اخر الاخبار

في ظل تزايد الأزمات التي تواجه العراقيين، شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من الاحتجاجات في مختلف المحافظات، تعبيرًا عن الاستياء من السياسات الحكومية والتأخر في تلبية المطالب الأساسية للمواطنين.

فمن البصرة إلى السليمانية، خرج آلاف العراقيين إلى الشوارع للتظاهر، مطالبين بحقوقهم المشروعة.

الحقوق تنتزع

وشهدت مقتربات وزارة الصحة ببغداد احتجاجات كبيرة وموحدة، حيث اجتمع خريجو المهن الصحية من جميع محافظات العراق للتظاهر أمام بوابات الوزارة، مطالبين بحصصهم من التعيين المركزي، الذي يبدو أن الوزارة أوقفته قبل تعديل قانون ذوي المهن الصحية والتدرج الطبي أساسًا.

وقال عدد من خريجي ذوي المهن الصحية إنهم اجتمعوا من جميع محافظات العراق، وأن أعداد المتظاهرين تجاوزت الألف متظاهر. بالمقابل، شهدت التظاهرة تدافعًا واشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، ما أدى إلى تسجيل عدد من الإصابات، فيما أظهر مقطع فيديو إصابة متظاهر في رأسه في مشهد تكرر كثيرًا في تظاهرات الخريجين الذين يتلقون الضربات بدلاً من التعيين منذ سنوات.

وبعد معاناة كبيرة، انتزع الخريجون كتاب احتياج لهم من وزارة الصحة وذهبوا به سيرًا على الأقدام إلى مقر وزارة المالية، حيث دخل وفد من ممثليهم، ووعدت الوزارة بتعيينهم خلال يومين، وفقًا لما قالوه.

قطع الكهرباء عن منزل المحافظ

من جانب آخر، تظاهر العشرات في قضاء سيد دخيل في محافظة ذي قار احتجاجًا على شح المياه في القضاء الواقع شرقي مركز المحافظة. وبين مراسل “طريق الشعب” أن “العشرات من أهالي قرية آل حسن بقضاء سيد دخيل شرقي الناصرية نظموا تظاهرة غاضبة بسبب شح المياه الذي أصاب قريتهم في الآونة الأخيرة”.

وأضاف أن “المحتجين أقدموا على قطع التيار الكهربائي المغذي لمنزل المحافظ، مرتضى الإبراهيمي، وقريته في القضاء من خلال تطويق محطة الكهرباء في سيد دخيل، قبل أن يعود الأمر إلى طبيعته بعد تدخل بعض الجهات الحكومية”.

انقاذ الاهوار

ونظم العشرات من سكان الأهوار ونشطاء ومهتمين بالواقع البيئي وقفة على كورنيش حي القاهرة وسط مدينة العمارة، مطالبين بإطلاق المياه للأهوار وإنقاذ ما تبقى من أسماك وكائنات برمائية ومائية في الأهوار، كون شبح النفوق يهدد الحيوانات هناك. وقال عدد منهم إنهم يطالبون بإنصاف الأهواريين وإطلاق مياه أهوار الحويزة وإنقاذ الأسماك من النفوق، مبدين استنكارهم لما تفعله وزارة الموارد المائية وما تنتهجه من سياسات مائية قد تقصي الأهوار وسكانها من الحياة.

وكان نشطاء وسكان الأهوار قد تناقلوا فيديوهات توضح نفوق أسماك في هور الحويزة بكميات وصفوها بالكبيرة، محملين الجهات المعنية مسؤولية إغفال هذا الملف واستمرار الشحة المائية التي تهدد حياة الأهالي والحيوانات البرية والمائية في الأهوار.

قطع الاراضي

وتظاهر المئات من أساتذة وموظفي جامعة القادسية في محافظة الديوانية مطالبين بتخصيص قطع أراضٍ سكنية، فيما هددوا بالتصعيد.

وذكر مراسل “طريق الشعب” أن “المئات من موظفي الكوادر التعليمية في الجامعة خرجوا بتظاهرة غاضبة في الشارع العام، مطالبين بتخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم أسوة بموظفي الوزارات الأخرى”.

وأضاف، أن “الكثير من الموظفين في الجامعة يمتلكون خدمة تتجاوز 35 عامًا، ولم يتم منحهم حتى الآن الأراضي السكنية في المحافظة”.

الى ذلك، تظاهر العشرات من موظفي ومعلمي مدارس قضاء الزبير غربي البصرة لمطالبة الحكومة المحلية بالإسراع بتوزيع قطع الأراضي السكنية المخصصة لهم ضمن إفراز طلحة الجديد.

وقال مراسل “طريق الشعب”، أن العشرات من موظفي التربية والمعلمين نظموا وقفة احتجاجية أمام مبنى قائممقامية القضاء، مطالبين حكومة البصرة المحلية بتخصيص قطع أراضٍ لهم أسوة بأقرانهم في الدوائر الأخرى.

وذكر المتظاهر حسين أحمد أنهم وعلى الرغم من سنوات خدمتهم الطويلة، لم يتم شمولهم بتوزيع قطع الأراضي، وأن هناك المئات منهم أحيلوا على التقاعد دون حصولهم على حقوقهم من تخصيص قطعة أرض سكنية.

فيما تظاهر العشرات من أبناء عشيرة “النويصرات” في قضاء الخضر بالمثنى مطالبين بتحسين الخدمات وتحقيق الوعود الحكومية، وذلك أمام مبنى قائممقامية القضاء.

أصحاب العقود في نينوى

وتظاهر العشرات من موظفي عقود إسناد “أم الربيعين” الذين لم يتم تعيينهم في عام 2012، مطالبين بتعيينهم على الملاك الدائم.

وقال مراسل “طريق الشعب” إن وقفة احتجاجية أقيمت أمام مجلس محافظة نينوى، طالب المتظاهرون خلالها بتسهيل إجراءات تعيينهم استنادًا إلى أوامر التعيين التي أقرها البرلمان منذ عام 2022، والتي تم إدراجها في موازنة عامي 2023 و2024.

وأشار المتظاهرون إلى أن “عدد موظفي إسناد أم الربيعين من نينوى الذين لم يتم تثبيتهم على الملاك الدائم يبلغ 924 موظفًا، ولم يحصلوا على حقوقهم بالتعيين حتى الآن”.

وأضافوا، أن “أقرانهم من المتبقين من عقود الإسناد في المحافظات الأخرى تم تعيينهم وباشروا عملهم في دوائر ديالى وميسان، بينما لم يتم تعيين عقود الإسناد في نينوى بعد”.

وطالب المتظاهرون الحكومة المحلية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعيينهم، مشددين على أن البرلمان قد أقر ذلك ووزارة المالية خصصت التعيينات ضمن موازنة العامين الحالي والسابق. وطالب المتظاهرون الحكومة المحلية بالاستجابة لمطالبهم المشروعة وتحسين الخدمات الأساسية في مناطقهم، مشددين على أن التهميش المستمر سيدفعهم إلى تصعيد الاحتجاجات حتى تلبية مطالبهم.

تمليك الاراضي

وطالب أهالي نحو 29 قرية في أطراف محافظة السليمانية الحكومة المحلية بتمليك أراضيهم التي اشتروها وفقًا لأوراق حكومية رسمية.

وقال نذاد عبد الرحمن، ممثلًا عن تلك القرى خلال مؤتمر صحفي، إن القرى تعاني من مشكلة في تمليك أراضيها، مبينًا أن التعامل حاليًا يتم وفق قانون رقم 957، الذي يقتصر على تملك المنازل فقط، بينما لا يشمل قطع الأراضي والهياكل.

وأوضح عبد الرحمن، أن الأراضي تم الحصول عليها من بلدية السليمانية في عام 2010، وهي مدرجة في “الماستر بلان” للقرى، ولكنهم فوجئوا بأن التمليك يتم وفق قانون 957 وخريطة “كايسترو”، مشيرًا إلى أن هناك 1670 قطعة أرض ومنزل، وقد تم تمليك 600 منها فقط.

وأكد عبد الرحمن، أنهم قد زاروا إدارة السليمانية، والتي تعهدت بمعالجة مشكلتهم وفقًا للإجراءات القانونية المتبعة، موضحًا أنهم في انتظار الحل المناسب، وبعده سيتخذون الإجراءات اللازمة.

اضراب عن العمل

هذا ونظم المحاضرون بالمجان في السليمانية وقفة احتجاجية أمام مبنى مديرية التربية في المحافظة.

وفي مؤتمر صحفي، أوضح محمد كمال، المتحدث باسم المحتجين، أن الوقفة الاحتجاجية جاءت اعتراضًا على ما وصفه بمخالفة ارتكبتها السلطات، عبر إصدار أمر وزاري بتعيين معلم بعقد وبراتب قدره 500 ألف دينار في أحد فروع تربية محافظة السليمانية.

وعد كمال هذه الخطوة مخالفة للأولوية، حيث ينبغي أن تكون التعيينات للمحاضرين المجانيين الذين قدموا خدماتهم في العملية التعليمية لسنوات دون مقابل. وأضاف كمال أن الإضراب الذي أعلنوه في الفترة الماضية لم يُنهِه المحاضرون الذين تأثروا بعدم تعيينهم.

ونظم عدد من موظفي الدوائر الحكومية في المحافظة إضرابًا عن العمل، احتجاجًا على تأخر الرواتب.

ونوه مراسل “طريق الشعب” إلى أن موظفين في دوائر الكهرباء والطابو وكتاب العدول في قضاء كلار وكفري ومناطق أخرى تابعة للسليمانية بدأوا إضرابًا عن الدوام بسبب تأخر صرف رواتب الموظفين في كردستان لشهر تموز.

وتُبرز هذه الاحتجاجات حجم التحديات التي يواجهها العراقيون في مختلف المحافظات، حيث تتعدد القضايا والمطالب، من التعيينات ومعالجة الشح المائي إلى التعديات على حقوق المواطنين. ومع استمرار هذه التظاهرات وتصاعدها، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحكومة من الاستجابة لهذه المطالب وتجنب تصعيد الأزمة؟