اخر الاخبار

تحت شعار "لا لتعديل قانون الأحوال الشخصية"، ضيّف "المنتدى الثقافي العمالي" في بغداد، صباح أول أمس الجمعة، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيقة بشرى جعفر أبو العيس، التي تحدثت في ندوة حوارية عنوانها "تعديل قانون الأحوال الشخصية تفكيك للنسيج الاجتماعي".

الندوة التي التأمت على "قاعة الشهيد أبو فرات" في مقر اللجنة المحلية العمالية للحزب الشيوعي العراقي، أدارتها الرفيقة تضامن عبد المحسن، وحضرها جمع من رفاق المحلية ومن صديقات وأصدقاء الحزب.

وفي معرض حديثها، سلطت الرفيقة بشرى الضوء على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية، والذي يصر بعض الكتل السياسية على تمريره رغم الرفض الشعبي الواسع، مبينة ان "أهم مكون للمجتمع هو الأسرة، وان العمل على خلق بذرة لتقسيم هذا البناء المجتمعي على أساس مذهبي، سيذهب إلى تقسيم المجتمع، وبالتالي كل ما ناضل من اجله التيار المدني الديمقراطي ما بعد 2003 لترسيخ الهوية الوطنية واعتمادها كأساس للعراقيين بالاستناد إلى المواد الدستورية، سيصبح في خطر".

وتابعت قائلة: "اليوم نواجه أزمة كبيرة. فالتعديل المطروح فيه كثير من المحاور السياسية والاجتماعية والفقهية، وفيه تجاوز وتعارض مع أكثر من 15 مادة دستورية"، مضيفة قولها: "لهذا علينا ان نتسلح بالقدر الذي يمكننا من مواجهة هذا التعديل، والتركيز على المواد الدستورية، لأن الدستور هو الضمانة الوحيدة لإنهاء هذا الجدل والنقاش بشأن المذاهب والفقه، خاصة أن الإعلام بدأ يرّوج لصراع ديني - مدني بخصوص تعديل القانون، ويحاول أن يظهر المعترضين على التعديل بأنهم لا دينيين متجهين لعلمنة الدولة أو فرض أيديولوجيا معينة".

واستعرضت أبو العيس، المراحل التاريخية للأحوال الشخصية في العراق، ابتداء من القانون الجعفري منذ الدولة العباسية، وصولا إلى الدولة العثمانية وصدور مجلة الأحكام العدلية التي نظمت الأحوال الشخصية، والتي كانت تسمى الأحكام العدلية لتنظيم كل الأحوال الشخصية وغير الشخصية على أسس فقهية تتوافق مع مجموعة من القوانين التي أخذت في حينها من اوربا.

وأضافت قائلة إنه "عند تشكيل الدولة العراقية، نلاحظ الذهاب إلى موضوعة تقسيم الأحوال الشخصية على أساسي المذهبين الجعفري والحنفي". فيما ذكرت أن "ثورة 14 تموز 1958، بدأت بوضع أسس مجتمعية جديدة، ومن ضمنها قانون الأحوال الشخصية الذي يحمي كل المواطنين العراقيين. وهو ليس قانونا مدنيا صرفا. اذ يعتمد أيضا على الفقه الاسلامي ويشتمل على 91 مادة تغطي كل الأحوال الشخصية منذ الولادة حتى الوفاة. وقد أضيف له في زمن البعث بعض المواد ليصبح 97 مادة مع التعديلات. اما اليوم فإذا أقرت هذه التعديلات التي طرحها أحد النواب وقرأت قراءة أولية، ستحرم شريحة اجتماعية كبيرة جدا من حقوقها".

وأشارت إلى "أن طرح وفرض هذا التعديل في هذا الوقت، غايته سياسية، وهو يهدف إلى فرض هيمنة الكتلة الأكبر في البرلمان ويأتي لخدمة جمهورها، وهذا يعيدنا إلى موضوع الصراعات بين الكتل السياسية والقوانين التي تريد تشريعها"، مؤكدة أنه "نحن كتيار مدني وديمقراطي نناهض نظام المحاصصة الطائفي السياسي، واليوم ظهرت كل تداعيات هذا النظام في أخطر قضية، وهو قانون الأحوال الشخصية لعلاقته بالمجتمع وحياة المواطنين".

وأشارت الرفيقة بشرى إلى أهمية تصديق العقود، ومن ضمنها عقد الزواج، في المحاكم، بما يضمن حقوق المواطن. فيما نوّهت إلى "خطورة تصديق عقود الزواج خارج المحاكم، والذي جاء في مسودة التعديل لقضم حقوق المرأة، ما يحوّل مهنة القاضي إلى كاتب عدل ليس عليه سوى توقيع العقد فقط، والذي يُصدق من قبل المأذون. وهذا يعني أن الأخير سيكون بديلا عن المحكمة".

كما سلطت الضوء على المواد الدستورية التي تتعارض مع التعديل المقترح، والتي تنص على عدم جواز تشريع قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور، وعلى أن العراقيين متساوون أمام القانون، وان الأسرة أساس المجتمع، وتتكفل الدولة بحمايتها، فضلا عن المواد التي تنص على أن للمواطنين رجالا ونساء حق المشاركة في الأمور العامة، وأن لكل فرد الحق والخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة.

وتطرقت الضيفة إلى خطورة ما طرحه التعديل حول قضايا الحضانة والنفقة وزواج القاصرات، والذي يؤدي إلى تفكيك المجتمع والأسرة ويضر بحقوق النساء والأطفال، مشيرة إلى أن "محاولات طرح هذا التعديل او الغاء القانون النافذ، ليست جديدة. فهناك محاولات عديدة بدأت منذ عام 2004، منها محاولة فرض وتشريع القانون الجعفري في أعوام 2014 و2017 و2021".

وأكدت أن "كل المحاولات التي سعت اليها كتل المحاصصة لإلغاء او تعديل القانون النافذ جوبهت بالرفض من خلال احتجاجات وتظاهرات القوى الشعبية والمدنية".

وانتهت الرفيقة بشرى إلى أن التعديل المقترح يأتي في ظل ظرف سياسي محاصصاتي طائفي، وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وزيادة نسبة الفقر واتساع أزمتي البطالة والسكن، والتي تساعد في زواج القاصرات وتؤدي إلى زيادة نسب الطلاق "فالتعديل فعل سياسي طائفي يعمل على ترسيخ الطائفية والإخلال بعلوية الدستور. وكل ذلك ينسف مرتكزات الحياة المدنية، والدولة المدنية".