اخر الاخبار

بحلول موسم الصيف من كل عام، تتجدد أزمة شح المياه وتلوثها في بغداد لتضيف معاناة جديدة إلى معاناة المواطن جراء نقص الخدمات، وأبرزها الكهرباء الوطنية التي تنقطع معظم ساعات اليوم.

وبقيت أزمة المياه هذه، سنوات طويلة بلا حلول، نتيجة السياسات الخاطئة غير المدروسة للدوائر المعنية، الأمر الذي يكشف عن مفارقة تدعو للاستغراب. فليس من المعقول أن يكون هناك شح في مياه الشرب، في بلد عرف بنهريه العظيمين، دجلة والفرات!

مياه الشرب ليست للشرب!

المواطن سعد الساعدي، من سكان منطقة سبع البور، يذكر أن “المياه التي تصلنا من الاسالة، غير صالحة لشرب الإنسان ولا حتى للحيوان، وذلك لأن مضخات التصفية في المحطة الموجودة على نهر (ذراع دجلة)، والتي تزود المنطقة بمياه الشرب، غالبا ما تكون ملوثة بمياه المجاري”، مؤكدا أن “عاملا في تلك المحطة اخبرنا بأن احدى القطعات الامنية القريبة، تقوم برمي مياه المجاري في النهر، قرب الموقع الذي تتزود منه المحطة بالماء”.

ويشير الساعدي في حديث لـ “طريق الشعب”، الى ان “ماء الإسالة ذو رائحة كريهة وطعم غير مستساغ، ما يضطر السكان لشراء الماء المصفى في المحطات الاهلية، ليضيف ذلك عبئا ماليا عليهم، وهم في الغالب من الفقراء والمتعففين”، لافتا إلى أن “احد اطباء مستوصف سبع البور، أكد لهم ان مواطنين عديدين أصيبوا بأمراض جلدية ومعوية بسبب تلوث ماء الإسالة”.

من جانبه، يشير المواطن جبار طارش، وهو من سكان مدينة الثورة (الصدر)، إلى أن مدينتهم تعاني منذ سنوات طويلة، شأن بقية مدن العراق، شحا في مياه الشرب، مبينا أن هذه المشكلة تعود لأسباب عدة، منها ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وضعف مناسيب المياه في الأنهر والبحيرات، فضلا عن تقادم شبكة نقل الماء.

ويتابع قوله لـ “طريق الشعب”، أن “هذا لا يمنع الحكومة من معالجة الأزمة، وتوفير ماء الشرب للمواطن كحق من حقوقه التي كفلها الدستور والأعراف الدولية”، مؤكدا ان “ماء الاسالة ضعيف جدا ولا يصلنا إلا بواسطة المضخات الكهربائية. كما انه غير صالح للاستهلاك البشري، ورائحته كريهة وهو مليء بالشوائب، ما يخلف طحالب في خزانات المنازل”.  ويؤكد طارش، أن أهالي الثورة صاروا يضطرون لشراء الماء من الباعة المتجولين، لافتا إلى أن منطقتهم شهدت قبل أيام انقطاعا تاما لماء الإسالة، وذلك بسبب تكسر أحد الأنابيب الرئيسة الخارجة من مشروع ماء الرصافة، الأمر الذي ولد حالة من الإرباك استمرت يومين، لحين معالجة الخلل.

التجاوزات من أسباب الأزمة

المواطن محمد حسن، من سكان منطقة الغزالية، يؤكد لـ “طريق الشعب” انه قبل فترة لم تكن منطقتهم تعاني شحا في المياه، حتى أن السكان كانوا يملأون خزاناتهم من دون الاستعانة بالمضخات، مشيرا إلى أن المشكلة بدأت بعد أن تم تقسيم الأراضي الزراعية المجاورة للمنطقة، وبيعها عبارة عن قطع سكنية بنيت عليها منازل في ما بعد.

ويتابع قوله، أن أصحاب المنازل هؤلاء، قاموا بالتجاوز على شبكة الماء الرئيسة، وهذه غير مؤهلة لاستيعاب هذا العدد الإضافي من المنازل، الأمر الذي تسبب في حصول ضعف في ماء الإسالة، وأثر على بقية السكان.

ويطالب حسن، أمانة بغداد والمحافظة بمعالجة أزمة مياه الشرب عاجلا، لما لها من تأثير كبير على حياة المواطن وصحته.

شكاوى بلا جدوى!

إلى ذلك، يتحدث المواطن علي جاسم، وهو من سكان حي أكد، عن مشكلة شح مياه الإسالة في منطقتهم، والتي تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي. فهم منذ ذلك الحين وحتى الآن يستخدمون المضخات في ملء خزاناتهم.

ويؤكد لـ “طريق الشعب”، أن الماء غالبا ما يكون مقطوعا طيلة ساعات النهار، ليعود إليهم ليلا، ما يضطرهم للسهر ساعات متأخرة لغرض ملء خزاناتهم، مبينا أن الماء، وبالرغم من شحته، مليء بالشوائب، وهم مجبرون على استخدامه لعدم توفر بديل آخر.

ويلفت جاسم إلى أن أهالي المنطقة سبق وأن قدموا شكاوى لمديرية ماء الرصافة وأمانة بغداد والمحافظة، من أجل معالجة مشكلة شح المياه، لكن دون جدوى، فهم لم يجنوا سوى الوعود – على حد قوله.