اخر الاخبار

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الالكترونية وبين أوساط شعبية، أحاديث تحذر المواطنين من تلقي لقاحات كورونا في ظل الفترة الوبائية الحرجة.

ويتحدث الكثير من المحرضين وأصحاب الآراء الخاطئة ـ دون خوف من عواقب ما يقومون به ـ عن تفاصيل لا علم لهم بها، ويصفون اللقاحات بأنها تسبب الكثير من الأمراض والأعراض الخطرة، ما جعل البسطاء يترددون في الإقبال على مراكز التطعيم، خصوصا وان الحملة الإعلامية للمؤسسات الرسمية تكاد لا تقاوم تلك الشائعات.

ووصلت يوم امس 571 ألف جرعة من لقاح فايزر الى بغداد؛ حيث سيتم توزيع اللقاحات على دوائر الوزارة في بغداد وعموم المحافظات.

وفي وقت سابق، كشفت الوزارة عن مفاوضات مع الدول المنتجة للقاح لتأمين كمية لتغطية العام 2022.

اتهامات غير علميّة

ومنذ دخول اللقاحات إلى العراق بعد أن تعاقدت وزارة الصحة على أولى الوجبات منها، راجت حملات مضادة للتلقيح على منصات الكترونية كثيرة، فضلا عن أوساط اجتماعية تعاني الكثير من الهشاشة بفعل انتشار الخرافة والدجل وغياب المصادر الرسمية.

وتوقعت وزارة الصحة منذ ذلك الحين أن تلاقي صعوبات بهذا الجانب، وآراء مضادة لا تستهدف الحوار، وإنما رفض اللقاح جملة وتفصيلا، بحسب ما قاله الناطق باسم الوزارة الدكتور سيف البدر لـ”طريق الشعب”.

وأكد البدر أن “القضية ليست سهلة لوجود جهات تحاول تجهيل الناس بضرورة اللقاح، ولا بد من التصدي لها من أجل تحصين المواطنين من شرور الوباء الخطر”.

ومن ضمن الدعايات أو الاتهامات التي وجهت لهذه اللقاحات هو “تسببها بتغيير الجينات الوراثية، وتأثيرها على المرضى المقبلين على عمليات جراحية، وعلى قدرة الإنجاب”، فضلا عن اتهامات كثيرة لا حصر لها.

وبشأن هذا اللغط الواسع، يؤكد الطبيب عبد الحسين الكناني، أن ما يتم تداوله حاليا “لا صحة له، وهو أمر مؤسف خصوصا وأن الذين يبثون الدعايات لا يحاسبون”.

ويوضح الكناني لـ”طريق الشعب”، قائلا: “هناك دراسات علمية رصينة أكدت أن اللقاحات لا تؤثر على الجينات البشرية، وهي بعيدة كل البعد عن التسبب بأي ضرر للمرضى المقبلين على التخدير بسبب العمليات الجراحية، ولا علاقة لها أيضا بقضية الإنجاب”، مضيفا “هذه أيضا قناعتنا كأطباء، نعمل يوميا بتماس مباشر مع الإصابات واللقاحات والمستجدات الطبية المتسارعة. إن ما يجري معيب حقا وخطر على حياة الناس، لننظر إلى الدول المتقدمة التي ابتليت بإصابات هائلة، وهي اليوم تشهد انخفاضا مطمئنا بسبب إقبال مواطنيها على اخذ اللقاحات”.

خرافات

القضية لا تقف عند حد خوف الناس الناتج عن الجهل أو التجهيل الذي يمارسه البعض في المجتمع، بل يصل إلى أدوار خطرة، قام بها بعض الأطباء المغمورين على مواقع فيسبوك، وتحريضهم المواطنين على الاختلاط.

ومن بين عدد من هؤلاء، برز طبيبان أحدهما بيطري. وهما يروجان فكرة مفادها أن “تجنب الوباء لا علاقة له بارتداء الكمامة أو التعقيم باستمرار والتباعد الاجتماعي، بل قام احدهم بفتح مركز لعلاج المواطنين ويقوم أمام الكاميرات بالاختلاط معهم، متحديا إجراءات وزارة الصحة ولجنة الصحة والسلامة”.

أين الأمن الوطني؟

ويعلق الممرض في دائرة صحة الرصافة، حسن فلاح، على الأمر بقوله: إن “عددا قليلا من هؤلاء الفوضويين استطاع إرباك الرأي العام وتغيير قناعات كثير من المواطنين بشأن اللقاحات، فيما بقي الجهد الحكومي عاجزا عن مواجهة مثل هؤلاء المشاغبين والمغامرين”.

ويتساءل فلاح عن “دور الأجهزة المعنية بالأمن المجتمعي والوطني من هؤلاء حيث أن الفكرة الأساسية لا تتعلق باعتقال أو ملاحقة من يعطي رأيا مخالفا بشان اللقاحات، وإنما بمن يتحدث كجهة رسمية ويحث المواطنين على القيام بعكس ما تدعو له الخطط العلاجية على الصعيد المحلي والعالمي”. ويتحدث الطبيب المتقاعد وليد النعيمي عن “محاولة بعض المؤمنين بالخرافات والباحثين عن الشهرة في تخويف الناس من اللقاحات باستغلال أي خبر سلبي عنها وتهويله”.

ويقول النعيمي لـ”طريق الشعب”، إن السيطرة على الأوبئة ليست قضية  آراء فردية، بل تتطلب جهودا مشتركة تتضافر سوية، وتتضمن جهات أكاديمية وسريرية ومختصين في علوم الأوبئة والفيروسات والأدوية والمناعة والإحصاء الحيوي وما إلى ذلك”.

ويضيف ان “كل طرف منهم يقوم بتأدية دور معين، ومن ثم يتم التوجه بعد العمل على الوقاية، نحو الاستقصاء الوبائي في تطبيق طرق الاكتشاف المبكر للمرض وحصر الملامسين و عزلهم”.

ويشير النعيمي الى أن “شبكات التحليل المختبري والتقنيات المختبرية المتقدمة تلعب دورا مهما في تأكيد تعريف الحالة واثبات وجود المرض ودراساته وتهيئة اللقاحات ودراسة نماذج المرضى أو المتطوعين في التجارب لمتابعة التأثيرات العلاجية”.

تثقيف ضعيف

وفي السياق ذاته، يتحدث الفنان الشاب، محمد مازن، وهو من المشاهير على منصة انستغرام عن خطورة تضليل وعي الناس بواسطة بعض المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول مازن الذي فقد والده قبل أيام بسبب تداعيات الفيروس ان “الحملة الإعلامية المضادة للقاحات هي أكبر بأضعاف من حملات الدولة. وما يزيد الطين بلة هو عدم توفر أماكن للمقبلين على اللقاح برغم الشكوى من قلة أعدادهم”.

ويضيف مازن لـ”طريق الشعب”، قائلا: “أشاهد على منصات التواصل تجهيلا خطرا بشأن اللقاحات، وهناك من يتلاعب بعقول الناس دون أي رادع قانوني يمنعه من ذلك”.  ويشير الى انه “في مواقع التواصل الاجتماعي، هناك بعض المشاهير يمكن أن يروجوا علاجا للتنحيف وغير ذلك ويدعو الناس لتجربته دون أي تفكير مسبق، لمجرد أنه يحصل على مبلغ من المال مقابل اعلانه”، مردفا لكنه لا يفكر أن يسهم في مواجهة حملة تظليل الناس وتشكيكهم بفاعلية اللقاحات.