اخر الاخبار

في ظل تدهور الوضع الصحي وتراجع الخدمات الطبية، واشتداد الصعوبات الاقتصادية لمعظم العوائل، تزداد معاناة النساء من الأمراض المزمنة مثل الضغط، والسكري، وأمراض القلب، وتتفاقم جراء الإهمال الحكومي وغياب الرعاية الصحية الكافية. في هذا التقرير، نسلط الضوء على قصص مؤلمة لنساء يعانين من هذه الأمراض وسط صعوبات الحصول على العلاج والدواء المناسبين.

أمراض مزمنة تفتك بالنساء

تشير الإحصاءات المحلية إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة بين النساء في العراق، خاصة في ظل انتشار العوامل المساعدة مثل سوء التغذية، والتوتر النفسي الناجم عن الظروف المعيشية الصعبة، وضعف الرعاية الصحية الوقائية. وتقول منظمة الصحة العالمية إن "أكثر من 40 في المائة من الوفيات في العراق تعود لأسباب مرتبطة بأمراض القلب والضغط والسكري".

شهادات مؤلمة من متضررات

المواطنة سعاد أم علي، 55 عاما، من بغداد، تعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم منذ عشر سنوات، تقول لـ "طريق الشعب" بمرارة: "كل شهر أضطر لشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة لأن الأدوية الحكومية إما غير متوفرة أو رديئة الجودة، فيما لا يكفي راتب الرعاية الاجتماعية الذي أتقاضاه لشراء كل الاحتياجات الطبية، وأحيانا أضطر لتقليل جرعات الدواء حتى أوفر النقود لشراء حاجيات أساسية لمنزلي".

أما المواطنة سميرة حسن، 47 عاما، من البصرة، والتي تعاني من قصور في القلب، فتشكو من نقص المستشفيات المتخصصة وتقول "أضطر للسفر إلى بغداد كل شهر للمتابعة لأن المستشفيات في محافظتنا تفتقر إلى الرعاية الصحية اللازمة. الحجز لدى الأطباء المختصين بأمراض القلب ليس سهلا، وحتى الفحوصات البسيطة مثل تخطيط القلب غير متوفرة في كثير من المراكز الصحية الحكومية، ما يضطر المرضى إلى التوجه للقطاع الخاص الذي يوفر خدمات متقدمة ولكن بأسعار مرتفعة".

وفي كربلاء، تواجه المواطنة زهراء محمد، 60 عاما، معاناة يومية مع مرض الضغط والكلى، وتقول لـ "طريق الشعب": "لا توجد رعاية صحية حقيقية لكبار السن. أنا أعاني من آلام مستمرة، ولا يوجد سوى مسكنات مؤقتة، حتى التحاليل الطبية مكلفة ولا يمكنني إجراؤها بانتظام".

نقص الأدوية وتدني الخدمات الطبية

وقد أكد لنا عدد من الأطباء أن النظام الصحي في البلاد يعاني من خلل كبير في توفير الأدوية الأساسية للأمراض المزمنة. ففي هذا السياق، يقول طبيب اختصاص أمراض باطنية - فضل عدم ذكر اسمه - لـ "طريق الشعب": "الكثير من المرضى، خاصة النساء، لا يحصلون على العلاج المناسب بسبب الفساد الإداري وضعف التوزيع. بعض الأدوية الأساسية مثل الإنسولين وأدوية الضغط تصل بكميات محدودة وغير كافية أو تنتهي صلاحيتها بسبب سوء التخزين".

وتضيف سهاد عباس، وهي ممرضة: "العديد من النساء يأتين إلى المستشفى وهن في حالة حرجة لأنهن لم يحصلن على العلاج المبكر. بعضهن لا يستطعن دفع تكاليف العلاج في العيادات الخاصة، فيتم إعطاؤهن مسكنات دون حل جذري لمشكلتهن الصحية".

مطالبات بتحسين الخدمات الصحية

ويطالب نشطاء بتحسين الخدمات الصحية وتوفير الأدوية مجانا للذين يعانون من الأمراض المزمنة، خاصة النساء اللواتي يرهق كاهلهن الوضع الاقتصادي الصعب، حيث تطالب الناشطة سارة الراوي الحكومة "بإنشاء مراكز متخصصة لأمراض السكري والقلب في جميع المحافظات، وتوفير فحوصات دورية مجانية". وتضيف "معاناة النساء من الأمراض المزمنة تزداد يوميا وسط غياب الرعاية الصحية الفعالة وارتفاع تكاليف العلاج، فضلا عن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد، والتي تفاقمت بسبب التعديلات غير المنصفة لقانون الأحوال الشخصية".

إن قصص هؤلاء النساء ليست مجرد أرقام، بل هي مؤشر على أزمة إنسانية تحتاج إلى تدخل عاجل من الحكومة والمنظمات الدولية قبل أن تتحول المأساة إلى كارثة صحية لا يمكن السيطرة عليها.

عرض مقالات: