شهد عدد من المحافظات العراقية هذه الأيام سلسلة من الاحتجاجات والتظاهرات من قبل الموظفين والعمال الذين عبروا عن استيائهم من الأوضاع المعيشية والوظيفية التي يعانون منها.
وتضمنت مطالبهم الرئيسة تثبيتهم على الملاك الدائم وصرف رواتبهم المتأخرة وتحسين الظروف المعيشية من خلال توزيع الأراضي السكنية وتعديل الرواتب.
موظفو شركة النسيج
في محافظة بابل وتحديدًا في مدينة الحلة، نظم العشرات من موظفي الشركة العامة لصناعة النسيج وقفة احتجاجية أمام مبنى المعمل مطالبين بحقوقهم المشروعة. أبرز هذه المطالب كان توزيع الأراضي السكنية العائدة للشركة بشكل عادل بين الموظفين، وتحسين سلّم الرواتب بما يتناسب مع سنوات خدمتهم التي تجاوزت 25 و30 عامًا.
وأكد الموظفون، أن أرضًا بمساحة 27 دونمًا تعود ملكيتها للشركة كانت مخصصة لتوزيعها على العاملين، إلا أن إجراءات قضائية تحركت من قبل جهات دينية حالت دون تنفيذ هذا المشروع منذ سنوات. واشتكى الموظفون من عدم امتلاكهم لسكن، حيث أنهم يعيشون في الإيجار رغم وجود أراضٍ يمكن أن تُحل بها الأزمة.
وناشد نضال الهادي جاسم، أحد المحتجين، رئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ووزير الصناعة بالتدخل العاجل لإنصافهم، مؤكدًا أن العديد من الموظفين خدموا لسنوات طويلة دون أن يحصلوا على حقوقهم المشروعة. وفي تصريحات أخرى، عبرت إحدى الموظفات عن معاناتها منذ عام 1986، وقالت: "لا أملك بيتًا، وابني الذي يدرس في الجامعة يقول لي: إذا ما صار عندي بيت ما أقدر أتزوج".
من جانب آخر، أشار أسامة إبراهيم حسن إلى تدني الرواتب التي لا تتجاوز 600 ألف دينار شهريًا، رغم خدمتهم الطويلة، مؤكدًا أن العديد من الموظفين في دوائر أخرى يحصلون على رواتب تتجاوز المليون دينار.
عدم تنفيذ الوعود
في البصرة، أكد الشيخ علاء المنصوري، أحد ممثلي المحتجين في شمال البصرة، أن الجمعة المقبلة ستشهد تجدد التظاهرات في قضاء المدينة، احتجاجًا على فشل التفاوض وعدم الوفاء بالوعود التي تم تقديمها من قبل المسؤولين، لا سيما النائب الأول لمحافظ البصرة زيد الأمارة.
وأوضح المنصوري أن الثقة مفقودة بين الأهالي والمسؤولين بسبب تكرار الوعود دون تنفيذها. كما أشار إلى أن القوات الأمنية فتحت مبنى القائممقامية في قضاء المدينة تحسبًا لأي احتكاك مع المتظاهرين.
احتجاج واسع
المثنى أيضًا شهدت تظاهرات واسعة نظمها المعلمون والمدرسون أصحاب العقود، حيث طالبوا بتثبيتهم على الملاك الدائم وصرف رواتبهم المتأخرة منذ أكثر من 50 يومًا، إضافة إلى زيادة رواتبهم الحالية التي لا تتجاوز 300 ألف دينار. وأشار المحتجون إلى أن أغلبهم يعملون في مناطق ريفية نائية ويضطرون إلى دفع تكاليف إضافية تصل إلى 100 ألف دينار شهريًا كأجرة وسائل النقل.
لفته مدلول، مسؤول تنسيقية العقود في المثنى، أكد أن التظاهرات ستستمر حتى تحقيق المطالب المشروعة، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات السابقة لم تُؤتِ ثمارها، وأن المتظاهرين يرفعون صوتهم مجددًا لمحاسبة المسؤولين عن تأخير الرواتب.
وفي سياق متصل، نظم عدد من مواليد "التسعينات" في المثنى وقفة احتجاجية للمطالبة بشمولهم بعقود وزارة الداخلية. وأكد المحتجون أن شمولهم بالعقود سيقلل من نسب البطالة في المحافظة ويعزز الاستقرار الاجتماعي والمعيشي، خصوصًا في ظل غياب فرص العمل.
التصعيد وارد
وأكد المحتجون من مختلف الأطراف أنه في حال استمرار التجاهل الرسمي لمطالبهم، فإنهم سيصعدون من احتجاجاتهم، وقد يشمل التصعيد قطع الطرق أو تنظيم اعتصامات أمام مباني الحكومة المحلية. وتستمر هذه الاحتجاجات في إطار مطالب مشروعة لتحسين أوضاع الموظفين في القطاع الحكومي، سواء عبر تحسين الرواتب أو توفير الأراضي السكنية أو شمول فئات معينة بالعقود الحكومية.
إن هذه الاحتجاجات تمثل صرخة للعديد من الموظفين والعمال في محافظات عراقية مختلفة، الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة والتي تتمثل في تحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية.