اخر الاخبار

يشكو العديد من المواطنين في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد، من تردي واقع حال مياه الإسالة، التي أضحت ضيفا لا يزورهم الا في ساعة متأخرة من الليل، حاملا معه طعما ولونا ورائحة، لا تجعله صالحا للاستهلاك، ما يضطر الناس الى شرائه من محال التسوق أو الباعة الجوالين، لاستهلاكه في الشرب وإعداد الطعام.

فيما اشار تقرير دولي إلى أن “أكثر من 7 ملايين مواطن في العراق، مهددون جراء فقدان الوصول لمياه الفرات بالإضافة إلى الجفاف، الذي يعرض مئات الكيلومترات من الأراضي الزراعية لخطر الجفاف التام”.

مناشدات مستمرة

المواطن خالد علي من اهالي منطقة الحرية، يذكر انهم “يعانون منذ ثلاثة شهور من شح ماء الاسالة، الذي لا يتوفر الا في ساعات متأخرة من الليل، من خلال سحبه عبر مضخات المياه الخاصة (الماطور)”.

وقال علي لـ”طريق الشعب”، ان “اهالي المنطقة ناشدوا اكثر من مرة امانة بغداد حول واقع المياه، ومع ذلك لم نلمس اي تغيير بواقع ماء الاسالة”.

اما المواطن وليد غني، من أهالي منقطة الدورة، فيقول لـ”طريق الشعب”، إن “منطقة حي الميكانيك وشارع 60 ومحلات اخرى في اطراف المدينة تعاني منذ الشهر الخامس من هذا العام من انقطاع ماء الاسالة”.

وأضاف أن “المواطنين في هذه الاحياء يحصلون على ماء الاسالة من 4 الى 6 ساعات فقط خلال اليوم وبشكل متقطع”، منبها الى ان هذه المعاناة تشتد مع ارتفاع درجات الحرارة، التي يرافقها انقطاع مستمر للتيار الكهربائي الوطني.

وفي منطقة السيدية يصف المواطن عادل جودة (53 عام)، واقع حال ماء الاسالة بأنه “بدأ يتراجع الى ان أصبح توفره لساعات محدودة في اليوم، وليس بحالة جيدة”.

هذا وتفتك العديد من الامراض بالمواطنين من محدودي الدخل خاصة في المناطق الشعبية، جراء تلوث ماء الاسالة. المواطن ليث احمد، يسكن منطقة نهروان شرق العاصمة بغداد، يقول لـ”طريق الشعب”: ان ماء الاسالة الذي يصل الى المواطنين في القضاء “بصورة عامة غير صالح حتى للاستخدام المنزلي”.

ويضيف ان “ماء الاسالة ملوث، ولا يصلح حتى الاستخدام المنزلي بسبب رائحته الكريهة اولا، ولونه وطعمه”، منبها الى انه مع عائلته “يعانون من امراض كلوية غير قليلة، بسبب نوعية الماء التي يجبرون على استخدامها للطهي والشرب، بسبب محدودية الامكانية المادية” بحسب قوله.

ويشير الى ان طفلته ذات السنوات الثلاث تعاني التهابات في الكلية، فضلا عن تعرض عائلته للتسمم اكثر من مرة”.

من جهتها، تفيد المواطنة مريم غازي (42 عاما) في منطقة جسر ديالى، ان “وضعية ماء الاسالة بائسة جدا”، مما يجبرها على شراء الماء من اصحاب التناكر الجوالة في المنطقة.

واوضحت ان “ماء الحنفيات ينقطع لايام غير قليلة، وإن توفر يأتي في ساعات متأخرة من الليل، ويتكالب عليه المواطنون لملء خزاناتهم”.

من جانبها، تشدد المواطنة ام ضرغام على ان “توفير الماء الصالح للشرب، يرهق المواطنين خاصة محدودي الدخل”.

وقالت لـ”طريق الشعب” ان “ملء عبوة الماء (20 لترا) الخاصة بالبراد المنزلي، من المحال المنتشرة في المنطقة، يتطلب دفع 1500 دينار. وبعض الشركات تبيعه بـ 3 آلاف دينار”، مشيرة الى ان “العوائل الكبيرة لا يكفيها ملء 20 لترا يوميا، انما تحتاج الى اكثر من ذلك، ما يتطلب منها تخصيص ميزانية خاصة شهريا، فقط لتوفير الماء الخاص بالشرب وطهي الطعام، لا اكثر”.

وفي منطقة الزعفرانية لم يكن واقع حال ماء الاسالة افضل من باقي المناطق، فالمواطن اشرف حازم من اهالي المنطقة يقول لـ”طريق الشعب”: انه بعد انخفاض مناسيب المياه في نهر دجلة توفر ماء الاسالة برائحة كريهة جدا وطعم سيئ، اضافة الى لونه المصفر.

وتابع انهم تقدموا بالشكوى اكثر من مرة الى امانة بغداد، الا ان رد الامانة جاء بان شبكتي الماء الاسالة والصرف الصحي في المنطقة متهالكتان، ما يؤثر على نوعية الماء الذي يصل المواطنين في دورهم”، مشيرا الى ان الامانة “تبرر التقصير في عدم تجديد شبكة المياه او اجراء الصيانات المطلوبة عليها، بعدم توفر التخصيصات المالية الكافية”.

تحذير دولي

وفي وقت سابق من الاسبوع الحالي، حذر المجلس النرويجي للاجئين، في تقرير له نشر في وسائل اعلام دولية، من تفاقم كارثة عدم حصول 12 مليون نسمة في العراق وسوريا على المياه الصالحة للشرب مع ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض مستويات الأمطار والجفاف في جميع أنحاء المنطقة، مما يؤدي الى حرمان الأهالي من مياه الشرب ومياه الري، والى عرقلة عمليات توليد الكهرباء، نتيجة شح ونفاد مياه السدود. وهذا يؤثر بدوره على عمل المرافق العامة الأساسية، بما في ذلك قطاع الخدمات الصحية.

ويشير التقرير إلى أن أكثر من 7 ملايين مواطن في العراق مهددون جراء فقدان الوصول لمياه الفرات بالإضافة إلى الجفاف، الذي يعرض مئات الكيلومترات من الأراضي الزراعية لخطر الجفاف التام.

ويؤكد التقرير أن “المياه المغذية لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ومصائد الأسماك ومنشآت توليد الطاقة ومصادر مياه الشرب قد جفت في العراق، ومن المتوقع أن إنتاج القمح سينخفض بنسبة 17 بالمئة في محافظة نينوى نتيجة للجفاف، أما في إقليم كردستان فمن المتوقع أن ينخفض الإنتاج بمقدار النصف”.