اخر الاخبار

تحتاج وزارة التربية لثمانية آلاف مدرسة لفك الاختناقات داخل المدارس التي يشهد معظمها دواما ثنائيا وثلاثيا، وبالتالي لا بد من حلول مجدية تراعي حياة الطلبة والتلاميذ في ظل العودة الى الدوام الحضوري. وكشفت الوزارة عن خطتها للعام الدراسي المقبل، التي تشمل تنشيط الحملات التلقيحية لا سيما لطلبة المدارس والكوادر التدريسية، قبل بدء الدوام، الذي لم يحدد موعده من قبل الوزارة حتى الان.  

أولياء الامور متخوفون

وواجهت زينب فاضل (مواطنة) صعوبة بالغة في ترويض اولادها مع التعليم الإلكتروني، معتبرة ان “عودة الدوام الحضوري لطلبة المدارس، خطوة لا بد من تحقيقها”، لكنها تردف كلامها بأن هذا القرار بحاجة الى “اجراءات تعزيزية تتناسب مع خطورة الوضع الصحي”.

وتقول زينب لـ”طريق الشعب”، ان “المدارس الحكومية لا سيما في المناطق الشعبية تعاني من الدوام الثنائي والثلاثي، فضلا عن امتلاء الصفوف الدراسية باعداد هائلة من التلاميذ، بشكل يفوق الطاقة الاستيعابية”.

وتضيف المواطنة انه “من الضروري وقبل المضي بخطوة الدوام الحضوري، العمل على تشييد مدارس ـ البناء الجاهز ـ لفك الاختناقات داخل الصفوف”.

70 طالبا في الصف الواحد

وكان لمدرسة مادة الرياضيات عبير عادل، موقف مع الامتحانات النهائية لطلبة الثالث المتوسط “لاحظت طلبة وأساتذة مصابين” لكنهم حضروا تلك الاختبارات.

وتؤكد لـ”طريق الشعب”، ان الكثير من الطلبة الذين ادوا الامتحانات النهائية، كانوا يعانون من الاصابة، بل أن بعضهم تعرض الى الاغماء، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة”.

وتقف عبير الى جانب عودة الدوام الحضوري، قائلة “انها خطوة لصالح الطلبة والتعليم، الا انها يجب ان يرافقها الكثير من الاجراءات”.

وتضيف ان “الابنية المدرسية تعاني من كثافة التلاميذ الذين تتراوح أعدادهم ما بين 65 الى 70 تلميذا في الصف الواحد”.

وبحسب مشاهدات عبير فانه لم يتم تشييد أية مدرسة جديدة في منطقتها ـ البلديات ـ، مؤكدة ان هناك أبنية مدرسية تم تهديمها، تحت تبرير انها آلية للسقوط، بينما لم يجر العمل على اعادة بنائها، وتحولت الى أراض لكب النفايات، بحسب وصفها.

اهمال متعمد

ويؤشر علي بخت، مراقب للشأن التعليمي، جملة مشكلات قد ترافق الدوام الحضوري، من بينها قلة الكوادر التدريسية والابنية مقابل اكتظاظ الصفوف بالطلبة والتلاميذ.

ويقول بخت لـ”طريق الشعب”، ان “قرارات وزارة التربية، بالعادة، تكون مبنية على ردود الفعل والعاطفة”، مشيرا الى ان واقع حال المدارس لا ينسجم مع قرارات وزارة الصحة، التي تطالب بين الحين والاخر بفرض حظر للتجوال، ومنع التجمعات والتزام التباعد الاجتماعي.

ويضيف الناشط التربوي، ان الحكومات المتعاقبة أهملت بشكل متعمد قطاع التربية والتعليم، كما أن الضغط المجتمعي للارتقاء بهذا الملف لا يزال ضعيفا.

ويشير الى ان الكثير من الاهالي عالجوا تلك المشكلات بالذهاب نحو المدارس الاهلية، وهذا ما تسعى اليه قوى المحاصصة السياسية، التي تعتاش على استنزاف جيوب المواطنين.

الدوام.. حضوري والكتروني

ونقلت “طريق الشعب” أحاديث أولياء الامور والكوادر التدريسية الى مقر وزارة التربية، حيث عقّب المتحدث باسم الوزارة حيدر فاروق، على تلك الطروحات، بأنهم يعتزمون تدشين حملة تلقيح لطلبة المدارس المشمولين باللقاح بالتنسيق مع وزارة الصحة، قبل بدء الدوام.

وأكد فاروق أن الدوام سيكون حضوريا للعام المقبل، الى جانب استمرار التعليم الالكتروني.

وعن أزمة الدوام الثنائي والثلاثي، قال ان “ذلك واقع حال، وهو نتيجة واضحة للإهمال الحكومي المتعاقب”، مردفا ان “قلة التخصيصات المالية حالت دون اكمال بناء المدارس”.

واضاف ان “هناك توجها لدى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بالاشراف شخصيا على ملف بناء واعادة تأهيل المدارس، اضافة الى ان هناك مساعي لبناء 1000 مدرسة ضمن مشروع المدارس الوطنية في عموم المحافظات بعد تحديد الاراضي الخاصة بها”.

وعن المدارس الحديدية التي لم يتم استكمال بنائها، ذكر فاروق ان وزارته “تعمل على معالجة المعوقات” أمام تلك المشاريع.

وأحصى فاروق وجود 100 مدرسة حديدية في بغداد، ومثلها في المحافظات لم يتم استكمالها الى الان، مشيرا الى ان المنظومة التعليمية بحاجة الى اكثر من 8 آلاف مدرسة في عموم محافظات العراق، لاجل فك الاختناقات.

وخلص الى ان “الحاجة اصبحت ملحة لبناء مدارس اضافية، نتيجة للكثافة السكانية وارتفاع اعداد الطلبة، فضلا عن تأزم الواقع الصحي”.

المحافظات تتحمل المسؤولية

من جهته، حمّل عضو لجنة التربية البرلمانية، النائب صفاء الغنام، الحكومات المحلية في المحافظات “مسؤولية التلكؤ في اكمال بناء المدارس”.

وقال الغنام ـ وهو نائب عن محافظة البصرة ـ لـ”طريق الشعب”، ان محافظته لوحدها بحاجة الى ما يقارب 700 مدرسة، لفك الدوام المزدوج.

واضاف ان موازنة 2021 لم تتضمن تخصيص مال كاف لاعادة تأهيل وانشاء المدارس.

ومع اعلان وزارة التربية جعل الدوام حضوريا للعام المقبل، طالب الغنام “بضرورة اتخاذ كافة الاجراءات الوقائية والصحية لصالح طلبة المدارس”.

تصريحات سابقة.. ولكن؟

وبيّنت وزارة التربية في بيان صحفي، أصدره وزيرها السابق محمد إقبال في آب 2017، إن “العراق يعاني من نقص حاد في عدد المدارس بسبب تراكم الأزمات حيث هناك حاجة إلى أكثر من 20 ألف مدرسة بحلول عام 2022 نتيجة النمو السكاني السنوي”، موضحا أن “الملف يحتاج لأفكار جديدة وخطط استثنائية”.

وفي تصريحات اخرى تضاربت الارقام بشأن العدد الفعلي المطلوب انجازه من مدارس لسد النقص الحاصل.

وكان وزير التخطيط السابق نوري صباح الدليمي، قال في ايار 2020 إن “عام 2020 سيشهد نهاية ملف المدارس الطينية، واستبدالها بمدارس قادرة على توفير الظروف المناسبة للتعليم”.

وفي أيّار 2019 أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في بيان لها أن 50 في المائة من المدارس العراقية “بحاجة إلى التأهيل والترميم”. وأشارت إلى أن نقص “المدارس والكوادر التربوية والتعليمية في العراق أسفر عن ازدحام الصفوف المدرسية بالتلاميذ”.

ومع هذه البيانات والتصريحات، حاولت “طريق الشعب” رصد أي انجاز يذكر لحل المشاكل التي تعيق بناء المدارس وفك الاختناقات، فوجدت آلاف الشكاوى وعشرات التصريحات دون انجاز واحد حقيقي.

عرض مقالات: