تمثل الامتحانات الوزارية للمرحلة الإعدادية تحدياً مقلقاً للكثير من الأمهات والأبناء، خاصة في أجواء الحر الشديد الذي يرافقه الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي. وقد حّملت الأمهات وزارتي التربية والكهرباء مسؤولية الاوضاع الصعبة التي يعيشها طلبة السادس الاعدادي خلال فترة الامتحانات منبهات إلى غياب التعاون بين الوزارات.
وتتحدث المواطنة رغد خالد، بهذا الصدد، وهي موظفة وأم لولدين يخوضان هذه الامتحانات النهائية، عن أنها حرصت ومنذ حزيران العام الماضي على التفرغ من كافة الالتزامات التي تترتب عليها وضمنها الوظيفية، كي تتفرغ لمتابعة الوضع الدراسي لأبنائها.
وتفيد لـ”طريق الشعب” أن “مرحلة السادس الاعدادي مصيرية لحياة الأبناء، وهي ليست يسيرة أمام تلاميذ المرحلة. فبالإضافة إلى قلق الدراسة، يعاني التلاميذ خلال العام الدراسي من تبعات القرارات المتضاربة التي تصدرها وزارة التربية ومن عدم استقرار التعليمات، إضافة إلى عدم إكمال أغلب المدارس للمناهج الدراسية، الأمر الذي يجبر العوائل على تحمل مصاريف الدروس الخصوصية، فضلا عما يشكله الانقطاع المزمن للتيار الكهربائي الوطني، من معاناة شديدة للتلاميذ خلال الامتحانات”. وبخصوص دورها تذكر أن معاناتها مضاعفة لكونها أم لطالبين توأم في ذات المرحلة فساعات “القلق التي أعيشها على مستقبلهما كبيرة بحيث صرت ومنذ حزيران العام الماضي حبيسة المنزل من أجل توفير متطلباتهما”.
مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات الخاصة بطلبة السادس الاعدادي، تضج هي الأخرى بالعديد من مواقف الأمهات حول طبيعة الأسئلة وأجواء الامتحانات والذي كان في مقدمتها توزيع التلاميذ على مراكز امتحانية بعيدة عن مناطق سكنهم.
وتقول المواطنة آلاء فاضل وهي أرملة وأم لأربعة أبناء بضمنهم شاب يخوض امتحانات السادس الأدبي، إن “من أبرز التحديات التي تواجهها الأم مع أبنائها هي المصاريف الدراسية”. وتذكر لـ”طريق الشعب” أنها تعتمد مع أبنيها على راتب الرعاية الاجتماعية الذي تتقاضاه شهريا لتدبير المتطلبات المنزلية، مشيرة إلى أن “مجانية التعليم التي تتحدث عنها وزارة التربية غير واقعية، فأغلب الكتب المدرسية لم يتم توفيرها مما اضطر الطلبة إلى شرائها، الأمر الذي أثقل كثيرا على كاهل أولياء الامر”. وتعلق على الدروس الخصوصية قائلة: “إنها ظاهرة أصبحت واقع حال على جميع الطلبة بسبب عدم جدية التدريس في المدارس”.
وتحدثت المواطنة عن ابنها “أشعر بالقلق على مصيره، لكوني لم اتمكن من توفير دورات للدروس الخصوصية له كزملائه”، منبهة إلى أن ولدها “اعتمد على نفسه في دراسة أغلب المواد بالرغم من عدم اكمال المناهج الدراسية من قبل مدرّسي المدرسة”. وتوضح أن ولدها واجه صعوبة في اتمام مادة اللغة الانكليزية، الأمر الذي أجبره على العمل أيام العطل لجمع تكاليف المدرس الخصوصي وبالتالي دراسة المادة.
وبخصوص انقطاع التيار الكهربائي تقول المواطنة آلاء “أجبرت على تقليل امبيرات سحب المولدة إلى ثلاثة امبيرات بعد ان كانت خمسة، لمساعدة ابني على بعض المصاريف المتعلقة بالنقل، خاصة وأن التيار الكهربائي الوطني غير متوفر أيام الامتحانات وأن صاحب المولدة رفع سعر الاشتراك إلى 15 ألف دينار شهريا”.
وتعاني المواطنة أوراس سلمان، وهي أرملة وأم لأربع بنات، من نوبات توتر وعصبية بدأت معها مع بداية الامتحانات النهائية لطلبة السادس الإعدادي. وتقول لـ”طريق الشعب” إن “تكاليف دراسة ابنتها لمرحلة السادس الاعدادي، تجاوزت 10 ملايين دينار بسبب معاهد الدروس الخصوصية”.
وتؤكد أن “مجانية التعليم شكلية، وللتباهي امام المجتمع الدولي، فأغلب المدارس تعاني من ازدحام الصفوف وافتقارها إلى أجواء الدراسة المناسبة فضلا عن قلة الكادر التدريسي مما يجبر ذوي الطالب على التوجه إلى المدارس الأهلية والدروس الخصوصية”.
وتذكر ان “مدرسة ابنتها لم تنجز المواد الدراسية للتلاميذ، الأمر الذي أجبر الطلبة على الالتحاق بمعاهد الدروس الخصوصية التي تفرض مبالغ كبيرة على الطالب”.
وبخصوص واقع حالها تقول المواطنة أوراس “تمكنت من الحصول على إجازة من عملي خلال فترة امتحانات ابنتي والتفرغ لمتابعة متطلباتها، كما تفرغت ايضا من الالتزامات المنزلية وامتنعت عن استقبال الضيوف بغية تجنب ابنتي الانشغال بجوانب أخرى غير الامتحانات”.
وتذكر أن “مرحلة السادس الاعدادي مصيرية لحياة الأبناء، وتقع مشكلة تجاوز تلك المرحلة بنتائج غير مرضية على عاتق الأم بالدرجة الاولى”، منبهة إلى “ضرورة احتواء المرأة ورعايتها وتقبل انفعالاتها خلال ايام الامتحانات المدرسية”.
وتحمل المواطنة أوراس وزارتي التربية والكهرباء مسؤولية الواقع المرير الذي رافق امتحانات السادس الاعدادي، وتقول “للأسف الشديد تشتد أزمة التيار الكهربائي الوطني خلال ايام الامتحانات التي تتزامن سنويا مع ارتفاع درجات الحرارة. كما أن إجراءات وزارة التربية هي الأخرى دون المستوى المطلوب، حيث جعلت طلاب السادس الاعدادي في حيرة من أمرهم خاصة بما يتعلق بإجراءات الحذف والاستحداث في المواد الدراسية”.
وتحاول وزارة الكهرباء توفير التيار الكهربائي خلال ساعات أداء الامتحان إلا أن الطالبة هديل أرشد ترى بان هذه الإجراءات “غير كافية في هذا الجو الحار، وأن أغلب مراكز الامتحانات تعاني من غياب مكيفات الهواء”. وتقول لـ”طريق الشعب” إن والدتها تعيش ذات القلق الذي تعاني منه هي كطالبة بسبب الامتحانات المصيرية للسادس الاعدادي.
وتفيد بهذا الخصوص “تحرص والدتي على النهوض مبكرا معي لمراجعة المادة قبل التوجه إلى الامتحان، كما تحرص على ايصالي إلى المركز الامتحاني وانتظاري في هذا الجو الحار أمام باب المركز إلى حين انتهائي والعودة سوية إلى المنزل”.
وتقول هديل عن والدتها إنها “تبدي قلقا كبيرا، وأجدها دائمة السهر هذه الايام، حتى أنها أجبرت إخوتي على عدم إحداث اي ضوضاء داخل المنزل أثناء اللعب”.