اخر الاخبار

تتواصل حملات رفع التجاوزات، بوتيرة متصاعدة، في عدد من المحافظات؛ فعلى أثر اغتيال مدير بلدية كربلاء، في العاشر من آب الجاري، اقتحم “شفل الحكومة” الأسواق والشوارع والأحياء السكنية لإزالة العشوائيات والتجاوزات، لكن تلك الحملة، بحسب مواطنين، لم تطل مشيدات الأحزاب المتنفذة وبعض الشخصيات السياسية، من عمارات وفنادق ومحال تجارية.  

وأجرت “طريق الشعب” جولة استطلاعية لآراء المواطنين بشأن تلك الحملة، في عدد من المحافظات، والتي تمحورت جميعها حول ضرورة توفير أماكن بديلة مناسبة للمتضررين من الكسبة، الذين تعتاش عوائلهم على تلك الاكشاك والبسطيات، التي بالكاد توفر ما يسد رمقها من قوت، يوميا.

بغداد

ضرغام علي، مواطن من أهالي منطقة المشتل، وهو صاحب كشك كان قد شيّده في وقت سابق، على أحد الارصفة القريبة من مكان سكنه، يذكر لـ”طريق الشعب”: انه يعتاش على دكانه بشكل يومي “انه مصدر رزقي الوحيد. بالكاد نتحصل على قوتنا”.

وقال علي انه تلقى “قبل يومين” انذارا من امانة بغداد برفع الكشك، وخلاف ذلك ستتولى دائرة البلدية هدمه، مضيفا ان أحدا ممن لديه “ظهر يحميه” لم يتلق تهديدا حكوميا.

وزاد، انه على مبعدة مائة متر تقريبا يصطف عدد من الاكشاك المشابهة، لكن آليات البلدية لم تقترب منهم، كونهم مدعومين من أحزاب متنفذة وفصائل مسلحة.

ويحاول علي أن يجد تبريرا منطقيا لتجاوزه “لا أقدر على الدفع الشهري لاستئجار محل في سوق بغداد الجديدة”، لكنه لا يمانع من رفع كرفانه اذا ما وفرت الحكومة بديلا مناسبا للعمل.

وألمح المواطن الى أن هناك جهات تحاول استغلال الازمة الاخيرة “تعهدت لنا بحمايتنا من شفل الأمانة” مقابل مبلغ محدد من المال.

وتتواصل حملة رفع التجاوزات في مدينة الصدر، حيث تم رفع الصبات الكونكريتية المحيطة بسياج مركز شركة القدس.

وقال هاشم حسن (اسم مستعار) لمواطن فضل عدم كشف هويته، في حديث لـ”طريق الشعب”، ان بلدية المدينة باشرت رفع جميع التجاوزات على الارصفة في شارع الفلاح، مردفا لكن بعض المتجاوزين جرى استثناؤهم، نتيجة انتمائهم لجهة متنفذة.

ورافقت قوات الشرطة الاتحادية حملة كوادر البلدية في المدينة؛ إذ يؤكد حسن انه تم اعتقال عدد من المتجاوزين الذين عارضوا الحملة.

وكانت أمانة بغداد أعلنت السبت، انطلاق كبرى لإزالة التجاوزات في أحد القواطع الشرقية للعاصمة، داعية المتجاوزين إلى الإسراع برفع تجاوزاتهم قبل إزالتها بالقوة.

وبحسب الامانة، فان الحملة تشمل التجاوزات الحاصلة على املاك واراضي الدولة والطرق والشوارع الرئيسية.

وأكدت أنه ليس هناك استثناءات لإعفاء أي تجاوز من الإزالة.

وينضوي هذا الحراك تحت مسمى “حملة الشهيد المهندس عبير الخفاجي” مدير بلدية محافظة كربلاء، الذي قُتل أثناء حملة لرفع التجاوزات في محافظته، لتنطلق بعدها حملات موسعة لإزالة التجاوزات في جميع المحافظات، وما زالت مستمرة.

وفي منطقة السعدون، ابدى أصحاب المحال التجارية ارتياحا للحملة: “باتت التجاوزات تشوه المشهد الحضاري للعاصمة”.

وأكد حيدر رياض صاحب محل لبيع الالكترونيات لـ”طريق الشعب”، انه تم رفع بعض البسطيات المتجاوزة على الارصفة، دون أي رد فعل من اصحابها، مردفا “الا انه في اليوم التالي عاد كل شيء كما كان عليه سابقا”.

وتتضمن خطة حملة التجاوزات التي دشنتها الامانة مؤخرا “نشر كوادر البلديات في الشوارع الرئيسية والفرعية لغرض الحد من التجاوزات الحاصلة حاليا”، وهددت بأنه “في حالة تكرار التجاوز سوف تتم إقامة دعاوى قضائية في المحاكم المختصة، وستتخذ هذه الجهات إجراءات قانونية بحق المخالفين”.

ووفقا لرياض فإن اغلب التجاوزات التي تم رفعها تعود لمواطنين كسبة وبسطاء.

وبرغم تأييده لتلك الحملة، لكن رياض يجد من الضروري ان تفكر الحكومة في معيشة هؤلاء الناس: “الحملة تحتاج الى دراسة. على أمانة بغداد أن توفر أماكن بديلة لهم”.

كربلاء

ويعد المواطن مصطفى حيدر، من اهالي كربلاء، ان حملة رفع التجاوزات “انفعالية” جاءت إثر اغتيال مدير البلدية عبير ناصر.

ويهاجم حيدر تحرك الحكومة بهذا الاتجاه بشكل “غير مدروس، ولا ينسجم مع واقع الكثير من الشباب الذين عجزت السلطات عن توفير فرص عمل مناسبة لهم”.

ويشير المواطن الى ان حملات عديدة سبقت ذلك، وقد استخدمت كورقة انتخابية من قبل احزاب متنفذة، كانت قد انهتها قبل ان يطالها اي ضرر منها.

ويقول حيدر انه بالقرب من الحرمين الشريفين هناك عدد من الفنادق الضخمة التي شيدت بطريقة غير أصولية، لكنها تعود ملكيتها لشخصيات سياسية مؤثرة، مستبعدا ان يكون هناك اجراء حازم بصددها.

النجف

وفي محافظة النجف، بدأت حملة رفع التجاوزات قبل ثلاثة أيام، وفقا للمواطن سيف حسين، أحد العاملين في مديرية البلدية.

ويقول حسين لـ”طريق الشعب”، إنّ “الحملة انطلقت من شارع كربلاء - النجف، تمت ازالة المحال والاكشاك المتجاوزة على الاراضي الزراعية. كما تمت تسوية الاراضي الزراعية المقطعة لغرض بيعها كدور سكنية”.

ويضيف حسين، انه جرى رفع واجهات المحال التجارية المتجاوزة وبعض قطع الاعلانات في حي الحرفيين وشارع مكتب الرشيد، فضلا عن تبليغ اصحاب المحال المتجاوزة في الحي الصناعي على الشارع الخدمي والرئيسي النجف - الكوفة بضرورة رفع تجاوزاتهم خلال بضعة ايام.

ويؤكد أنه تم رفع التجاوزات وتهديم المشتملات التي شيدت بطريقة غير رسمية في المناطق العامة، اضافة الى ازالة الدور السكنية المتجاوزة على الاراضي الزراعية والابلاغ بضرورة رفعها في دور الهندية- الوفاء وشارع عبد العال في الجانب الايمن من المدينة.

ويصف المواطنون الذين تضرروا من تلك الحملة، الاجراءات بأنها “غير منصفة”، مؤكدين ـ بحسب حسين ـ انها لم تصل الى تجاوزات كبار المسؤولين.

ويطالب المتجاوزون من اصحاب البسطيات والاكشاك بتوفير أماكن بديلة لهم.

ويلفت المتحدث الى ان كثيرا من المواطنين، شددوا على ضرورة أن ترافق هكذا حملات اجراءات حقيقية تتضمن توفير السكن والعمل والعيش الكريم للمواطنين.

بابل

ودشنت بلدية الحلة برفقة قائممقامية المحافظة حملة لازالة التجاوزات في شارع 80 في مركز المدينة.

يقول نجاح علي (مواطن)، ان الحملة اقتصرت على رفع التجاوزات التي تشمل مسقفات المحال التجارية المتجاوزة على الارصفة”.

واكتفى علي في حديثه لـ”طريق الشعب” بأن الحملة “هامشية”، وقد تختفي قريبا مع اشتداد الماراثون الانتخابي للأحزاب والمتنفذين.

واسط

وفي واسط توقفت حملة رفع التجاوزات بأمر من المحافظ محمد المياحي.

يقول المواطن حسام صاحب، لـ”طريق الشعب” ان “المواطنين متخوفون من تنفيذ الحملة، خاصة وان هناك مساحات غير قليلة متجاوز عليها”.

ووفقا للمتحدث فإن التجاوزات في المحافظة تشمل الأراضي التي شيدت عليها دور سكنية، وهناك تجاوزات من اصحاب المحال التجارية، وغير ذلك.

ويرهن صاحب نجاح الحملة بإعداد دراسة ميدانية باشراف وزارة التخطيط، لضمان عدم تضرر المواطنين في ظل ما تشهده البلاد من أزمات متلاحقة، لا يزال يدفع ثمنها الفقراء وذوو الدخل اليومي المحدود.

ذي قار

ويتخوف أصحاب العشوائيات في محافظة ذي قار من أن يصل “شفل الحكومة” الى منازلهم.

يقول رعد كريم لـ “طريق الشعب”، ان “الحملة تأخر تنفيذها بعض الشيء، ربما بسبب الوضع الامني الاستثنائي في المحافظة، والتظاهرات. لكننا متخوفون منها”.

وما يزيد قلق كريم الذي يسكن في أحد الاحياء العشوائية، ان الحكومة لم تطرح بدائل للمتجاوزين “آليات البلدية تتجول في الاسواق والاحياء السكنية لمكافحة تلك التجاوزات”. هذا ما لاحظه كريم في مقاطع الفيديو التي تروّجها مواقع التواصل الاجتماعي، في عدد من المحافظات.

وينقل المواطن عن تلقي أصحاب ساحات لوقوف السيارات قرب جسر الحضارات، إنذارات نهائية باغلاقها ، وكذلك المقاهي القريبة من نهر الفرات.

أما التجاوزات على الأرصفة، فإن القضية تمت تسويتها من قبل المحافظ بمنح المتجاوزين عليها “مترين” للاستفادة منها في كسب أرزاقهم.

3600 عشوائية في البلاد

وبخصوص نسب الاراضي الحكومية المتجاوز عليها، افاد المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لـ”طريق الشعب” بان وزارته لم تجر الى الان أية دراسة بهذا الخصوص باستثناء احصائيات مقربة شملت اعداد العشوائيات.

وقال ان “هناك ما يقارب 3600 عشوائية في عموم محافظات العراق، يسكنها 3 ملايين و300 الف مواطن، وتضم 522 الف وحدة سكنية”.

عرض مقالات: