في إطار الاحتفال بالذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، تحدث الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق عدنان الصفار لـ«طريق الشعب» عن تاريخ الحركة العمالية في البلاد وأبرز التحديات التي تواجهها، وألقى الضوء على الكثير من النضالات العمالية التي خاضها الحزب وقدم من أجلها قوافل الشهداء.
فتاريخ النضالات والانتفاضات العمالية ارتبط منذ بداية نشوئها في البلاد بالحزب الشيوعي العراقي، الذي كرس جل اهتمامه لمساندة مطالب الطبقة العاملة ونصرة حقوقهم، فضلا عن السعي أولا لتشريع قانون العمل والضمان الاجتماعي للعمال رقم 7.
أول بيان عمالي
واستذكرالصفار خلال حديثه البيان الأول للرفيق الخالد فهد باسم (عامل شيوعي)، مشيراً إلى أنه في مساء 13 كانون الأول عام 1932 أصدر الرفيق الخالد فهد أول بيان حمل شعارات المطرقة والمنجل، ويا عمال العالم اتحدوا، ويعيش اتحاد جمهوريات عمال وفلاحي البلاد العربية، ووقعه باسم (عامل شيوعي).
وذكر أيضا أن «البيان، الذي تم توزيعه في 18 منطقة من محافظة الناصرية، صدر بعد قيادة الرفيق الخالد ميدانياً، لأحد الإضرابات العمالية في محافظة الناصرية عام 1931 والذي أعدم على إثره الرفيق والقائد العمالي حسن عياش».
أول شهيد عمالي شيوعي
ونبه الصفار إلى انه «باستشهاد الرفيق عياش يكون الحزب الشيوعي العراقي قدم أول شهيد من أجل قضايا ومطالب العمال، فضلا عن أن بيان الرفيق الخالد فهد كان أول بيان يظهر بشكل علني يطالب بانصاف حقوق العمال».
وبعد تأسيس الحزب الشيوعي العراقي عام 1934، بات هناك من يطالب بحقوق العمال، بشكل واضح من خلال الاضرابات والانتفاضات العمالية.
وأفاد الصفار بهذا الخصوص أن «رفاق الحزب حرصوا على تمكين وتثقيف العمال، للمطالبة بحقوقهم»، منبها إلى أنه «بعد تأسيس الحزب أعلن ما يقارب من 200 ألف عامل في اهم المشاريع الاقتصادية إضرابهم عن العمل مطالبين بحقوقهم، كعمال الموانئ في البصرة والنفط في كركوك وعمال مشروع سدة الكوت وعمال إنشاء قاعدة الحبانية وعمال السكائر في بغداد».
دعم النقابات العمالية
ولم تقتصر نشاطات الشيوعيين على المساهمة في الانتفاضات والتظاهرات العمالية بل وتجاوز ذلك إلى دعم الحركات النقابية العمالية.
ويذكر الصفار بهذا الخصوص انه في «عام 1946 كان هناك توسع كبير في الحركة النقابية نتيجة نشاط الشيوعيين. فقد حقق الرفاق الشيوعيون وبالتعاون مع الاتحادات والنقابات العمالية أروع نضال نقابي قامت به الطبقة العاملة، وهو إضراب عمال النفط عام 1946 في كركوك الذي استمر13 يوما، امتاز بالتظاهرات وبالاجتماعات اليومية التي كان يعقدها العمال مساء كل يوم في ساحة بستان كاورباغي، والتي اشتهرت بسبب هذا الإضراب والمجزرة التي ارتكبتها السلطات ضدهم، والتي ذهب ضحيتها ما يقارب 13 عاملا معظمهم من الرفاق الشيوعيين».
نظم أول مسيرة للعمل
واستذكر الصفار خلال حديثه تنظيم أول مسيرة للأول من ايار عام 1948، وقال لـ»طريق الشعب» ان «الحزب الشيوعي العراقي وعلى الرغم من الممارسات القمعية نظم أول وأكبر مسيرة عمالية في العراق بمناسبة الأول من أيار خرجت فيها أعداد كبيرة من أبناء الشعب العراقي».
ولفت إلى أن «»نضالات الرفاق في الحزب الشيوعي العراقي استمرت بشكل علني حتى وثبة كانون 1948»، منبها إلى أنه «قبل ثورة 14 تموز المجيدة دعم الرفاق في الحزب 60 انتفاضة عمالية وذلك تمهيدا لانطلاق الثورة المجيدة عام 1958».
وتطرق عدنان الصفار خلال حديثه إلى طبيعة النضال العمالي خلال فترة النظام الاستبدادي. وقال إن الشيوعيين كانوا في مقدمة القوى العمالية المضحية»، فتعرضوا إلى الملاحقات والسجون والتعذيب وان الكثير منهم غيب وعذب وأعدم»، منبها إلى أن «النضال الشيوعي لم ينقطع خلال سنوات القمع وانما تحول إلى الشكل السري».
وأفاد الصفار أنه في «عام 1968 استشهد الرفيق جبار لفته واعتقل وعذب الرفيق حيدر الشيخ علي وذلك بعد مشاركتهما في انتفاضة عمال شركة الزيوت النباتية، التي قمعتها السلطات بالسلاح».
وقف إلى جانب مطالب العمال
ولفت إلى أن «الحزب الشيوعي العراقي خلال تلك الفترة شارك بقائمتين انتخابيتين (كفاح العمال ووحدة العمال) إلا أنه وبسبب الاساليب القمعية التي استخدمتها السلطات آنذاك ضد عمال الزيوت النباتية أعلن الحزب عدم مشاركته في الانتخابات والوقوف إلى جانب مطالب العمال».
وذكر أن «سلطة البعث الدموية استخدمت كافة الاساليب القمعية لتقييد الحركة العمالية ونقاباتهم، فعملوا على إصدار قرار رقم 150 لعام 1987 بتحويل العمال إلى موظفين وبالتالي حرمانهم من حق التنظيم النقابي».
وقال في هذا الصدد إن «الرفاق المناضلين في الحزب الشيوعي العراقي وعلى الرغم من الأساليب القمعية التي كانوا يتعرضون اليها، وقفوا إلى جانب النقابات العمالية التي كانت تعمل سراً، وقدموا لهم الدعم عبر تقديم الشكوى إلى منظمة العمل الدولية وإلى الاتحادين الدولي والعربي للاتحادات والنقابات العمالية، لتعرية سياسات النظام السابق، والتي بموجبها أدان الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب هذا القرار واعتبره جريمة بحق الطبقة العاملة».
واصل التثقيف العمالي سرا
وشدد على أن «الرفاق في الحزب الشيوعي العراقي أبدوا كامل حرصهم خلال تلك الفترة القمعية على مواصلة التثقيف بين صفوف العمال للمطالبة بحقوقهم. فقد صدرت جريدة أطلق عليها اسم (الحركة النقابية) وكانت تحمل شعار (عاش نضال طبقتنا العاملة العراقية ضد الارهاب والدكتاتورية) وقد تضمنت بعض أعداد الجريدة صفحات، نشرت فيها بيانات باللغة الانكليزية، الهدف منها ايصال مظلومية الطبقة العاملة إلى المجتمع الدولي».
وقال الصفار إن «سلطة النظام البائد مارست أشد انواع الانتهاكات ضد الحركة العمالية النقابية، إلا أن العمال الشيوعيين لم يتخلوا عن قضيتهم في توحيد صفوف الطبقة العاملة وجعلها قوة لانتزاع حقوقها من النظام المجرم الاستبدادي».
أول من اعاد التنظيم النقابي بعد 2003
وعن طبيعة النضالات العمالية التي يعمل عليها الحزب الشيوعي العراقي بعد عام 3003 افاد الرفيق عدنان الصفار أن «رفاق الحزب وبعد سقوط النظام البائد حرصوا على إعادة الحياة إلى التنظيم النقابي العمالي، حيث عقد اول اجتماع نقابي في كراج العلاوي في الأول من نيسان عام 2003 وجرى خلاله تشكيل الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق بمبادرة من الشيوعيين الذين كان لهم الدور الاساسي في تشكيل الاتحاد».
ونوه الرفيق عدنان أنه «على الرغم من التغيير والخلاص من النظام الدكتاتوري، بقيت الحركة النقابية العمالية مقيدة بسبب طبيعة السلطات التي فرضت نفسها، بناء على نهج المحاصصة المقيتة التي لم تعمل يوما لمصلحة البلاد والقوى العاملة».
وذكر بهذا الخصوص أنه «على الرغم من تجريم المنظمات الدولية لقرارات النظام البائد، تحرص هذه السلطات اليوم على مواصلة العمل بها والتمسك بعدم الغائها، منها قرار مجلس قيادة الثورة المنحل بتحويل العمال إلى موظفين ومنع التنظيم النقابي في مؤسسات القطاع العام وتقييد دوره في القطاع الخاص. كما أن السلطة التشريعية اليوم تحاول تشريع قوانين، لتقيد بموجبها حرية عمل التنظيم النقابي».
ويذكر أخيرا أن «العراق في مقدمة الدول التي صادقت على اتفاقيات حرية العمل النقابي، إلا أنه وبسبب خشية السلطة من نشاط التنظيمات النقابية، تسعى لتقييد هذه الحرية مما جعل العراق ضمن القائمة السوداء».