اخر الاخبار

أصبح الإعلان عن الحرائق في مناطق متفرقة من البلاد، أمرا يكاد يكون شبه يومي، في ظل الاهمال الكبير لشروط السلامة في المراكز التجارية والأسواق والبيوت السكنية التي تسمى بـ”التجاوز”. ورغم الحديث المتواصل عن ضرورة إيقاف هذه الظاهرة، إلا أن الحالات بدأت في الزيادة بشكل كبير، بل وصلت إلى مديات أخرى تتعلق بافتعال الحرائق لأسباب عديدة من خلال استغلال هذه الفوضى، وعدم المتابعة والمحاسبة التي يفترض أن تقوم بها جهات مختصة.

إحصائية رسمية

وكشفت مديرية الدفاع المدني عن احصائية عدد حوادث الحرائق المسجلة خلال النصف الاول من السنة الحالية، مبينة أن هذه الظاهرة أصبحت تتكرر بشكل شبه يومي في البلاد، لأسباب عديدة، أبرزها ضعف عمليات التفتيش على اجراءات السلامة التي تغيب عن المشهد.

وقال مدير الدفاع المدني، اللواء كاظم بوهان لـ”طريق الشعب”، إن حوادث  الحرائق  تجاوزت 15 الف حادث خلال الفترة الماضية من العام الحالي. في حين سجلنا في السنتين الماضيتين معدلات تجاوزت 30 الف حادث”، بمعنى أن معدل حرائق هذا العام قريب من إحصائيات الأعوام السابقة، ولم يشهد أي اختلاف ملحوظ، يمكن اعتباره نتيجة ايجابية.

أسباب معروفة

وأضاف بوهان خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “أسباب الحرائق معروفة وتتعلق بكثرة المخالفات لشروط السلامة في أماكن العمل والبيوت التي بنيت بطريقة التجاوز. حيث أن هذه البيوت يتم البناء فيها بمواد رخيصة لكنها سريعة الاشتعال وخطرة، كمادة الـ(سندويتش) المنتشرة حاليا في جميع المجالات”، مبينا أن “مديرية الدفاع المدني تواجه عقبات وتحديات كبيرة رغم امكانياتها المحدودة والواضحة للجميع”.وتابع المتحدث ان “من أهم المشاكل التي تواجهنا أثناء معالجتنا للحرائق في العاصمة هو ضيق الطرق التي جرى خلال السنوات الماضية اقتطاعها، لذلك يكون من الصعب جدا الوصول إلى المحال التجارية التي تتعرض للحرائق، فلا توجد طرق سالكة ومريحة، ولا ممرات طوارئ تراعي ضرورة السرعة في مهامنا من أجل انقاذ حياة المواطنين وممتلكاتهم. بالإضافة إلى ذلك كله يقف التحدي الأكبر أمامنا بعدم تعاون كثير من المواطنين مع فرق الدفاع المدني، وعدم فسحهم المجال للعجلات التي تريد الوصول إلى موقع الحادث”. وأشار مدير الدفاع المدني خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إلى أنه في السنوات الماضية “كانت فرق المديرية تحظى بمكافآت تشجيعية لتعزيز جهودهم في خدمة المواطنين، لكن بسبب الأزمة المالية وضعف التخصيصات في الموازنة، تلاشت هذه المكافآت ولم يعد العاملون يحصلون سوى على كتب الشكر والتقدير”.

غرامات كثيرة

وبيّن بوهان ان “الكثير من المشاريع التي لم تراعِ شروط السلامة جرى تغريمها وأقيمت ضدها دعاوى قضائية، لكن الاجراءات العقابية الموجودة في القانون لا يتم تطبيقها، فيما تغض بعض الأطراف المعنية نظرها عن المحاسبة والمتابعة، لأن فيها من يستفيد من أصحاب المشاريع. وبشكل عام، فإن المولات التجارية ربما هي افضل حالا من المحال والاسواق”.

تهالك البنى التحتية

وعن السبب في تكرار الحرائق، يقول المهندس المعماري، سيروان جمال، انها تحصل “بفعل تهالك البنى التحتية والخدمية في العراق، التي تعود في معظمها على الأقل الى نصف قرن وأكثر”.

ويتابع “تم استهلاكها لسنوات وسنوات ولا تخضع للصيانة الكافية ولا يتم الالتزام بمعايير السلامة والجودة. لقد تحولت إلى مبان مهترئة آيلة للسقوط في أي لحظة، وأشبه بقنابل موقوتة”. ويضيف “المستشفيات مثلا كلها قديمة وتعاني مبانيها من التآكل، وهي بحاجة ملحة للترميم والتجديد وإعادة التأهيل؛ فمثلا تمديدات الكهرباء والماء والصرف الصحي داخلها تكاد تكون منتهية الصلاحية، ما يجعلها دوما عرضة للتسبب بحوادث وكوارث كما نشاهد مع الأسف، فضلا عن أن تخطيطها الهندسي ما عاد يتوافق مع التطور في هندسة المرافق والمؤسسات الصحية والطبية العصرية حول العالم”.

تقصير واهمال

وعلى صعيد ذي صلة، تحدث صاحب أحد المحال التجارية في سوق الكمالية شرقي بغداد، عن الحريق الذي حدث في السوق، وكيف تسبب بخسائر مادية هائلة له ولرفاقه من أصحاب المحال. وقال ريسان ساري لـ”طريق الشعب”، إن الحريق الذي التهم بعض المحال في سوق الكمالية “تم بفعل فاعل، وخسرت بسببه ما يقارب الـ 110 ملايين دينار، بسبب تعرض محلي للاحتراق، فضلا عن خسارة مواطنين آخرين غيري مبالغ أكبر”. وأضاف ساري “لا توجد أية شروط للسلامة في المحال او السوق بشكل عام. وأن فريق الدفاع المدني في قاطع الكمالية لم يأتِ في وقت الحادث، إنما حضر بعد اطفاء النيران الذي تم على يد فريق قاطع البلديات”، مؤكدا أنه “لا يوجد اي شخص من الجهات المعنية قام بزيارتنا. كل ما حصل بعد الحادثة هو تقديم الوعود التي لم ينفذ منها شيء”.

عرض مقالات: