اخر الاخبار

يعد مؤشر التضخم واحداً من أهم المؤشرات الاقتصادية التي توضح تأثير مختلف الفعاليات الاقتصادية التي تحدث في البلاد، والتي تتطلب مراقبة وتدقيق مستمرين من مختلف الجهات الرقابية لاعتماد بيانات دقيقة وصحيحة تعكس الواقع الحقيقي للأحداث الاقتصادية في البلاد.

ويعني ارتفاع معدل التضخم زيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الأطعمة والكهرباء والنقل والملابس، ما يؤدي إلى رفع تكلفة المعيشة.

ورغم اعلان الحكومة سعيها الى خفض نسبة التضخم، الا انه لا يزال متذبذبا، بسبب سياستها الاقتصادية التي لم تسهم في مكافحته، بل خدمت "جيوب الفاسدين"، طبقا لمراقبين.

كشفت دائرة الإحصاء والأبحاث في البنك المركزي العراقي، عن معدل التضخم السنوي لدول المنطقة لشهري نيسان وأيار من العام الحالي.

وأكدت الدائرة، بأن معدلات التضخم في العراق لشهر نيسان سجلت 3.0 في المائة، بينما وصلت في شهر أيار إلى 3.4 في المائة.

أسباب الارتفاع

قال الخبير الاقتصادي همام الشماع: أن العوامل الرئيسة التي ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم منذ البداية وحتى الآن تتمثل في "أسعار صرف الدولار"، مبينا أنه "كلما ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، انعكس ذلك على تكلفة استيراد المنتجات المختلفة، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار".

وأضاف: أنه "لا توجد أسباب أخرى لارتفاع التضخم سوى سعر الصرف، لأن العراق يستورد معظم احتياجاته من الخارج".

وفي ما يتعلق بكيفية تأثير السياسات الحكومية وإدارة البنك المركزي على التضخم، أوضح الشماع لـ "طريق الشعب"، أن "السياسة المالية ساهمت بطريقتين: أولاً، زيادة الإنفاق الحكومي من خلال تضخيم الموازنات دون وجود حسابات ختامية. وثانياً، تغيير سعر الصرف ورفعه من قِبل علي علاوي، وزير المالية الأسبق، إلى مستويات أعلى مما أدى إلى قفزة في الأسعار في عام 2021. ورغم تخفيض رئيس الوزراء الحالي السوداني لسعر الصرف إلى حوالي 1320 دينارًا للدولار، إلا أن تأثيره على تخفيض الأسعار كان محدودًا نظرًا لأن سعر الصرف الموازي ظل مرتفعًا".

وأضاف الشماع، أن "السياسات التي تبنتها حكومة السوداني والبنك المركزي لم تسهم في مكافحة التضخم، بل على العكس، إذ استمرت السياسة المالية التوسعية والإنفاق الضخم على الموازنة التي تحتوي على عجز كبير وصل إلى 80 تريليون دينار".

واعتبر الشماع أن هذا العجز قد يعكس رغبة لدى الحكومة في الإنفاق لملء جيوب الفاسدين، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع المالية وجعل من الصعب مكافحة التضخم.

وحول تأثير المشاكل الإقليمية والدولية على معدلات التضخم، أكد الشماع أن هذه العوامل تؤثر على سعر الصرف، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم، وحدوث حالة من الركود الاقتصادي.

ختاماً، رأى الشماع أن" الأوضاع الاقتصادية في العراق تتطلب إجراءات جذرية لتغيير المسار الحالي الذي يهدد بمزيد من التضخم والركود".

"غير ناجحة"

أما الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن فقال: إن ارتفاع معدلات التضخم يعود أساسًا إلى السياسة "الاقتصادية غير الناجحة، خاصة في المرحلة الحالية".

وأضاف حسن، أن تسليم ملف البنك المركزي إلى أشخاص يفتقرون للخبرة، بالإضافة إلى تدخل الفيدرالي الأمريكي بدلاً من فصله، قد أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية، معربا عن قلقه من أن "استمرار الوضع على هذا النحو قد يؤدي إلى وصول الدولار إلى مستويات مرتفعة تصل إلى 300 ألف دينار".

من جهتها، فصلت مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والاستشارات الاقتصادية مؤشرات ارتفاع التضخم.

وذكرت المؤسسة في تقرير لها أن نسبة التضخم السنوية في إقليم كردستان بلغت 5.34%، بينما بلغت نسبة التضخم في المحافظات الوسطى 2.25 في المائة، وبلغت نسبة التضخم في المحافظات الجنوبية 2.6 في المائة.

ووفقًا للتقرير، فإن الارتفاع الأكثر في الأسعار كان في خدمة الكهرباء إذ ارتفعت بنسبة 45.47 في المائة، والسكائر بنسبة 23.7 في المائة، والأسماك بنسبة 14 في المائة، وخدمات الترفيه بنسبة 12.9 في المائة، واللحوم بنسبة 10.39 في المائة.

كما أشارت المؤسسة إلى أن مواد الألبان والزيوت والفواكه والخضروات شهدت انخفاضًا في نسب التضخم في جميع محافظات العراق.

المال السياسي الفاسد

من جهته، قال الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه، أن ارتفاع معدلات التضخم، خاصة في قطاع السكن، يعود بشكل رئيس إلى "تأثير المال السياسي الفاسد".

وبيّن أن هذه الأموال، التي تم غسلها في قطاع السكن، أدت إلى تضخم كبير في هذا القطاع.

وأوضح لـ "طريق الشعب"، أنه "كلما ارتفع سعر صرف الدولار تضعف قيمة الدينار العراقي، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم"، مؤكدا أن "استقرار سعر الصرف يمكن أن يؤثر بشكل كبير على التضخم".

واقترح الباحث، أن يكون الحل من خلال السيطرة الحكومية على عرض الوحدات السكنية، وتعزيز الجهاز الإنتاجي الوطني، معتبرًا أن هذه الخطوات يمكن أن تسهم بشكل كبير في خفض معدلات التضخم وتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.

عرض مقالات: