اخر الاخبار

في وقت تشير فيه البيانات الرسمية إلى تراجع معدلات البطالة في العراق، يكشف الواقع عن صورة مغايرة تماماً، تعكس اتساع أزمة العمل وتزايد أعداد الباحثين عن فرص وظيفية.

ويعكس التزاحم غير المسبوق على وظائف العقود، كما حصل مع عقود محافظة بغداد، حيث بلغ عدد المتقدمين للتعيين بصفة عقد قرابة نصف مليون شخص، يعكس حجم الواقع المّر ويغالط الارقام الحكومية.

نصف مليون طلب تعيين!

 وقد علّق عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، الرفيق ياسر السالم، على إعلان رئيس الحكومة انخفاض معدلات البطالة، قائلاً: "اعلنت محافظة بغداد ان عدد المتقدمين للتعيين بصفة - عقد - بلغ ما يقارب 500 الف او (نصف مليون) متقدم. ‏بينما اعلن رئيس الوزراء محمد السوداني، انخفاض نسبة البطالة الى 13 في المائة".

نتائج مسح عام كامل

في هذا الشأن، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن "المؤشرات التي أعلنتها الوزارة بشأن معدلات الفقر والبطالة استندت إلى نتائج المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسر في العراق، الذي نُفذ خلال عام 2024، وامتد على مدار سنة كاملة بدءًا من نهاية عام 2023 وحتى أواخر 2024".

وقال الهنداوي في تصريح لـ"طريق الشعب"، أن هذا المسح "شمل جميع المحافظات العراقية، ونفذ على مستوى الأقضية، حيث تمّت زيارة العوائل المشمولة أكثر من خمس مرات خلال فترة تنفيذ المسح، ما أتاح جمع بيانات دقيقة وشاملة حول واقع الإنفاق، وفرص العمل، وعدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى".

وأشار إلى أن المسح أُجري "وفق معايير دولية، وبالتعاون مع البنك الدولي، الأمر الذي يعزز من موثوقية نتائجه، ويجعلها معبرة عن الواقع الفعلي بشكل كبير".

وبيّن الهنداوي أن "نتائج المسح أظهرت انخفاض نسبة البطالة من 16.5 في المائة إلى 13 في المائة خلال عام 2024"، مشيرًا إلى أن "هذا التراجع يعكس تحسناً في مؤشرات النمو الاقتصادي مقارنة بالسنوات السابقة، لاسيما عام 2020 وما قبله".

فجوة بين الأرقام والواقع

من جهته، قال رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، جليل اللامي، إن إعلان الحكومة العراقية عن انخفاض معدلات البطالة قد يبدو للوهلة الأولى مؤشراً إيجابيًا، إلا أن المعطيات الميدانية وردود فعل الشارع تعكس واقعاً مغايراً تماما.

وأضاف في حديثه مع "طريق الشعب"، أن “رغم ما أعلنته الجهات الرسمية من تراجع نسبة البطالة إلى 13 في المائة، إلا أن التقديرات المستقلة والمنظمات غير الحكومية تشير إلى أن النسبة الحقيقية – لاسيما بين الشباب – تتجاوز 15 في المائة وقد تصل إلى أكثر من 25 في المائة في بعض الفئات، خصوصاً لدى خريجي الجامعات".

وأوضح اللامي أن عدد العاطلين عن العمل في العراق، وفق تقديرات وزارة التخطيط أواخر عام 2023، يتراوح بين مليوني إلى 2.5 مليون شخص، من بينهم أكثر من 800 ألف خريج جامعي، ويشكل خريجو كليات التربية، الهندسة، الزراعة، والعلوم النسبة الأكبر بينهم".

وأشار  إلى أن وزارة التخطيط وجهاز الإحصاء المركزي اعتمدا في بياناتهما على مسوحات ميدانية وعينات سكانية، أظهرت أن البطالة انخفضت الى هذه النسبة، غير أن هذه البيانات – بحسب اللامي – “لا توضح بشكل كافٍ منهجية القياس، أو الشرائح التي شملتها الإحصاءات، وهو ما يثير تساؤلات حول شمولية الأرقام ودقتها”.

وتابع قائلاً انه “لا يمكن تجاهل أن الكثير من فرص التشغيل التي تشير إليها الحكومة مؤقتة أو ترتبط بعقود غير مستقرة، ولا توفّر أمانًا وظيفيًا أو ماليًا حقيقيًا. كما أن نسبة كبيرة من القوى العاملة، خصوصًا في المناطق الفقيرة والهامشية، تظل خارج نطاق المسوحات الرسمية".

وانتقد اللامي اعتماد الحكومة على ما وصفه بـ”حلول جزئية”، مثل برامج التشغيل المؤقت والقروض الصغيرة، قائلاً إن “هذه المبادرات لم تحقق أثراً مستداماً على واقع البطالة، في ظل ضعف المتابعة وغياب البنى التحتية الكفيلة بدعم ريادة الأعمال".

واختتم حديثه بالقول ان “توقيت إعلان هذه المؤشرات، قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، يثير تساؤلات مشروعة حول دوافعها، وما إذا كانت جزءًا من حملات دعائية سياسية. فالواقع اليومي الذي يعيشه المواطنون من بطالة وتهميش لا يمكن تغطيته بأرقام، مهما بدت متفائلة".

عرض مقالات: