقة.
وأكد المتظاهرون أنهم حصلوا، عقب التظاهرة، على وعود من الجهات المختصة بحل الأزمة خلال مهلة لا تتجاوز يومين، مطالبين بعودة ضخ المياه إلى سابق عهده. وهددوا في حال عدم الإيفاء بهذا التعهد، بإعادة التظاهرات السلمية وتصعيدها حتى تحقيق المطالب بشكل كامل.
وأضاف الأهالي أن منطقة سوق العقيلي تعاني منذ فترة طويلة من الإهمال الخدمي، نتيجة ما وصفوه بـ"الفساد الإداري والسياسي" في إدارة قضاء الزوراء، محمّلين السياسيين والنواب المحليين مسؤولية التدهور المستمر في الخدمات الأساسية، وعلى رأسها ملف المياه.
وشدد المتظاهرون على أن تحركهم سيبقى ضمن الإطار السلمي، لكنه سيستمر ويتوسع إذا لم تلتزم الجهات المعنية بحل الأزمة التي أثرت بشكل كبير على حياتهم اليومية.
.. وفي منطقتي الحرس والنفط
ونظم العشرات من أهالي منطقة النفط والحرس، في قضاء الزهور (الحسينية) شمال شرق بغداد، وقفة احتجاجية للتنديد بسوء الخدمات وغياب أبسط مقومات الحياة في منطقتهم، التي وصفوها بـ"المنكوبة"، رغم الوعود الحكومية السابقة بتنفيذ مشاريع خدمية فيها.
ورفع المحتجون لافتات تطالب بالكشف عن مصير المبالغ التي خُصصت للمنطقة، مؤكدين أن مبلغًا قدره 65 مليار دينار صُرف من موازنة العام الماضي، دون أن تظهر له أي نتائج ملموسة على الأرض.
وأكد الأهالي أن منطقتهم لا تزال تعاني من غياب الخدمات الأساسية كشبكات الصرف الصحي والماء والكهرباء والطرق، في وقت تستمر فيه الجهات المعنية بتجاهل معاناتهم، ما دفعهم إلى التصعيد والمطالبة بإجابات واضحة حول أسباب تأخير تنفيذ المشاريع.
وطالب المحتجون الحكومة المحلية والرقابية بالتحرك الفوري لمحاسبة المقصرين والكشف عن مصير الأموال المخصصة، مشددين على أن صبرهم بدأ ينفد وأنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم حتى تحقيق العدالة وتحسين واقعهم الخدمي.