اخر الاخبار

رغم قرار تجريم إطلاق العيارات النارية العشوائية و(الدكة) العشائرية، والذي عدّه كثيرون قرارا مهما، ويساهم في تقليل حالات الانفلات الأمني الذي يهدد أرواح المواطنين، ما زالت الكثير من المخالفات تجري في اماكن متفرقة من البلاد.

وسجلت دائرة الطب العدلي، مؤخرا، وفاة 41 مواطنا متأثرا بإطلاق العيارات النارية خلال حزيران الماضي، مقابل ضعف واضح في أداء الأجهزة الأمنية، حيث يدعو ناشطون ومراقبون إلى ضرورة تطبيق القانون بشكل صارم، كما يأملون من شيوخ العشائر والشخصيات المؤثرة، التعاون مع قوات الأمن للتخلص من هذه الآفة الخطرة.

توجيه نيابي

ومؤخرا، أوصت لجنة الامن والدفاع البرلمانية بضرورة استثمار توجيهات مجلس القضاء الأعلى، للحد من ظاهرة الرمي العشوائي.

ودعا عضو اللجنة النائب بدر الزيادي، في تصريح صحفي، الأجهزة الأمنية الى الاستمرار في “متابعة توجيهات مجلس القضاء الأعلى للحد من هذه الظاهرة، التي تكثر في المناسبات، وإحالة مرتكبيها إلى القضاء ومحاسبتهم”.

وشدد الزيادي على وجوب أن “يكون السلاح بيد الدولة فقط، كون السلاح المنفلت يؤثر على الشارع والمدنيين، ولا بد من تطبيق القانون بصورة صحيحة”.

الاجراءات الامنية غير رادعة

ويقول الناشط المدني عبد الله حسين لـ”طريق العشب”، إن “الإجراءات الأمنية ليست كافية، ولا تجدي نفعا خصوصا في مناطق الجانب الشرقي من بغداد”، مؤكدا أن “دور القوات الأمنية في هذه المناطق خجول جدا ويخشى الصدامات”.

وينوه الناشط إلى أن “عدم متابعة قوى الأمن وعدم تكثيف تواجدها في المناطق الشعبية، هو أحد أسباب استمرارية حدوث النزاعات المسلحة بشكل مستمر في تلك المناطق”، مضيفا أن “القوات الأمنية بدل أن تقوم باعتقال مطلقي العيارات النارية، أصبحت تمارس دور فض النزاعات بعيدا عن القوانين”.

ويشير حسين الى انه “مؤخرا، نشب نزاع عشائري في منطقة (الأمين) التي أسكن فيها، تأثرت بسببه منازل المواطنين وعجلاتهم الخاصة. والحقيقة أن هذه الحادثة وغيرها تؤكد أن سلطة العشائر في هذه المناطق أصبحت أقوى من سلطة القانون. وأن دور القوات الأمنية عند مجيئها إلى مكان النزاع يقتصر على تهدئة الموقف، لتسوية الخلاف كما حصل في الحادثة الأخيرة، ولم تبذل تلك القوات أية جهود في سبيل اعتقال المجرمين”.

وبسبب “تخاذل قوات الأمن” يلاحظ حسين ان “هذه الظاهرة استفحلت في المجتمع، فلا بد من أن تكون هناك قوة حكومية ضاربة، تعتقل كل من يخالف القانون، والقضاء هو من يفصل في هذه القضايا، لا أن تكون القوات الماسكة للأمن حلالة مشاكل”.

الإفلات من العقاب

ويقول المواطن عامر عبد الله لـ”طريق الشعب”، إنّ “بعض مطلقي العيارات النارية هم منتسبون في أجهزة الدولة الامنية، وبعضهم أبناء مسؤولين وقيادات عسكرية في مناصب أمنية رفيعة، ويتفاخرون بأفعالهم عبر تصوير أنفسهم، وهم يطلقون النار، ونشر هذه الممارسات على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. ويعود ذلك الى غياب الرادع الحقيقي واطمئنانهم لوجود من يحميهم ويخلصهم من سلطة القانون”.

وتابع عبد الله، ان “ظاهرة السلاح المنفلت منتشرة بشكل كبير في المناطق الشعبية. فالدولة عاجزة عن حصره، بل يباع في الأسواق العامة وأمام أنظار رجال الأمن”.

ويردف بالقول أن “المواطن الذي يبلغ الأجهزة الأمنية عن مطلقي العيارات النارية، تتم ملاحقته عشائريا، بينما تتخلى عنه السلطات الأمنية”، مضيفا ان هناك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، توثق هذه الحالات بالفيديو والصورة، وتكشف عنهم، إلا أنهم لا يجدون أية متابعة حقيقية من أجهزة الأمن المعنية.

ويؤكد الناشط المدني احمد تاج لـ”طريق الشعب”، ان “عمليات إطلاق النار العشوائي و(الدكة) العشائرية، تكشف عجز قطعات الجيش والشرطة الاتحادية عن مكافحتها، لأن السلاح المنفلت أقوى من سلطة الحكومة”.

وبيّن تاج أن “المجتمع العراقي بات يحكمه العرف لا القانون، وهذا ما يلتمسه الجميع عند وفاة مريض ما في أي مستشفى، حيث يلجأ من يدعي الضرر إلى العشيرة لا القانون، إضافة للاعتداءات التي تحدث على موظفي الدولة الذين يحرصون على تطبيق القانون”.

خلل في التطبيق

ويعلل تاج استفحال تلك الظواهر بـ”عدم التعامل الصارم من قبل الجهات التنفيذية تجاه مرتكبي الأفعال الدموية. وان كانت الجهات القضائية أصدرت الأوامر، إلا أن الخلل في الجهات التي تنفذها”.

وتابع قائلا: ان “القضاء على هذه الآفة يكون بأكثر من طريقة من خلال تنظيم حملات ضغط وتوعية، وأيضا من خلال اجتماع شيوخ العشائر العراقية على كلمة واحدة، ترفض من خلالها هذه الأفعال، وتسلّم من يخالف القانون منها، وتتعاون مع القوات الأمنية التي يجب أن تأخذ دورها بالشكل المطلوب”.

ومرارا ما يتعرض مواطنون آمنون إلى الموت والاصابة بسبب عيارات نارية طاشة.

وفي هذا الصدد، يروي المواطن مصطفى الزبيدي لـ”طريق الشعب”، تجربته المريرة بوفاة أخيه قبل سنوات، بسبب اطلاقات طائشة.

ويقول الزبيدي “في احدى مباريات منتخبنا الوطني لكرة القدم والتي فاز بها على خصمه، تحولت سماء منطقتنا إلى جحيم، بسبب إطلاق العيارات النارية، وهو أمر غريب، ويتناقض مع الفرح والسرور بانتصار رياضي”، مضيفا “كان أخي الصغير وهو ابن العشرة أعوام يلعب أمام المنزل وسقط فجأة على وجهه، إثر رصاصة طائشة”.

وأعلنت مستشفى جراحة الجملة العصبية عن استقبالها 14570 حالة مرضية خلال النصف الأول من 2021 بينها 50 حالة طلق ناري بسبب الرمي العشوائي و 918 حالة حوادث مرورية  و1773 حالة سقوط من مرتفع إصابات بالدماغ والحبل الشوكي.

ويقول مدير المستشفى الدكتور سمير حميد الدلفي ان “مستشفى الجملة العصبية تستقبل وعلى مدار الساعة الحالات المرضية الطارئة لإصابات الدماغ والحبل الشوكي فضلا عن استقبال الحالات المرضية الباردة في الاستشاريات”.

ويضيف الدلفي ان “المستشفى استقبلت خلال النصف الأول من العام الجاري 14570 حالة مرضية بينها 8900 حالة مرضية راجعت الاستشارية فيما استقبلت الطوارئ 5670 حالة مرضية”.

ويوضح ان “من بين الحالات الطارئة بالدماغ والحبل الشوكي التي استقبلتها المستشفى 918 حالة من الحوادث المرورية للسيارات والدرجات والتكتك ونحو 1773 حالة سقوط من مرتفع و 50 حالة إصابة بطلق ناري جراء الرمي العشوائي”.

عرض مقالات: