اخر الاخبار

اثار قرار وزارة التعليم العالي ببيع كلية الزراعة بعد أعوام من نقلها الى جامعة بغداد في الجادرية، تساؤلات عديدة حول جدية تصريحات المعنيين في الوزارة حول اهتمامهم بالرصانة التعليمية. فيما عده ناشطون قرارا يستهدف البنى التحتية للقطاع التعليمي. وتعتبر كلية الزراعة من الصروح العلمية التي لها تاريخ يمتد الى عقود طويلة، حيث تم تأسيسها في العام 1952، بينما يقاسي طلبتها الان معاناة كبيرة بسبب نقل الكلية الى جامعة بغداد، وعدم كفاية المباني. وفي هذا الصدد اجرت “طريق الشعب” حوارا مع طلبة ناشطين ومصدر من داخل الكلية، تحدثوا لنا عن موقفهم من هذا القرار.

رفض وتحذير 

وقال عضو اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق أيوب عبد الحسين في حديث لـ”طريق الشعب”، “بات واضحاً توجه وزارتي التربية والتعليم العالي، في خصخصة المنشآت التعليمية والغاء مجانية التعليم ايضاً، ونلاحظ في الآونة الاخيرة تصاعد حالات بيع المباني التعليمية من جامعات ومدارس الى المستثمرين”.

واكد “نحن الان بحاجة ماسة الى توسيع وتطوير البنى التحتية التعليمية لاستيعاب الزيادة الحاصلة في عدد الملتحقين بسلك التعليم سنوياً”، مشددا على ضرورة مواجهة “تغلغل الفاسدين في وزارتي التربية والتعليم، اذ ان كل المباني التي يتم عرضها للاستثمار، تباع الى مستثمرين مرتبطين بجهات سياسية معروفة في ايغالها بالفساد، وما حدث في كلية الزراعة في جامعة بغداد خير مثال على ذلك”. 

واكد عبد الحسين في حديثه على “نحن في اتحاد الطلبة العام نرفض وبشدة هذه الممارسات، التي تتعارض مع الدستور والقوانين النافذة، ونحذر من التداعيات الخطرة على العملية التعليمية ومغبة الاستمرار بهذا النهج، ونتساءل على أي الاسس القانونية تتم هذه الإجراءات، ونطالب الجهات المعنية بالعدول عن هذه الاجراءات الخطرة، وعلى الحكومة فتح تحقيق عاجل مع القائمين على هذه العملية ومحاسبتهم”.

ملفات فساد

وكشف مصدر مطلع لمراسل “طريق الشعب”، عن ملابسات القضية التي تم التحضير لها قبل خمس سنوات قائلا: “بدأ الحديث عن نقل الكلية قبل سنة من دخول تنظيم داعش الى العراق”، مشيرا الى ان عمادة الكلية تبرر الموضوع “بهدف التوسيع وإقامة المشاريع، على الرغم من ان الحجة أصبحت في ما بعد هي بداعي الخوف على الطلبة من تنظيم داعش”. 

وأضاف المصدر الذي طلب حجب هويته: انه جرت محاولات ضغوطية على عميد الكلية السابق حمزة الزبيدي من اجل الموافقة على قرار نقل الكلية الى جامعة بغداد، لكنه لم يرضخ لتلك الضغوطات، بالتالي تمت تنحيته من منصبه وتنصيب عميد آخر”.

ولاحظ المصدر، ان هناك مجاميع كانت تعمل على تحريض الطلبة من اجل الخروج للتظاهر في حال لم تتم الموافقة على قرار النقل. 

واكد المصدر، ان “كلية الزراعة تستحوذ عليها جهة سياسية متنفذة، وملفات الفساد فيها كثيرة حين كانت بناية الكلية في أبو غريب”، موضحا ان واحدا من تلك الملفات هو البساتين العديدة التي تضم كل أنواع التمور لتدريب وتدريس الطلبة، حيث تم الاستحواذ على البساتين بحجة بناء مجمع سكني، وان صاحب المشروع هو شخصية تابعة لنفس الجهة السياسية المتنفذة، علما أنهم لا يمتلكون سندات ملكية”.

وأشار الى ان “السرقة لم تتوقف على البساتين، بل طالت مفاصل الكلية الاخرى، التي تقدر أسعارها بالملايين، وكانت تفتح لجان تحقيقية وتغلق، وتم استدعاء عميد الكلية من قبل النزاهة، لكن الملف أغلق في ما بعد”.

اعتقال وتخويف 

ويزيد المصدر في حديثه “بعد تنحية العميد الزبيدي، أصبح الحديث عن نقل الكلية واقعا، وكانت الحجج تافهة، بعضهم يقول نريد “تشييع” الكلية والآخر يتحجج بداعش، وان الطلبة الشيعة لا يرغبون في التقديم على الكلية لأنها تقع في أبو غريب. الكثير من الأساتذة كانوا ممتعضين من التلويح بقرار النقل، وكان من يتحدث بالضد من القرار يتم اعتقاله وتم بالفعل اعتقال 4 اساتذة وقفوا ضد القرار، وتم احتجازهم في الفرقة القريبة على الكلية، وبعد 3 ايام أفرج عنهم”.

ويقول المصدر ان “من يؤيد قرار النقل يتم منحه منصبا، ومن يعارضها تتم محاربته”. 

ويبين المصدر، ان “ما يحدث الان هو مهزلة حقيقية؛ اذ ان 14 قسما حصرت ببنايتين منفصلتين عن بعض، ومتباعدتين، ولا تكفيان لان تغطيا اقسام الكلية، مثل قسم المحاصيل، قسم الثروة الحيوانية، قسم البستنة وقسم الصناعات وقسم المكننة وقسم التربة وقسم التصحر وقسم الاقتصاد وقسم الإرشاد الزراعي وقسم وقاية المزروعات”، لافتا الى ان هناك 20 طلبا قدمت من طلبة الدراسات العليا الى البرلمان من اجل التدخل، لكنها لم تلق اية استجابة.

رصانة ولكن!

من جانبه، قال الناشط محمد علي ان “المشكلة لا تقتصر اليوم على كلية الزراعة فقط بل بدأت تتوسع أكثر، فقد تم بيع مدرسة في منطقة الغدير الى مستثمر قبل أيام معدودة بعد فشل وزارة التربية في تذويب مدرستين ابتدائيتين فيها، وتم تجاهل مصر التلاميذ الذين يبلغ عددهم أكثر من 530 طالبا الى جانب 32 معلما”.

ولفت الى انه “دائما ما نسمع تصريحات لمسؤولين في الوزارتين عن الرصانة في العملية التعليمية لكن ما نراه على ارض الواقع يستهدف الرصانة بشكل مباشر، ويناقض تلك التصريحات، وحتى قرارات الوزارتين على مدار 4 سنوات هي دائما ما تكون بالضد من مصلحة الطالب”.

عرض مقالات: