اخر الاخبار

منذ سنوات يعاني العراق من ازمة سكن عجزت الحكومات المتعاقبة عن إيجاد الحلول اللازمة لها، بل أنها ساهمت في تفاقمها من خلال إعطاء اجازات استثمارية لبناء مشاريع سكنية دون إلزام المستثمرين ببيعها بأسعار معقولة، الامر الذي أدى الى ارتفاعها بصورة تعجز الطبقة الوسطى وحتى بعض ميسوري الحال عن التعاطي معها، فكيف الحال بمحدودي الدخل؟

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، توجّه الوزارة نحو بناء مدن سكنية جديدة لمعالجة أزمة نقص الوحدات السكنية وارتفاع أسعارها.

وبرر الهنداوي في حديث لـ»طريق الشعب»، ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بـ»حجم الطلب العالي والنمو السكاني»، مؤكدًا أن «الحل يكمن في توفير المزيد من الوحدات السكنية، وبأسعار معقولة».

وتقدر التخطيط، طبقا للهنداوي، حاجة العراق إلى وحدات سكنية جديدة بـ 2.5 إلى 3 ملايين وحدة، مبينا أن معالجة العشوائيات مرتبط أيضًا بالمدن السكنية الجديدة؛ حيث يمكن منح الأولوية لسكان العشوائيات في الحصول على وحدات سكنية في هذه المدن.

الفقراء حصتهم أطراف المدن

ويحلم حسين عبد الكاظم، الموظف في وزارة الصحة، في الحصول على سكن دائم بعد أن عانى من مشقة ارتفاع أسعار إيجارات البيوت. لكنه عندما عزم على شراء وحدة سكنية، لم تكفه مدخراته البالغة 75 مليون دينار عراقي (ما يعادل 50 ألف دولار أمريكي) لشراء 50 مترا مربعا في أي من مناطق بغداد، ما اضطر إلى شراء وحدة سكنية في أطراف العاصمة، برغم بعدها عن مكان عمله.

يقول عبد الكاظم: إن حلم العراقيين أصبح الآن الحصول على سكن ملائم بعد ارتفاع الأسعار إلى مستويات خيالية؛ فمن غير المنطقي أن يصل سعر المتر الواحد في أحياء بغداد المتوسطة إلى 7 ملايين دينار عراقي، وفي الأحياء الراقية إلى حدود 14 مليون دينار عراقي.

ويضيف الموظف في حديث مع «طريق الشعب»، أن محاولة صاحب المنزل المستأجر رفع مبلغ الايجار الشهري، دفعته لشراء وحدة سكنية في أطراف بغداد.

مقترحات لحل الأزمة

من جانبه، شدّد المعماري والأكاديمي موفق الطائي على أهمية إجراء التعداد العام للسكان، من اجل الحصول على أرقام دقيقة حول الحاجة إلى وحدات سكنية وعدد المحتاجين إلى سكن، خاصة في ظل ارتفاع نسب الفقر في العراق.

وأوضح الطائي، أن هناك ثلاثة أنواع من السكن يجب على الدولة التركيز عليها: السكن واطئ الكلفة، والسكن الميسر، والسكن الاعتيادي.

ومن أبرز الحلول التي طرحها الطائي، هو «إنشاء طريق دائري حول مدينة بغداد لتوفير أرض لسوق متكامل من ناحية البنية التحتية، بالإضافة إلى تنفيذ التصميم الأساسي لمدينة بغداد، وإنشاء مجلس أعلى للإسكان، مع صندوق ائتمان لتنفيذ مهمة الإسكان».

والى جانب ذلك، شدد على ضرورة سن قوانين تمنع احتكار الأراضي لغرض المضاربات، مُنبها إلى أن صراعا عقاريا يدور حاليًا حول الأراضي المخدومة ذات البنى التحتية الجيدة.

وقال الطائي، ان المجمعات السكنية الاستثمارية المقامة حاليا في بغداد، وتلك التي هي قيد الانشاء «لم تراعِ قابلية البنية التحتية للعاصمة، كما أن البنايات المرتفعة فيها تتجاوز التصميم الأساسي لبغداد».

مجمعات لميسوري الحال!

بدوره، أكد المهندس سلوان الاغا المختص بالشأن المعماري والبلدي، أن المجمعات السكنية التي يديرها القطاع الخاص «لا تُلبي احتياجات المواطنين، ولا تُسهم في حل أزمة نقص الوحدات السكنية».

وقال الاغا، أن هذه المجمعات تُبنى وفقا لمتطلبات المستثمرين والقطاع الخاص، وليس استنادا لمتطلبات هيئة الاستثمار أو احتياجات المواطنين، مشيرا الى ان أسعارها باهظة الثمن، ولا يستطيع شراءها سوى الموظفين المقتدرين الذين لا يعانون من مشكلة سكن أساسا.

وأضاف الاغا، انه يجب مراعاة مسألة عدم امتلاك المواطن لمنزل عند بناء المجمعات السكنية، وان يجري منح الأولوية للمواطنين البسطاء الذين يحتاجون فعلاً إلى هذه الوحدات، مؤكدا ضرورة التركيز على بناء مجمعات سكنية ذات كلف واطئة، تناسب إمكانيات المواطنين البسطاء، وتوفير جميع الخدمات والبنى التحتية اللازمة.

وعلى الرغم من مرور 20 شهرًا على قرار مجلس الوزراء بتعديل التصميم الأساسي للمدن وتغيير استعمالات الأراضي المشيدة عليها وحدات سكنية بشكل عشوائي والمملوكة للدولة، بغية تمليكها للمواطنين، إلا أنّه لم يتمّ اتخاذ أيّة خطوات عملية ملموسة على أرض الواقع لتنفيذ هذا القرار، ما أثار استياء واستغراب المواطنين الذين ينتظرون بصبر نافد حصولهم على حقّهم في التملّك.

جرد السكن الزراعي

وفي هذا الشأن، أكد المتحدث باسم أمانة بغداد محمد الربيعي، أنّ الأمانة استكملت قبل ستة أشهر جرد جميع الأراضي في 14 بلدية بالعاصمة، تعود ملكيتها للدولة، وتخضع لشروط قرار مجلس الوزراء رقم 320 الخاصّ بتمليك هذه الأراضي للمواطنين.

وأوضح الربيعي، أنّ الأمانة تنتظر القرار النهائي من مكتب رئيس الوزراء لبدء إجراءات تمليك الأراضي وتحديد أسعارها.

وكان مجلس الوزراء قد قرر في 28 تشرين الأول 2022، أن تقوم أمانة بغداد والمؤسسات البلدية في المحافظات بتعديل التصميم الأساسي للمدن وتغيير استعمالات الأراضي المشيدة عليها وحدات سكنية بشكل عشوائي والمملوكة للدولة، والمشيدة قبل صدور هذا القرار.

عرض مقالات: