اخر الاخبار

رصدت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي، مؤشرات مقلقة بشأن أوضاع رطوبة التربة في العراق، حيث أشارت الخرائط الجوية إلى معدلات جفاف “شديدة ومتطرفة” في مناطق متعددة، في ظل غياب الأمطار الشتوية.

ووفقاً للتقرير، فإن نسبة رطوبة التربة على عمق 40 سم في بعض مناطق الموصل لا تتجاوز 10%، وهو ما يشكل تهديداً مباشراً للزراعة والمياه الجوفية. هذه المؤشرات، التي وصفها مختصون بالخطرة، تضع الزراعة أمام تحديات كبيرة في مواجهة أزمة الجفاف المستمرة.

وضع حرج

وفي هذا الشأن، أكد الاستشاري البيئي في نقابة المهندسين الزراعيين، د. جاسم المالكي، ان "عدم سقوط الأمطار حتى الان، بات تأثيره واضحاً على ارتفاع مؤشرات الجفاف، ومنها قلة رطوبة التربة، ناهيك عن تأخر إكمال الرية الأولى للمحاصيل الشتوية كالحنطة والشعير".

وقال المالكي في حديث مع "طريق الشعب"، ان "هذا المؤشر نتيجة طبيعية لما يحدث من تغيرات مناخية في عموم الكوكب، لا سيما ان العراق يعد من اكثر البلدان المتأثرة بتلك التغيرات، حيث نلاحظ تكرار موجات الجفاف الذي بات يهدد الكثير من البيئات والموائل وخاصة في وسط العراق وجنوبه"، مؤكداً ان "الجفاف أصبح اليوم عاملا محفزا لمزيد من الصراعات على الموارد".

وعن تداعيات وآثار ذلك على الزراعة، اوضح المالكي ان "الزارعة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتوفر مياه الري، وتأخر سقوط الأمطار، الامر الذي سينعكس سلباً على تأمين الحصص الاروائية لكافة الأراضي الزراعية".

ولفت الى ان ذلك سيرفع من حجم الضغط على الخزين المائي، وربما يؤدي إلى استنزافه، ما ينبئ بصيف قادم اكثر حرارة وجفافا، اذا ما بقيت المؤشرات الحالية للجفاف قائمة".

أمطار شحيحة

اما المستشار السابق في لجنة الزراعة النيابية، عادل المختار، فقال ان "التوقعات أشارت الى ان الموسم الشتوي الحالي قد يكون جافاً، ما يعني ان الوضع سيكون صعباً جداً، وبالفعل وصلنا الان لمنتصف شهر كانون الاول، والأمطار شحيحة ولم تغط حتى الرية الأولى".

وأضاف المختار في حديث مع "طريق الشعب"، ان "الإيرادات القادمة من تركيا منخفضة هي الأخرى؛ وهذا مأزق كبير، لان انخفاض تلك الإيرادات تحديداً، يحتم علينا إطلاق المزيد من مياه السدود او الخزين، وهذا بحد ذاته مؤشر خطير"، مشيراً إلى انه "قبل أسبوع او اكثر، وصل الخزين الى 13 مليار متر مكعب".

وأكد المختار، أنه في حال "كان هذا الشتاء جافا حتى نهايته، في ظل انخفاض الإيرادات التي ستؤدي الى انخفاض الخزين، فسيواجه الواقع البيئي خطر ارتفاع التلوث، وتأثر الزراعة وتضرر الإنتاج الزراعي. ومن جهة أخرى سيؤثر على الحيوانات وتحديداً الأسماك التي قد تواجه موجة نفوق بكميات كبيرة، لا سيما وان الصيف القادم سيكون قاسيا".

وأشار إلى انه "كان يفترض بوزارة الموارد المائية ان تحسب هكذا حسابات، وان لا تعتمد دائماً على الأمطار، وتعوّل عليها بشكل كبير. وهذه هي أكبر مشكلة نواجهها دائماً، حيث لا نحسب حسابا لزمن الجفاف وطريقة تعاطينا مع الحالة".

ورأى أن المشكلة تكمن بغياب الرؤية والتخطيط والإهمال. ومن غير الطبيعي ان لا تخطط الوزارة لظروف الجفاف والشح، حيث كان يفترض بالدولة أن تضع خطتين: واحدة لحالة الوضع المائي الطبيعي والوفير، والأخرى لحالة الجفاف. وهذا هو المعروف والسياق المعتمد في كل الدول".

ونوّه بـ"اننا لا نزال نعتمد فقط على خطط الوفرة المائية"، متهما الوزارة بأنها تتداول الحديث عن هذه الخطط في الإعلام فقط، وعلى ارض الواقع لا توجد خطط حقيقية".

واختتم بالقول: "لا يزال الوقت مبكرا، ونتأمل ان تكون هناك أمطار تعوضنا"

من جهته، أكد رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق، وليد الكريطي، أن الدعم الحكومي الموجه لقطاع الزراعة ضعيف جداً، ولا يتناسب مع حجم أهميته الاستراتيجة، ما يؤدي إلى إلحاق خسائر مالية كبيرة ترهق مئات الفلاحين، وتضطرهم للهجرة إلى المدن بحثاً عن فرص عمل بديلة.

كما أشار الكريطي إلى أن مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، التي تعتمد على الري التقليدي والري السيحي، مثل بساتين النخيل والحمضيات، قد خرجت من الخطة الزراعية بسبب غياب الاهتمام الحكومي.

وأضاف الكريطي أن الجفاف أصبح يمثل تحدياً كبيراً، حيث وصلت نسبة الجفاف إلى حوالي 40 في المئة، نتيجة قلة الدعم الحكومي.

ويشير إلى أبرز التحديات التي يواجهها الفلاحون، مثل غياب الدعم الحكومي بتوفير المعدات الحديثة كالآلات الزراعية، "الحاصدات والساحبات"، إضافة إلى عدم توفر قروض ميسرة للمزارعين، تكون متاحة للجميع بسبب التعقيدات الإدارية، وغياب الدعم في مجال الري المتطور، الذي يوفر استهلاك المياه وكذلك النقص في توفير الأسمدة والبذور المدعومة من الدولة، إذ ماتزال أزمة شح المياه بدون حلول جذرية.

واكد ان "تغير كل هذه التوقعات مرهون بتحسن الظروف المناخية خلال النصف الأول من السنة المقبلة واستقبال ارضنا للمزيد من الأمطار".

واختتم المالكي حديثه داعيا الى "اعتماد خطط استراتيجية طويلة الأمد، لتحسين إدارة ملف المياه في عموم العراق وتطويره بما يتلاءم والتحديات الحالية والمستقبلية".