اخر الاخبار

شهدت عدة محافظات خلال الأيام الماضية تصاعدًا لافتًا في حدة الاحتجاجات الشعبية، نتيجة التردي الكبير في الخدمات الأساسية لا سيما الكهرباء والماء، وغياب واضح للحلول الحكومية، ما يعكس حالة من الإحباط والغضب لدى المواطنين الذين يرزحون تحت درجات حرارة خانقة وأزمات متراكمة.

تابوت "الكهرباء" في الكوفة

في حي الفرات بقضاء الكوفة وسط مدينة النجف، خرج العشرات من الأهالي بتظاهرة احتجاجية على الانهيار المستمر في منظومة الكهرباء.

وحمل المحتجون "تابوتًا رمزيًا" يجسد "موت الكهرباء" في المحافظة، في مشهد رمزي عبّر عن حجم السخط الشعبي.

ويأتي هذا التحرك ضمن موجة غضب شعبية عارمة تضرب محافظات الجنوب ومناطق متفرقة من البلاد، منذ أكثر من أسبوع، تزامنًا مع موجة حر شديدة تقابلها خدمات كهربائية متدهورة، لا تفي بالحد الأدنى من احتياجات المواطنين.

اغلاق الطرق

وفي محافظة الديوانية، أقدم أهالي قضاء عفك على إغلاق الطريق الحيوي الرابط بين المحافظة والمحافظات الجنوبية، معربين عن استيائهم من تراجع ساعات تجهيز الكهرباء، وتردي الخدمات الأساسية، لا سيما المياه الصالحة للشرب.

وأشعل المحتجون إطارات السيارات لغلق الطريق، مطالبين بحلول عاجلة ترفع معاناتهم المستمرة، لا سيما في القرى والأطراف المحرومة.

احتجاج على حصة "الكاز"

وفي محافظة ميسان، نظم عدد من أصحاب المولدات الأهلية في مدينة العمارة، وقفة احتجاجية أمام مبنى دائرة توزيع كهرباء ميسان، احتجاجًا على قرار تقليص حصة مادة الكاز المجاني المخصص لتشغيل المولدات، بالتزامن مع تقليل سعر الأمبير وزيادة ساعات التشغيل.

وأكد المشاركون، أن الحصة الحالية البالغة 45 لترًا لكل مولدة بسعة 1 KV، لا تكفي لتغطية التشغيل لمدة 12 ساعة يوميًا، ومع ذلك يتحملون تبعات نقص الوقود دون دعم حكومي أو تعويض.

وأشاروا إلى توجه جديد لتقليص الحصة إلى 30 لترًا، مع اقتصار التسليم على مرتين شهريًا من مستودعات بعيدة، ما يشكل عبئًا إضافيًا.

المحتجون حذروا من أن النقص في الوقود قد يؤدي إلى تعطل المولدات وتوقفها، ما يجعلهم عرضة للمساءلة من الجهات الرقابية دون توفير بدائل أو حلول، وهو ما يعمّق الأزمات التي يعيشها المواطن.

مشاريع تجارية

وفي محافظة البصرة، شهد حي الرضا وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات رفضًا لمشروع تجاري يُخطط له على الجزرة الوسطية المحاذية لشارع شركة نفط البصرة، حيث يسعى شخص مجهول الهوية إلى إقامة محال تجارية في الموقع.

السكان أعربوا عن استغرابهم من استهداف الموقع الذي كانوا يأملون أن يتحول إلى متنفس أخضر، كما هو الحال في مناطق أخرى.

وحذر بعضهم من وجود أنابيب نفطية مدفونة في الأرض، داعين إلى تحقيق قانوني وهندسي عاجل لمعرفة صلاحية الأرض للبناء وكشف الجهات التي تقف خلف المشروع.

أزمة مياه خانقة

وفي شمال البصرة، خرج العشرات من أهالي قضاء الصادق في وقفة احتجاجية حاشدة ضد أزمة المياه وتوقف مشاريع الإسالة، مطالبين الحكومة بالتدخل خلال 48 ساعة، وإلا سيقومون بإغلاق محطة حقن الماء التابعة لحقل غرب القرنة 1.

وكشف علاء المنصوري، ممثل حراك الصادق الشعبي، عن تلوث مياه الإسالة في منطقة الرحمانية، بسبب كتلة مائية مجهولة المصدر في نهر الفرات، فيما لا تفي الحوضيات التابعة لوزارة النفط بحاجة السكان حتى لمياه الغسل.

وحمّل المتظاهر علي عبد النبي الحكومة مسؤولية التردي، متسائلًا بغضب: "هل نحن مهجرون؟ هل نحن في قطاع غزة؟ خمس حوضيات تنقل ماء غير صالح حتى للغسل لمناطق نفطية؟ أين المسؤولون من هذه المأساة؟".

"الدسيم" تطالب بالحقوق

وفي العاصمة بغداد، تظاهر العشرات من سكان منطقة الدسيم بمدينة الصدر، احتجاجًا على تدهور أوضاعهم المعيشية والخدمية. السكان اشتكوا من قلة الكهرباء، وتراكم النفايات، وغياب شبكة المجاري، ما تسبب في انتشار روائح كريهة وتفشي الأمراض.

ويعتمد سكان المنطقة على مدرسة كرفانية واحدة بنظام الدوام الثلاثي، وسط غياب شبه تام للمراكز الصحية والماء الصالح للاستخدام.

وأشار علي موري، أحد السكان، إلى زيارة محافظ بغداد السابقة دون أي نتائج.

وتساءل عن سبب تجاهل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمنطقتهم خلال زيارته الأخيرة.

جبار المحمداوي أشار إلى رداءة المياه القادمة من مضخات قريبة، مؤكدًا أن لا وجود لمراكز صحية. أما كريم حمدان فقد أكد أن غالبية سكان المنطقة من عوائل الشهداء من القوات الأمنية والحشد الشعبي، متسائلًا: "هل هذه مكافأتنا؟".

في ختام تظاهراتهم، أكد المحتجون في مختلف المناطق أنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم، ملوحين بتصعيد الاحتجاجات ونقلها أمام مجالس المحافظات إذا لم تستجب السلطات لمطالبهم المشروعة، وعلى رأسها تحسين الخدمات، وتوفير الكهرباء والماء، وإزالة النفايات، وتأهيل البنى التحتية.

وتتزامن هذه التحركات مع استمرار صمت الحكومة وعدم تقديم أية حلول ملموسة، ما يزيد من حجم الغضب الشعبي، وسط تساؤلات ملحة حول مدى جدية الجهات المعنية في معالجة الأزمات المتراكمة في الجنوب والعاصمة، والتي لم تعد تحتمل المزيد من التسويف والتجاهل.

عرض مقالات: