اخر الاخبار

يستعد العديد من منظمات المجتمع المدني المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة لإطلاق برامجها السنوية لعام 2025، مؤكدة على مواصلة العمل لتحقيق أهدافها رغم التحديات المستمرة. وتشمل تلك البرامج محاور أساسية كالصحة والتعليم وتمكين الأقليات، إضافة إلى مواجهة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية السلبية على النساء.

الصحة النسائية بين الوعي وضعف الخدمات

ففي الشأن الصحي، تؤكد الناشطة في حقوق الإنسان، صباح وليد على أن الرعاية الصحية للنساء في العراق تواجه تحديات كبيرة، قائلة لـ"طريق الشعب" بأن النساء "يواجهن صعوبات مزدوجة، تتمثل في ضعف اهتمامهن بصحتهن وسوء الخدمات الصحية المتوفرة في المراكز والمستشفيات".

وتوضح الناشطة بأن قلة الوعي تدفع العديد من النساء إلى تجنب الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن الأمراض، مثل سرطان الثدي، بالإضافة إلى نقص الخدمات الصحية الملائمة في المؤسسات الطبية، مما يجبرهن على تحمل تكاليف إضافية للعلاج في القطاع الخاص في ظل أوضاع مادية صعبة.

وتشير الناشطة صباح إلى تجربة شخصية في إنشاء مركز صحي بمنطقة المعامل لمدة أربعة أشهر، حيث لاحظت أن الفقر وغياب الوعي يدفع البعض إلى بيع الأدوية الممنوحة لهم بدلاً من استخدامها. وأوضحت أن منظمتها تسعى خلال هذا العام لتنفيذ برنامج توعوي مكثف بالتنسيق مع وزارة الصحة، يشمل تفعيل بروتوكول يُلزم المراكز الصحية بتقديم فحوصات دورية مجانية للنساء.

كما تناولت الناشطة قضية الصحة الإنجابية، مشيرة إلى أن وحدات تنظيم الإنجاب في المراكز الصحية تحتاج إلى مزيد من التوعية. وأضافت "تعتزم منظمتنا تنظيم حملات توعوية في المدارس الثانوية بالتعاون مع طبيبات مختصات، لزيادة وعي الفتيات والشابات بأهمية الصحة الإنجابية".

تمكين نساء الأقليات: قضايا معقدة وحلول مبتكرة

أما عن أوضاع النساء من الأقليات، فتحدثت هنادي العطية، رئيسة ملتقى نساء الأقليات في العراق لـ"طريق الشعب"، فأشارت إلى أن القضايا المتعلقة بالأقليات ما زالت تواجه تعقيدات كبيرة رغم متابعة المنظمات الدولية. وقالت ان "منظمة حقوق الإنسان الخاصة بالأقليات ضعيفة، وهناك مطالب مستمرة تُرفع إلى الحكومة لكنها تواجه صعوبات في التطبيق على أرض الواقع".

وأضافت العطية أن النساء في المناطق الريفية، خاصة تلك التي تعرضت لهجمات داعش الارهابية، يعانين من تحديات اجتماعية واقتصادية جسيمة. واستعرضت قصصاً مؤلمة لفتيات اختطفن وعُدن ومعهن أطفال بعد سنوات من الاستعباد، مما أثر على النسيج الاجتماعي، فضلا عن التحديات التي تواجه اندماجهن في المجتمع.

وأوضحت أن التغير المناخي زاد هو الآخر من معاناة الأقليات في المناطق الريفية، حيث فقد الكثيرون مصادر رزقهم. ودعت للتركيز على حلول مستدامة قليلة التكاليف، مثل استغلال التكنولوجيا لتخفيف العبء، مطالبة بتكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع الدولي لتقديم حلول مبتكرة وشاملة تعزز حقوق الأقليات وتمكين المرأة.

التعليم: معاناة الفتيات في القرى والأرياف

من جهة أخرى، تحدثت الباحثة والناشطة النسوية أسماء الزهراوي عن الواقع التعليمي للفتيات في العراق، فأشارت إلى أن الظروف المجتمعية القاسية تجبر العديد منهن على ترك الدراسة بعد المرحلة الابتدائية، خاصة في مناطق القرى والأرياف. وقالت الزهراوي في تصريح لـ"طريق الشعب" أن "غياب المدارس المتوسطة والثانوية بالقرب من البيوت يدفع بالعائلات إلى رفض إرسال بناتهن إلى مناطق بعيدة لمواصلة التعليم. كما تلعب العادات والتقاليد المحافظة، التي ترى أن دور الفتاة يقتصر على البقاء في المنزل وتربية الأطفال، دوراً سلبياً كبيراً".

و أكدت الزهراوي على أن الفقر عامل مثبط أخر لتعليم الفتيات، حيث تضطر العائلات ذات الدخل المحدود إلى تفضيل تعليم الذكور على الإناث، مما يعمّق الفجوة التعليمية بين الجنسين. وشددت على أن تحسين الواقع التعليمي للفتيات يتطلب جهوداً حكومية كبيرة، أبرزها افتتاح مراكز محو الأمية ومراقبة تطبيق إلزامية التعليم، بالإضافة إلى بناء مدارس خاصة بالفتيات بالقرب من مناطق السكن.

وأوضحت أن هناك قصوراً حكومياً واضحاً في دعم التعليم الحكومي، حيث أصبح التركيز ينصب على تشجيع القطاع الخاص، مما أدى إلى تهميش المدارس الحكومية التي تعاني من نقص كبير في الكوادر التدريسية. كما أشارت إلى انتشار معاهد التدريس الخصوصي في الكثير من المناطق دون الحصول على التراخيص اللازمة، مما يعكس فوضى التعليم التي تشهدها البلاد. وترى الزهراوي أن هذه التحديات أثرت بشكل كبير على العديد من العائلات التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، مما دفعها إلى تفضيل عمل أبنائها على مواصلة تعليمهم، لتلبية الاحتياجات اليومية المتزايدة.

نحو تحسين واقع المرأة

هذا وتؤكد هذه التحديات على أن تحسين واقع المرأة في العراق يتطلب جهوداً متكاملة تشمل زيادة التوعية المجتمعية وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتمكين المرأة في جميع المجالات. وتبقى منظمات المجتمع المدني شريكاً أساسياً في هذه الجهود، رغم الحاجة الماسة إلى دعم حكومي ودولي أكثر فعالية.

عرض مقالات: