اخر الاخبار

بات من الواضح جدا أن شرعية الانتخابات البرلمانية المقبلة، أصبحت تواجه تحديات كبيرة، أبرزها ما يتعلق بضعف الإقبال المتوقع على صناديق الاقتراع من قبل أوساط اجتماعية واسعة؛ فالانتخابات التي يفترض أن تكون مبكرة، وملبية لمطالب جوهرية أكد المنتفضون على ضرورة تحقيقها، جرى تأجيل موعدها والالتفاف على أهم مستلزماتها. وفي الوقت الذي وصلت فيه عمليات الاغتيال والفساد والإفلات من العقاب إلى أعلى مستوياتها، خلافا لكل الوعود الحكومية، أصبح الحديث عن مقاطعة الانتخابات يشغل الرأي العام، ويدعو له الكثير من الناشطين الشباب.

السلاح يتصدر المشهد

ويجد الشاب الناشط في الاحتجاجات أمير صلاح ان المخاطر التي يفرضها سلاح المليشيات والجهات الخارجة عن القانون، تلقي بظلالها على “سلامة الانتخابات ومصداقيتها”.

ويقول صلاح لـ”طريق الشعب”، انه “في الأشهر الأولى من عمر الحكومة الحالية أردنا أن ننتظر ونرى بعض النتائج الايجابية في ما يتعلق بملاحقة حملة السلاح المنفلت والقتلة وعصابات الموت والاغتيال. واستبشرنا خيرا في بعض العمليات التي حصلت، لكن سرعان ما تراجعت الحكومة عنها وخرج بعض المتهمين من التوقيف، بل وقاموا باهانة الدولة علنا وهم ينتمون إلى جهات واضحة ومعروفة”.

ويعتقد الناشط أن “رغبة الحكومة في محاسبة هؤلاء الخارجين عن القانون، اصطدمت بنفوذ الجهات السياسية التي لها ارتباطات خارجية، وبالتالي لم نشهد أي دور مؤثر في حسم هذا الملف”.

وينبه صلاح الى أن البلد “ليس حقلا للتجارب، ومن التجارب الماضية أصبح من الواضح جدا أن الحكومة عاجزة، ولن تقدر على ضبط السلاح المنفلت الذي يترقب حَمَلته موعد الانتخابات ليقولوا قولتهم”، لافتا إلى أن “قضية الاغتيالات أضحت تهدد الأمن المجتمعي والتجربة الديمقراطية الحديثة، وتحصد أرواح الشباب الناشطين، ولا يمكن إجراء أي انتخابات في ظل وضع كهذا”.

وعلى أثر عمليات الاغتيال التي تجددت قبل أيام قليلة، عندما اغتيل شاب في البصرة وهو ابن احدى الناشطات البارزات هناك، والتي فقدته كابن ثان جرت تصفيته على يد جهات مجهولة، قرر كثير من الناشطين، وفقا لصلاح، “مقاطعة الانتخابات ونزع الشرعية الكاذبة عنها أمام الجميع”.

تأكيد على المقاطعة

أما الناشط المدني محمد تقي فيتحدث لـ”طريق الشعب” قائلا: “بات من الضروري مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، لأنها لن تخرج بنتائج تلبي تطلعات المواطنين والشباب المحتجين. كما لا يجب أن ننسى بأن الجموع الغفيرة من الشباب التي انتفضت، لم تخرج لإعادة تدوير الوجوه السياسية، بل أرادت إزالة الفاسدين وإسقاط منظومة المحاصصة والفساد”.

ويردف كلامه “لا وجود لانتخابات حرّة ونزيهة تعبر عن تطلعاتنا الرامية للتغيير، في ظل نظام المحاصصة والفساد وانتشار السلاح المنفلت، وقانون انتخابي مفصل على مقاسات الكتل السياسية المتنفذة “.

ويشدد على ضرورة أن تتمتع العملية الانتخابية بشفافية عالية، وهي بحاجة إلى بيئة آمنة وجملة من العوامل التي تساهم في انجاحها، مثل القضاء على السلاح المنفلت، وتطبيق قانون الأحزاب.

ويبيّن تقي لـ”طريق الشعب”، أن “الحكومة ضعيفة وغير جادة في مساعيها لتحقيق انتخابات حرة نزيهة، تكون رافعة للخلاص، ولا توجد قوة حكومية لردع ومجابهة قوة وسطوة العصابات التي تصول وتجول في المدن وترهب المواطنين الآمنين، وتبتز منهم من تريد ابتزازه لأغراض سياسية أو غيرها. والسبب في كل ما يجري يعود الى أن كل الحكومات جاءت وفق معادلة المحاصصة السياسية بين الكتل المتنفذة، فكيف يمكن الحديث عن نزاهة وحرية انتخابية بينما الجهات المسلحة أقوى من الدولة، وتمتلك احزابا سياسية ستشارك في الانتخابات، وبالتالي لن يتمكن المدني والديمقراطي والمستقل من النجاح في عمله، وفق هذه المعادلة”.

ضرورة التنسيق

ويفيد الناشط المدني، عمر القره غولي، بأهمية أن تكون مقاطعة الانتخابات البرلمانية ضمن مسار صحيح واضح المعالم لتكوين فعل سياسي حقيقي ومؤثر، بهدف الخلاص من المنظومة السياسية الحالية.

ويؤكد القره غولي لـ”طريق الشعب”، ان الحديث عن انتخابات ديمقراطية في العراق “ما هو الا وهم وخيال، وذلك لان السلطة غير جادة في توفير مستلزمات الانتخابات الحرة النزيهة، فالمرشحون المستقلون والمدنيون يتعرضون للمضايقات، والناشطون أصبحوا فرائس لفرق الموت التي تختطف من تشاء منهم، وتغتال من تشاء أيضا دون رادع”، مبينا ان “قانون الانتخابات الحالي وضع من اجل ان تحافظ الكتل السياسية على وجودها داخل السلطة التشريعية، ووضع المرشحين المستقلين والمدنيين في دائرة الاستهداف، كون اغلب الدوائر هي مناطق نفوذ الميلشيات التي تستقوي على الدولة، وتهدد العملية الديمقراطية”.

وأشار الى ان “عدم تحقيق مطالب منتفضي تشرين، وعدم محاسبة القتلة والفاسدين وارتفاع معدلات الجريمة، جميعها تساهم في عزوف المحتجين والمواطن عن أداء الانتخابات، مستبعدا ان تكون هذه الانتخابات هي التي تنقذ البلد الواقف على حافة الانهيار”.

وشدد على ضرورة أن “تقوم الأحزاب الوطنية التي قاطعت الانتخابات، ببناء جبهة معارضة وطنية لهذه المنظومة، وتوحيد الجهود وسحب الشرعية منهم، وتفعيل الحراك الجماهيري والنزول الى الشارع”.

تهميش الشباب

من جانبه، يؤشر المحامي الشاب نبيل أحمد، تهميشا واضحا لشريحة الشباب في النظام السياسي القائم على “المحاصصة والتوافقات النابعة من المصالح الذاتية”.

ويقول احمد خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إنّ “الشباب فقدوا الثقة في العملية الانتخابية، لأن الدورات النيابية السابقة لم تشرّع لهم شيئا يذكر، بل عملت لسنوات على تحجيم دورهم وجعلهم أصواتا انتخابية لا أكثر. بينما بقيت الكتل السياسية تراوغ في إعطائهم حقوقهم وتحسين واقع حياتهم، بعد أن رمت بالقسم الكبير منهم إلى مستنقع البطالة والحروب وحولتهم إلى مأساة اجتماعية”.

وينوه المتحدث إلى أن “اللجان النيابية والحكومية المعنية بالشباب، لم تقدم أي انجاز حقيقي. وفي الحقيقة لا يمكن لنا القول بأن هناك أي نجاح على كافة الاصعدة”، مردفا “اذا كان هذا ملخص ما يجري، ويستمر نحو الأسوأ في قادم الايام التي تقترب من الانتخابات المزمع إجراؤها في 10 تشرين الاول، فلماذا يا ترى، يشارك الشباب في الاقتراع؟ اعتقد ان أمر المقاطعة أصبح رائجا ومناسبا لدى الكثير، بناء على هذه المعطيات”.