اخر الاخبار

سلسلة من التظاهرات الواسعة والمتزامنة، اجتاحت عددا من المحافظات، خلال اليومين الماضيين، والتي نظّمها مزارعون، مهندسون، تربويون، وأطباء، احتجاجًا على سوء الأوضاع الخدمية والمعيشية، وتأخر صرف المستحقات، واستمرار التهميش.

وينذر التجاهل الحكومي وغياب المعالجات الجدية بتصاعد الحراك في حال عدم الاستجابة لمطالب المحتجين.

احتجاجات المزارعين في النجف

وفي محافظة النجف، تظاهر مزارعون وفلاحون من ست محافظات (النجف، كربلاء، الديوانية، السماوة، واسط، والناصرية)، مطالبين بصرف مستحقاتهم المالية وتعويض الأضرار الزراعية التي لحقت بمحاصيلهم نتيجة السيول والبرد خلال الأعوام الماضية.

وطالب المحتجون الحكومة والجهات المعنية بـ"إنصافهم وإنقاذ القطاع الزراعي من التدهور"، ورفعوا مطالب تشمل صرف مستحقات محصولي الحنطة والشلب لعام 2024 نقدًا وبدون تأخير، وإعفاء الفلاحين من القروض الزراعية أو تأجيلها بما يتناسب مع الواقع الزراعي الحالي. كما شددوا على أهمية ضمان الحصص المائية العادلة، ومحاسبة المقصرين في إدارتها، إضافة إلى حسم مصير الزراعة الصيفية في المناطق الشلبية، والاستعداد المبكر للموسم الشتوي.

وجاء في بيان المتظاهرين: "لسنا هنا للشكوى فقط، بل للمطالبة بحقوقنا المشروعة التي يكفلها الدستور، ويقر بها المنطق، ويعترف بها الضمير. إن لم تُحقق هذه المطالب، فإننا نعلن عن خطوات تصعيدية ضمن الأطر القانونية والدستورية".

وأكد المحتجون، أن هذه الوقفة تمثل دفاعًا عن كرامة الفلاح العراقي الذي يعاني، بحسب وصفهم، من "سنوات طويلة من الإهمال والتهميش"، رغم دوره الحيوي في دعم الأمن الغذائي للبلاد.

مهندسو البصرة ينددون بالعنف

وفي محافظة البصرة، نظم عدد من المهندسين والجيولوجيين وقفة احتجاجية أمام مبنى شركة نفط البصرة، تضامنًا مع زملائهم الذين تعرضوا للاعتداء من قبل قوات حفظ النظام خلال تظاهرة سابقة، مطالبين بضمان حقوقهم وتحسين بيئة العمل في المناطق النفطية، خصوصًا شمال البصرة.

ورفع المحتجون لافتات تندد بـ"العنف ضد التظاهرات السلمية"، واعتبروا ما جرى "انتهاكًا واضحًا لحق التعبير والاحتجاج المشروع"، داعين وزارة النفط إلى اتخاذ خطوات فورية لإنصاف الكفاءات الفنية.

وقال مرتضى حافظ، ممثل عن المتظاهرين ان "وقفتنا لمساندة إخواننا المهندسين الذين تعرضوا للضرب من قبل قوات حفظ النظام بسبب تظاهرهم السلمي"، مطالبا وزير النفط بـ"إلقاء نظرة جادة على شريحة المهندسين والجيولوجيين، وخصوصاً في شمال البصرة، حيث يعيشون وسط بحيرات من النفط، لكن حصتهم الوحيدة هي الأمراض السرطانية والتلوث البيئي".

وانتقد حافظ عدم تطبيق قانون التوظيف الذي ينص على أن تكون نسبة العمالة في الحقول النفطية 80% محلية، مؤكدًا أن أبناء البصرة "محرومون من فرص العمل في شركات النفط رغم قربهم من مواقع الإنتاج".

أضرار بيئية وصحية

وفي السياق ذاته، قال المتظاهر محمد مطر: "مطالبتنا اليوم هي الإنصاف. أكملت 18 عامًا من الدراسة خارج البصرة، وعندما عدت لمحافظتي بدأت أعاني من الفشل الكلوي والتلوث، خصوصًا في شمال البصرة، حيث نستنشق السموم يوميًا. لماذا هذا التهميش؟".

ويعاني سكان شمال البصرة من أضرار بيئية وصحية خطيرة ناجمة عن مجاورتهم للحقول النفطية، مع تسجيل ارتفاعات ملحوظة في معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة، وسط مطالبات بتدخل حكومي عاجل لمعالجة الوضع.

3 تظاهرات في المثنى

وشهدت محافظة المثنى حراكًا شعبيًا وخدميًا واسعًا تمثل في اقامة ثلاث تظاهرات متزامنة نظمها مواطنون وكوادر تربوية وأهالي في قضاءي الوركاء والخضر ومدينة السماوة، مطالبين بتحسين الخدمات الأساسية واستحقاقاتهم القانونية.

وفي قضاء الوركاء، احتج العشرات أمام دائرة الكهرباء، مطالبين بتحسين واقع الطاقة الكهربائية، وشكوا ضعف الفولتية وقلة ساعات التجهيز، ما انعكس سلبًا على حياتهم اليومية، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة.

وأكد المحتجون، أن التظاهرات ستستمر لحين تحقيق المطالب، داعين إلى عدالة توزيع مشاريع الكهرباء داخل المحافظة وعدم تهميش مناطقهم.

وفي قضاء الخضر، نظم عدد من الكوادر التربوية وقفة احتجاجية للمطالبة بتخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم، ضمن استحقاقاتهم القانونية والوظيفية، وأكدوا أن مطالبهم ليست جديدة، بل استكمال لتحركات سابقة تطالب بآليات واضحة لتوزيع الأراضي أسوة بزملائهم في أقضية أخرى.

الاستثمارات تهدد منازل المواطنين!

أما في حي الكفاءات وسط السماوة، فقد نظّم العشرات وقفة احتجاجية أمام أحد المجمعات السكنية، رفضًا لاستمرار أعمال مشروع يهدد بإزالة منازلهم القائمة منذ ثمانينيات القرن الماضي، رغم صدور قرار رسمي من مجلس الوزراء بتمليكها للسكان.

ورفع المحتجون لافتات تندد بـ"تجاهل المستثمر للقرارات الحكومية"، مؤكدين أن البلدية استلمت معاملاتهم، لكن المشروع لا يزال يتمدد على حساب أراضيهم.

وقال حيدر منصور، أحد المتضررين: "نسكن هذه المنطقة منذ أكثر من 15 أو 20 سنة، واليوم يريدون إزالة منازلنا رغم قرارات الدولة بتمليكها لنا. هذا ظلم، فنحن أصحاب عوائل ولسنا متجاوزين".

بدوره، أوضح عباس كريم أن المستثمر يحاول فتح شارع داخل المشروع على حساب منازلهم، مشيرًا إلى أن الجهات الرسمية لم تُخطر السكان رسميًا، فيما تم تأشير بعض المنازل للهدم دون علمهم.

أما ثائر محسن، أحد سكان الحي منذ السبعينيات، فأكد أن المستثمر الذي جاء قبل 6 أشهر فقط "يحاول تشريدنا دون حتى عقد اجتماع معنا أو مع البلدية، والشخص الذي أشار إلى منازلنا بالهدم لا تعرفه الجهات الرسمية".

وطالب الأهالي الجهات المعنية بوقف المشروع، وتنفيذ قرارات التمليك الصادرة رسميًا، ملوّحين بمواصلة الاحتجاجات.

أطباء السليمانية وأربيل

وفي مدينة السليمانية، نظّم عدد من الأطباء غير المعيّنين وقفة احتجاجية أمام مستشفى "شار"، بالتزامن مع إضراب للعاملين احتجاجًا على تأخر صرف رواتب شهر أيار، وسط تحذيرات من تدهور إضافي في القطاع الصحي.

وطالب المحتجون بتوفير تعيينات عاجلة للأطباء غير المعيّنين، وصرف الرواتب في مواعيدها، وإصلاح نظام التنسيق الطبي داخل المؤسسات، وتحديث القوانين الإدارية بما يضمن الشفافية والكفاءة، وإلغاء البيروقراطية التي تعرقل تطور القطاع الصحي.

وأكد رهيل أحمد، ممثل الأطباء المحتجين، خلال مؤتمر صحفي، أن مطالبهم "مهنية بحتة" وليست سياسية أو فئوية، داعيًا الحكومة إلى التحرك لإنهاء الأزمة المستمرة في التوظيف وتحسين بيئة العمل الطبي في الإقليم.

وشهدت أربيل أيضًا تجمعًا لعدد من الأطباء المقيمين وخريجي الكليات الطبية للمطالبة بفرص عمل وتعيينات عاجلة، في ظل أزمة خانقة تضرب القطاع الصحي في الإقليم.

وتشير موجة الاحتجاجات المتزامنة في عدة محافظات إلى تصاعد الغضب الشعبي واحتقان الفئات المتضررة من السياسات الحكومية، وسط تحذيرات من اللجوء إلى خطوات تصعيدية أكبر في حال عدم الاستجابة للمطالب.

وتلتقي مطالب المتظاهرين برغم تنوع قطاعتهم بين الزراعة، والتعليم، والطاقة، والصحة، عند نقاط مركزية أبرزها: التهميش، غياب العدالة في التوزيع، التأخير في صرف المستحقات، وانعدام التخطيط الحكومي الفاعل.

عرض مقالات: