اخر الاخبار

توجّه طلبة الجامعات والمعاهد يوم أمس، إلى مقاعدهم الدراسية بعد غياب طويل، لتأدية الامتحانات التي تقرر أن تكون حضورية، وسط جدل كبير بين أوساط طلابية وأكاديمية ونيابية، حاولت بحسب تعبير البعض “تجيير المسألة إلى دعاية انتخابية”.

وبما أن الامتحانات قد انطلقت وفق مقررات وزارة التعليم العالي، فقد تحدث طلبة ومراقبون عن التحديات التي واجهتهم خلال العام الدراسي الحالي، وأجواء الامتحانات، وتقييم المرحلة السابقة.

التعليم حسمت الجدل

وبعد شد وجذب طيلة الأسابيع الماضية بشأن تحويل جميع الامتحانات إلى النظام الالكتروني، جاء تأكيد وزارة التعليم العالي قاطعا للشكوك، مؤكدة أن “الامتحانات ستكون مدمجة، تؤدى فيها امتحانات المواد الأساسية بشكل حضوري”. وبحسب نسب مئوية لعدد المواد لكل مرحلة. 

وقالت الوزارة في بيان لها، إنه في سياق الجهود المبذولة لإكمال متطلبات العام الدراسي 2020/ 2021 فإن “الخامس والعشرين من تموز الحالي (أمس) هو موعد انطلاق الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الثاني.

وأكد البيان “توفير مستلزمات الجانب الصحي من المعقمات والكمامات وأجهزة قياس الحرارة ومياه الشرب وتهيئة الأجواء الملائمة لأداء الاختبارات لا سيما ما يتعلق بتعفير القاعات وتهويتها وتنظيفها بشكل مستمر لتحقيق التناوب في أداء الامتحانات، فضلا عن معالجة الحالات الطارئة التي تواجه الامتحانات بشكل موضوعي وقانوني، وفقاً للصلاحيات المخولة”.

أما المتحدث باسم وزارة التعليم، حيدر العبودي، فشدد على أن قرار الامتحانات جاء ضمن برنامج التعليم المدمج الذي اعتمدته الجامعات العراقية منذ بداية العام الدراسي الحالي.

وبيّن العبودي في تصريح صحافي أن “هذا البرنامج يوازن بين متطلبات الجانب العملي في الجامعات ويراعي متطلبات الواقع الصحي، ولذلك جاءت هذه الإجراءات بطريقة متوازنة حافظت على توفير بيئة علمية تغطي الجانب العملي والسريري والتطبيقي، وكذلك توفر مناخاً لاعتماد الآليات الرقمية”.

أصوات رافضة للقرار

وفي مقابل ذلك، أطلق طلبة جامعيون خلال الأيام الماضية، حملة إلكترونية، طالبوا من خلالها بتأدية الامتحانات عبر المنصات الالكترونية.

وتحدث الطالب في جامعة بغداد، أحمد سعد، عن أسباب رفضهم إجراء الامتحانات بشكل حضوري.

وقال سعد لـ”طريق الشعب”، إن الإصابات “أخذت بالتزايد وأصبحت تسجل أرقاما مقلقة، في حين قررت وزارة التعليم العالي إجراء بعض الامتحانات حضوريا، برغم ضعف البنى التحتية وعدم توفر وسائل الوقاية الكافية نظرا للمشهد الصحي المتردي الذي نراه”، مضيفا أن “هذا القرار سيعرض عددا غير قليل من العائلات إلى مخاطر الإصابة. كما إن العام الدراسي انقضى بطريقة الدراسة الالكترونية، فكيف يكون الامتحان النهائي فيه بطريقة مخالفة؟ نحن نعتقد أن الأمر غير منطقي أبدا”.

تأييد للامتحان الحضوري

فيما أعرب الطالب في الجامعة المستنصرية، رياض فريد، عن رضاه بطريقة الامتحانات الحالية.

وأوضح فريد لـ”طريق الشعب”، إن قرار وزارة التعليم بجعل امتحان بعض المواد حضوريا “هو قرار صائب تماما، وفيه الكثير من العدالة”.

وبيّن المتحدث أن “التعليم الالكتروني جعل المهام التدريسية صعبة جدا على الأساتذة. فما عاد الكثير منهم يفرق بين الطالب المجد والمهمل، وبما أن الامتحانات الالكترونية تسمح للجميع بالاستعانة بالكتب والانترنت بحثا عن الإجابة، وجب أن تُحدد بعض المواد الأساسية والصعبة لكل مرحلة، ليكون امتحانها حضوريا من أجل إنصاف المجتهدين، ولجعل هذه المواد معيارا حقيقيا لمدى استيعاب الطلبة وحرصهم ودراستهم بشكل حقيقي. فمن غير المعقول أن يتساوى الجميع في نهاية العام الدراسي”.

وتابع قائلا “الحجج التي يقدمها بعض الطلبة بشأن المخاطر من الفيروس ليست مقنعة، لأننا نرى يوميا كيف أن الغالبية من المواطنين لا يأبهون بمخاطر الوباء، وإقبالهم على اللقاحات ضعيف جدا، فيما يستمرون بالتجمع في المناسبات الاجتماعية والدينية، علما إن شريحة الطلبة ليست بمعزل عن المجتمع وما يجري. لكن مع هذا، يجب أن لا نقلل من ضرورة الحذر من الاختلاط في الامتحانات، فلا بد من الالتزام بالتباعد والتعقيم ولبس الكمامة وهي ليس بالمهمة المستحيلة”.

محاولات للاستفادة من القضية

ورغم الدعوات التي أطلقتها جهات عدة لتحويل كافة الامتحانات إلى المنصات الالكترونية، ومغازلة مشاعر الكثير من الطلبة، إلا أن هذه الدعوات لم تنج من الانتقادات اللاذعة.

وبحسب مقرر لجنة الصحة والبيئة النيابية وعضو خلية الأزمة النيابية فالح الزيادي، فإن “تصريحات بعض الوزارات غير مبنية على أساس مهني لاسيما تصريحات وزارة التعليم العالي بأن العام الدراسي القادم سيكون حضوريا”، مبينا أن “العام الدراسي سيعتمد على الوضع الصحي والوبائي في البلد”، مضيفا “الامتحانات يجب أن تكون بحسب ما تمت دراسته، وإن كان الكترونيا فتكون الامتحانات مشابهة لما حصل في وقت سابق”.

وقد تكون توصية الزيادي نابعة من منطلق الحرص أو القلق الذي أثارته أرقام الإصابات الكثيرة مؤخرا، لكن مدونين على مواقع التواصل الاجتماعي أكدوا أن الأمر أصبح بمثابة المتاجرة السياسية من قبل جهات عدة تحاول كسب رضا الشباب، لأنها مقبلة على انتخابات تتطلب مغازلة الشريحة الأكبر في المجتمع.

الغش في الامتحانات الالكترونية

وفيما يتعلق بإشكالية الغش في الامتحانات الالكترونية، يتحدث الأكاديمي علي فاضل، عن آليات جديدة أخذ الأساتذة يتعاطون معها هذا الأمر، بعد مرور فترة ليست بالقصيرة على التعليم الالكتروني.

وأوضح فاضل لـ”طريق الشعب”، أنه من المعلوم بأن “وزارة التعليم خططت لذلك، ووضع الأمر بعين الاعتبار بعدما ألقت تحديد طبيعة الأسئلة على الأستاذ، بشرط أن تمنح فائدة علمية أكثر من كونها أسئلة”، لافتا إلى أن “مراقبة الغش يخضع للآليات التي تضعها الكليات للحد من هذه الظاهرة. كما أن الأساتذة في بادئ الأمر كانوا لا يعرفون كيفية تقصي الإجابات إن كانت منهجية وناتجة عن دراسة، أم انها من الانترنت، لكنهم الآن تدربوا بحكم التجربة وأصبحوا يفرقون بين الأجوبة المطلوبة، والأخرى التي تسرق من الانترنت والغش الجماعي الذي يحدث داخل بعض المجاميع الخاصة بالطلبة”.

تقييم العام الدراسي

ويضيف الأكاديمي لـ”طريق الشعب”، قائلا: “مر العام الدراسي بتحديات كبيرة، فكان على الأساتذة أن يعطون دروسهم عبر منصات التعليم الالكترونية لمواد يفترض ببعضها أن تكون حضورية، مع أن التعليم الالكتروني بحد ذاته عانى من وجود خدمات سيئة جدا للانترنت. فضلا عن أن طلبة كثيرين استغلوا هذه المساوئ للتغيّب أو التملص من مواعيد الامتحانات، فيما عمل بعضهم على تسجيل الدخول إلى الدروس بطريقة شكلية لا أكثر، والاعتماد على الانترنت في الامتحانات الفصلية”، مبينا أن جائحة كورونا أجبرت جميع المؤسسات التعليمية على التوجه نحو التعليم الالكتروني، وهو ما يدعو الجامعات العراقية لتطوير تجربتها حول التعليم عن بعد، وتطوير مهارات التعليم المدمج والتعليم الالكتروني، إضافة إلى المختبرات الافتراضية، وهذا يتطلب إحداث نقلة نوعية في مجال التكنولوجيا ومتطلباتها العالمية، ولن يكون ذلك إلا بأخذ العبر من العام الدراسي الذي شارف على الانتهاء، والتخطيط المسبق للمرحلة القادمة”.