اخر الاخبار

في الوقت الذي تُعلن فيه الحكومة عن خفض معدلات البطالة واتخاذ تدابير فاعلة لتقليل نسبة الفقر، تبرز حقائق مغايرة تكشف حجم العجز عن معالجة هذه الملفات التي تمس حياة المواطنين. ورغم الترويج لهذه “الإنجازات” على نطاق واسع، الا ان الواقع والاحتجاجات الغاضبة التي تنظم في كل مكان بشكل شبه يومي، والتي يطالب فيها المحتجون بفرص العمل، يُظهر واقع تلك الإنجازات التي تتحدث عنها السلطات. إذ أنها تحمل دلالة واضحة على أن السياسات المتبعة وخطط المعالجة لم تؤتِ ثمارها.

اعلانات سياسية

توقف رئيس مركز نيريج للصحافة الاستقصائية، سامان نوح، في مستهل حديثه لـ”طريق الشعب”، عند قضية مهمة تتمثل في “عدم وجود اي مؤسسة قادرة على استبيان او استطلاع او ان تحدد نسب البطالة”.

وقال: “بحسب ما نعرفه إن الوزارة لم تقم بإجراء هذه المسوحات في الفترة الاخيرة. كذلك لا توجد مؤسسات او مراكز بيانات يمكن لنا ان نعرف من خلالها ان كانت نسب البطالة قد انخفضت فعلا، وما هو حجم الانخفاض”.

واضاف نوح، ان “ما تعلنه الحكومة يبقى في خانة الاعلانات السياسية. وتحتاج الى ما يؤكد تلك الإعلانات او ينفيها من قبل الجهات المختصة”، معتقدا ان ما يعلن من طرف الحكومة هو “مجرد تخمينات بدوافع سياسية”.

وتابع قائلاً ان “ما حصل هو تخفيف ازمة الاحتقان الشعبي من عدم توفر فرص عمل، عبر تعيين مئات الالاف بصيغة عقود مع القطاع العام بشكل يثقل كاهل الدولة، إلى جانب زيادة نسب المستفيدين من رواتب الرعاية الاجتماعية، و في الحالتين تم اثقال الدولة بموظفين جدد، بينما هناك شكوك ودراسات تؤكد انه لا حاجة فعلية لهؤلاء الموظفين، باستثناء قطاعات محددة ربما التربية والصحة”.

وكرر ان ذلك “هو محاولة لامتصاص النقمة الشعبية من ارتفاع معدلات البطالة، وبالتالي خلق بطالة مقنعة”.

وبين ان “حكومة السوداني افادت كثيراً من الازمات الامنية في المنطقة ووضعها المرتبك، والتي ساهمت في ابقاء اسعار النفط مرتفعة، كما ان هناك فائضا في الانتاج النفطي ولكن هذا لن يستمر طويلاً، ففي حال توقفت الحرب في المنطقة، وبقي الوضع في اوكانيا كما هو عليه اليوم، فان اسعار النفط ستهوي، وبالتالي سنكون امام كارثة مالية في العراق، كون الحكومات التي تعاقبت على إدارة البلد تعمل بأفكار  ومناهج ورؤى حزبية، ولا تملك رؤية مؤسساتية لادارة البلد، انما تبحث عن كسب الاصوات”.

وواصل القول ان “هؤلاء لا يفكرون في شيء ابعد من حصد الاصوات الانتخابية لابقائهم في السلطة”.

لا دليل على كلام الحكومة؟

من جهته، قال الخبير الاقتصادي همام الشماع انه “لا يوجد ما ينفي وما يؤكد تصريحات رئيس الوزراء، في الوقت الذي تغيب فيه المعلومة الدقيقة التي التوصل اليها عبر المؤسسات المعنية”.

وتابع قائلاً لـ”طريق الشعب”، انه “لو سلمنا جدلاً، ان ما تحدث عنه رئيس الوزراء دقيقاً، فإن نسب البطالة كانت 40 في المائة، ولو انخفضت بنسبة 14 في المائة، فهذا يعني ان هناك 26 في المائة وهي نسبة كبيرة جداً، ففي البلدان المتقدمة، لو وصلت نسبة البطالة الى 4 في المائة ستحدث مشاكل كثيرة”.

وتساءل في حديث مع “طريق الشعب”، عن الآلية التي اعتمدت لخفض هذه النسبة قائلا: ان “الحديث يدور عن البطالة في ظل اقتصاد اعرج يسير على قدم واحدة وهي غير سليمة”.

وعاد الى القول ان “التعيينات لم تكن يوماً جزءا من حل المشكلة، بل ساهمت ولا تزال في اضافة عبء على الدولة وميزانياتها، وكان الاجدر هو تفعيل قطاعات الاقتصاد الإنتاجية بالمجمل”.

وتعليقاً على التصريح الحكومي قال ان “العراق يخلو من تدفق المعلومات، إذ لا توجد معلومات يمكن الاستناد اليها، و لا وزارة التخطيط تخرج لنا بإحصاء سنوي دقيق، ولا الجهات المالية والنقدية تنتج تقارير مبنية على معلومات صحيحة ودقيقة، وبالنسبة للاحاديث هنا وهناك، فهي من منطلق مصلحة سياسية وحزبية”.

وكانت وزارة التخطيط كشفت قبل يومين عن مسح أولي أجرته مؤخرا يشير إلى أن معدل البطالة أيضاً انخفض بأكثر من 2%.

وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي: “أطلقت الهيئة العامة للإحصاء العراقي المسح الاقتصادي والاجتماعي للأسر العراقية، في تموز 2023، وبحسب النتائج الأولية للمسح الذي أنجز في آب الماضي، فقد انخفض معدل الفقر إلى 17.6%، في وقت كان 23%، كما انخفض معدل البطالة إلى 14.4% بعد أن كانت 16.5%”.

المسح الذي أجرته وزارة التخطيط العراقية؛ يشمل أيضاً إقليم كوردستان، حيث تقوم فرق خاصة بزيارة الأسر لتقييم مؤشرات سبل العيش ومستويات الخدمات، فيما لم ينفذ هذا الاستطلاع منذ 2021.

وأضاف الهنداوي أن “انخفاض معدلات الفقر والبطالة في العراق يعود إلى توسع شبكة الرعاية الاجتماعية وتوفير السلال الغذائية”.