اخر الاخبار

يعد نهر العشار أحد أربعة أنهار رئيسة تتفرع من شط العرب وتدخل إلى مدينة البصرة. ويقسم هذا النهر منطقة العشار إلى قسمين غير متساويين. وللعلم ان تسمية "العشار" مشتقة من كلمة "عُشر"، وهي الضريبة التي كانت تستوفى سابقاً عن البضائع والمنتجات الزراعية التي تدخل المدينة وتنقل عبر هذا النهر.

كان نهر العشار في الماضي ماؤه صافٍ نقي، تسير فيه الزوارق المسماة "البلم العشاري"، التي تنقل البضائع، أو تقل الناس أو تأخذهم في نزهة.

في عام 1989 عند حملة إعمار مدينة البصرة تم قطع الماء عن النهر وتفريغه وتنظيفه وتقوية أكتافه بالشيلمان، مع تغليف أجزاء من ضفافه بالحجر، حتى صاروا يسمونه "دانوب البصرة" لجماله وجمال منظر الزوارق التي تمر فيه، فضلا عن جمال المباني التراثية المطلة على جانبيه في بعض المناطق. 

وبعد التغيير 2003، وبفعل تقادم أنابيب المجاري وانسدادها، قامت المحال والفنادق والمنازل القريبة من النهر، بربط مجاريها بأنابيب شبكة مياه الأمطار، التي تصب في النهر، فضلا عما يّرمى فيه من نفايات وأنقاض، ما حوله إلى بؤرة تلوّث تنبعث منها روائح كريهة، في مشهد يثير أسفا شديدا.

قبل سنوات عدة تم قطع النهر بحاجز كونكريتي، مع نصب مضخات تسحب الماء من شط العرب وتصب فيه. والغاية من ذلك هي ربطه بنهر الخندق عند نهاية "منطقة نظران" ليعود ماؤه مجدداً الى شط العرب، بغية أن يبقى نظيفاً. حيث تدور المياه عبر هذين النهرين. لكن لأسباب لا يعلمها إلاّ البعض، تتوقف هذه المضخات في غالب الأوقات وتعمل سويعات قليلة في الشهر، بينما تستمر مياه مجاري تصب في النهر من جهته الشمالية، الأمر الذي حوله الى مجرى مياه ثقيلة وليس نهراً متفرعاً من شط العرب.

علماً ان النهر يمر بمناطق وأحياء تسكنها مئات الآلاف من الناس، ولكم ان تتخيلوا الروائح الكريهة المنبعثة منه والمضرة بصحة الإنسان، ناهيك عن الأوساخ والنفايات التي يرميها البعض فيه تخلصاً منها. 

جهود حكومة البصرة المحلية في إعمار المدينة ومدّها بالخدمات، جيدة وتحسب لها، لكنها للأسف الشديد غير متكاملة وغير مدروسة جيداً. فقد سبق أن مدت أنبوب مجارٍ حديدي كبير في الرقعة الواقعة عند الجهة الجنوبية من النهر، بدءا من منطقة السيمر وصولا إلى العشّار، لكنها لم تعالج المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان والمراكز التجارية، والتي تبدأ من العشار وصولا إلى نظران، مرورا بالساعي والتحسينية والصبخة الكبيرة. بينما هناك مشاريع اقل أهمية تُنفذ بتكاليف باهظة، ما يراها الكثيرون أعمال تزويق وليس إعمارا.

أناس كثيرون كتبوا عن كارثة نهر العشار التي باتت لا تُطاق، وطالبوا بمعالجات، لكن هل من مجيب؟!