اخر الاخبار

يشهد العراق منذ أيام موجة احتجاجات متصاعدة، يقودها موظفون وعمال وخريجون ومزارعون في عدد من المحافظات، تعبيرًا عن استيائهم من قرارات حكومية وصفوها بـ"المجحفة"، واحتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية، وتنامي البطالة، ومحاولات خصخصة قطاعات حيوية.

وتنوعت مطالب المحتجين بين التثبيت على الملاك الدائم، ورفض النقل الإجباري، والمطالبة بالتعيين، وبتوحيد أسعار المحاصيل، ورفض خصخصة الإنتاج الوطني، لتكشف هذه التحركات عن أزمة شاملة في العلاقة بين الحكومة والفئات العاملة والتعليمية والزراعية.

موظفو شركة الأسمدة يرفضون الخصخصة

وتظاهرت الكوادر الإدارية والفنية في الشركة العامة لصناعة الأسمدة في خور الزبير، جنوب محافظة البصرة، احتجاجًا على ما وصفوه بمحاولات إحالة خط الإنتاج الثاني لسماد اليوريا إلى إحدى الشركات الاستثمارية.

وشهدت التظاهرة مشاركة واسعة من موظفي الشركة، الذين عبّروا عن رفضهم التام لأي خطوة تهدف إلى تسليم خطوط الإنتاج للقطاع الخاص، معتبرين ذلك تفريطًا بالإمكانات الوطنية وقدرات الكوادر المحلية.

وجدد المتظاهرون مطالبهم بضرورة وقف إجراءات الاستثمار، وزيادة المخصصات المالية والرواتب، وشمولهم بمنح قطع الأراضي السكنية كجزء من حقوقهم الوظيفية.

يُذكر أن خط الإنتاج الأول، الذي تبلغ طاقته ألف طن يوميًا من سماد اليوريا، قد أُحيل للاستثمار لصالح شركة "تربل إي" البريطانية في عام 2019، ودخل الخدمة مجددًا في عام 2023. فيما لا يزال الخط الثاني، بنفس الطاقة الإنتاجية، يُدار من قبل كوادر الشركة، وسط أنباء عن وجود مساعٍ لإحالته هو الآخر إلى الاستثمار.

وطالب المتظاهرون بإعادة تأهيل الشركة وضمان استئناف الإنتاج المحلي بالكامل، مؤكدين أن دعم الصناعة الوطنية في هذا القطاع الحيوي يُعد خطوة أساسية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسمدة.

عمال حقل الأحدب يحتجون

وفي تظاهرة أخرى، نظم عمال حقل الأحدب النفطي في محافظة واسط وقفة احتجاجية أمام بوابة وزارة النفط في بغداد، احتجاجًا على ما وصفوه بتجاهل مطالبهم العادلة التي يكفلها قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم 18 لسنة 2023.

وانطلقت التظاهرة من واسط في الرابعة فجرًا عبر قافلة كبيرة من العجلات التي حملت لافتات تعبر عن المطالب، ووصلت إلى بغداد حيث بدأ التجمع في الثامنة صباحًا.

وتضمنت المطالب إلغاء عقد "شركة البلد الأمين" لعدم التزامها بحقوق العمال واتهامها بالفساد، والالتزام بالتحاسب الضريبي ودفع اشتراكات الضمان الاجتماعي، وتثبيت عمال العقود، وتحديد ساعات العمل بـ8 ساعات مع احتساب الإضافية، فضلاً عن معالجة الانبعاثات الغازية وتعويض المتضررين منها.

وردد المتظاهرون شعارات نددت بالفساد وتسويف المطالب، ملوّحين بتصعيد الاحتجاجات من خلال الاعتصام وقطع الطريق في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

موظفو الصحة يرفضون النقل الإجباري

وفي العاصمة بغداد، نظم العشرات من موظفي وزارة الصحة وقفة احتجاجية أمام مبنى الوزارة، رفضًا لقرار نقلهم الإجباري إلى وزارة البيئة، مطالبين بجعل هذا النقل اختياريًا. ورفع المحتجون لافتات تضمّنت مناشدات موجهة إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزير الصحة صالح الحسناوي، تدعو إلى إلغاء قرار نقل الاختصاصات البيئية إلى وزارة البيئة، مؤكدين أن الوزارة لا تزال بحاجة إلى خدماتهم التخصصية. وأشار الموظفون إلى أن عددهم يتجاوز 1520 موظفًا، وقد صدر قرار نقلهم دون أخذ رأيهم أو منحهم خيار البقاء، برغم أن لديهم خبرات تمتد من 3 إلى 4 سنوات في مجالات متعددة، مثل الصحة العامة، الأمراض الانتقالية، مكافحة العدوى، تعزيز الصحة، الجودة، مكافحة الأوبئة، والإدارة. كما أكدوا أن النقل الإجباري تترتب عليه آثار سلبية ومادية بسبب اختلاف الموقع الجغرافي وطبيعة المخصصات، مطالبين بإلغاء القرار والسماح لهم بالبقاء ضمن ملاك وزارة الصحة.

حملة الشهادات العليا

وفي منطقة العلاوي وسط بغداد، خرج العشرات من حملة الشهادات العليا والخريجين الأوائل بتظاهرة مطالبين بإطلاق تعييناتهم ضمن الوجبة الثالثة التي يطلقها مجلس الخدمة الاتحادي. وطالب المتظاهرون رئيس الوزراء بالتدخل العاجل لحل مشكلة "الكودات"، وهي الأرقام السرية التي تؤهل الخريجين للتقديم على التعيينات، والتي لم يحصل عليها عدد كبير من المحتجين بسبب تأخر إصدارها من وزارة التعليم العالي. كما دعوا وزارة المالية ومجلس الخدمة إلى إكمال تعيين ما تبقى من الدرجات الوظيفية المخصصة، مشيرين إلى أن تأخير الوجبة الثالثة قد أثر بشكل مباشر على فرص التوظيف برغم استيفائهم لكل الشروط القانونية. ويُعرف هؤلاء المحتجون إعلاميًا باسم "خريجي بلا كود"، بسبب عدم تزويدهم بالأكواد الإلكترونية الخاصة بالتقديم، ما فاقم من أزمة البطالة في صفوفهم.

فلاحون يحتجون على خفض أسعار تسويق الحنطة

أما في قضاء الرفاعي بمحافظة ذي قار، فنظم العشرات من الفلاحين والمزارعين تظاهرة سلمية أمام شعبة الزراعة احتجاجًا على قرار خفض سعر تسويق محصول الحنطة المزروع خارج الخطة الزراعية.

وطالب المتظاهرون بتوحيد السعر بين الحنطة المزروعة ضمن الخطة وخارجها، معتبرين أن السعر المحدد للحنطة خارج الخطة (450 ألف دينار للطن) لا يتناسب مع تكاليف الزراعة، مقارنة بسعر الحنطة ضمن الخطة (800 – 850 ألف دينار للطن)، ما يسبب خسائر كبيرة للفلاحين. وأشار المتظاهرون إلى أن الموسم الحالي شهد جهودًا كبيرة رغم تحديات المياه والتمويل، وأن المواسم السابقة كانت تشهد توحيد الأسعار دون تمييز، مطالبين بتطبيق نفس السياسة لدعم استمرار الإنتاج الزراعي المحلي.

خريجو ديالى يطالبون بفرص عمل

وفي محافظة ديالى، تظاهر العشرات من الخريجين التربويين والإداريين أمام مبنى الحكومة المحلية في مدينة بعقوبة، للمطالبة بفتح عقود تشغيلية ضمن ما يُعرف بـ"عقود 130"، التي تقع ضمن صلاحيات المحافظ.

وأكد المتظاهرون، أن هذه الوقفة هي الثانية خلال أسبوع، وتأتي ضمن خطوات تصعيدية للضغط على الجهات المعنية من أجل الإسراع بفتح العقود التي يمكن أن توفر فرص عمل لمئات الخريجين من مختلف الاختصاصات.

وأشار المشاركون إلى أنهم نقلوا مطالبهم بشكل مباشر إلى مسؤولي الحكومة المحلية، لكنهم لم يلمسوا أي استجابة حتى الآن، ما دفعهم إلى الاستمرار في الاحتجاجات.

عرض مقالات: