اخر الاخبار

شكلت مسيرة “القمصان البيض” وهي تقتحم ساحات التظاهر في مختلف الميادين بالمحافظات مشهدا ملهما للعراقيين، كما أنها منحت المعتصمين دعما معنويا كبيرا وحافزا للاستمرار في الحراك الاحتجاجي ضد منظومة المحاصصة والفساد، التي تجثم على صدور العراقيين منذ العام 2003، ولا تزال، في وقت يستعد فيه طلبة تشرين لإحياء الذكرى الثانية للانتفاضة.

ولم يكتف الطلبة، حينها، بتلك المسيرات الجوالة، بل نظموا مهرجانات فنية وثقافية وشعرية، واقاموا معارض للرسم والموسيقى، كلها تتمحور حول الانتفاضة. كما كان لهم دور ملحوظ في تزيين ساحة التحرير برسومات تعبر عن الانتفاضة.

وكان لإضراب الطلبة العام وقع كبير في نفوس العاملين في قطاعات مختلفة والموظفين في دوائر الدولة، حيث انتهجوا ذلك، تعاطيا مع الحراك التشريني.

تشرين لخصت كل مطالبنا

يقول الطالب عبد الكريم محمود، ان “شريحة الطلبة جزء من المجتمع، وهم يعانون ايضا من مشاكل كثيرة، سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او سياسية”، موضحا ان تلك المشاكل تتخلص “بالقرارات المتخبطة الصادرة من وزارة التربية او التعليم العالي، وتأثير المنظومة السياسية على هاتين الوزارتين، وانعكاس ذلك سلبا على الطلبة”.

ويضيف محمود في حديثه لـ”طريق الشعب”، “كنا عمود الانتفاضة، واشتركنا في كل الفعاليات، وكانت هناك خيم للطلبة المعتصمين، والبعض الاخر ساهم في الطبخ، ونظموا فعاليات ثقافية وفنية مختلفة”.

ويؤكد محمود ان “الطلبة تكونت لديهم قناعة، بأن اصلاح منظومة التعليم في العراق، مرتبط باصلاح المنظومة السياسية القائمة على التحاصص الطائفي الاثني والحزبي”، مشيرا الى ان “تشرين لخصت كل مطالبنا، التي أصبحت جزءا من الانتفاضة، لان أبرز ما ارادته تشرين هو مستقبل أفضل، وعلى كافة الصعد بضمنها العملية التعليمية في العراق”.

وكانت مسيرات القمصان البيض تنطلق من وزارة التعليم مرورا بوزارة التربية، وتنتهي في ساحة التحرير.

الطلبة عامل قوة

من جانبه، يتحدث الناشط الطلابي الحمزة السرهيد لـ”طريق الشعب”، عن دور الطلبة في الانتفاضة، قائلا: “كان دور الطلبة هو الأبرز والاهم في تشرين، وشكل عامل قوة في مواجهة قوى السلطة، وتم تعزيز هذا الدور، من خلال المسيرات الطلابية، خصوصا في ساحة التحرير، حيث كانت تنطلق مسيرات اسبوعية كل يوم أحد من وزارة التعليم إلى ساحة التحرير”.

ويتابع الناشط الطلابي: “حدث الكثير من الاعتداءات على الطلبة من أجل اخفات صوتهم، وقد جوبهت هذه الاعتداءات السافرة برد سلمي، من خلال الاستمرار في دعم ساحات الاعتصام، وتنظيم المسيرات السلمية، المنددة والمستنكرة لجرائم القتل، وسيطرة الأحزاب الفاسدة على مقدرات البلد، فأكثر ما يوجعهم هو كشف زيفهم، خصوصا الأحزاب الفاسدة، التي كانت تحاول السيطرة على ساحات الاعتصام بالترهيب والترغيب”.

حكومة ضعيفة

ويعد السرهيد الإضراب الطلابي “من أهم ما قام به الطلبة، دعما للمنتفضين وللقضية الوطنية، ويرجع سبب انتفاض الطلبة في تشرين، الى شعورهم الوطني وحس المسؤولية العالي لديهم، ونتيجة للقمع المفرط، الذي مورس في الايام الأولى لانتفاضة تشرين الخالدة، واستهداف المنتفضين من قبل الفصائل المسلحة”.

ويشير الحمزة في حديثه الى ان “الحكومة لم تلتزم بواجباتها، ولم تف بوعودها، في ما يتعلق بمحاسبة القتلة والفاسدين والكشف عن الجهات الداعمة التي تقف خلفهم”، واصفا دورها بـ “الضعيف”.

مهرجانات، بازارات، تبرعات

وعلى صعيد متصل، تقول الطالبة شهد رائد لـ”طريق الشعب”، ان الطلبة كانوا “أكثر المتضررين من منظومة المحاصصة الطائفية. كنا نحتشد امام وزارة التعليم العالي من مختلف جامعات العاصمة وحتى المحافظات، ونردد هتافات وطنية واهازيج، ونحمل الاعلام العراقية”.

وتضيف شهد “كنا نجمع التبرعات اثناء المسيرات الطلابية، دعما لخيم الطلبة المعتصمين. ونظمنا مهرجانات فنية، ومعارض للرسامين، إضافة الى الرسومات التي توشحت بها ساحة التحرير، حيث كانت بجهود الطلبة من أصحاب المواهب”.

وتشير أيضا الى “تنظيم البازارات المتنوعة، فبعضها كان دعما للمنتج الوطني ضمن الحملة التي جرى ترويجها في حينها”.

وترى شهد ان “الحكومة غير جادة في مساعيها، ولم تحقق من مطالب تشرين شيئا. نعتقد ان هناك جهات تسيطر على كل مفاصل الدولة وهي أصبحت مصدر القرار”.

وتلخص الطالبة مطالبها بـ”أننا لا نريد شيئا سوى ان نعيش بأمان، ونحصل على حياة تليق بنا، في ظل دولة تحترم كرامة الانسان”.

صحف ومفارز طبية

الى ذلك، يقول الناشط الطلابي أيوب عبد الحسين “كان للطلبة دور كبير في دعم وادامة زخم الانتفاضة، من خلال تنظيم المسيرات الحاشدة، التي شارك فيها الالاف من الطالبات والطلبة، في كل ساحات الاحتجاج، وايضاً من خلال تعطيل الدوام في الجامعات والمدارس، ضمن خيار الاضراب الطلابي، الذي هز اركان الحكومة، وحفز باقي القطاعات على الأضراب ايضاً، احتجاجا على الجرائم التي ارتكبت بحق المنتفضين، فضلاً عن دورهم السياسي الهام في الانتفاضة، الذي تمثل في بلورة مطالب المنتفضين”.

وتحدث عبد المحسن لـ”طريق الشعب” عن الفعاليات الطلابية في الانتفاضة، قائلا: “قام طلبة المجموعات الطبية بتشكيل مفارز طبية، انقذت ارواح المنتفضين، واستمرت في معالجة الجرحى المرابطين في الساحات، الى جانب آخر، كانت الفعاليات الثقافية والفنية حاضرة، وقد عكست سلمية الانتفاضة ورقيها، فضلا عن اصدار عدد من الصحف الطلابية، وانشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، نقلت مطالب المنتفضين وغطت احداث الساحات”.

تغيير جذري

ويوضح الناشط ان “من الطبيعي ان لا تفي الحكومة بوعودها، بخصوص تحقيق المطالب، كونها جاءت بنفس الطريقة التقليدية، وسارت على نهج المحاصصة الطائفية والاثنية المقيت”، مؤكدا انهم “متمسكون بمطالبهم بالتغيير الجذري لمنظومة الحكم والمطالبة بالقصاص من القتلة ومن يقف خلفهم”.

ويتابع ان “الانتفاضة تعبر عن تطلعات الشعب، والطالب أدرك انه لا سبيل للخلاص من الازمات والمعاناة، الا بالتغيير الجذري، وهذا ما طالبت به الانتفاضة التي التفت حولها الجماهير الطلابية الغفيرة”.

عرض مقالات: