كشفت إحصائيات أوردتها رئاسة هيئة الإشراف القضائي لعام 2023 والخاصة بمكاتب البحث الاجتماعي في محاكم الأحوال الشخصية لرئاسات محاكم الاستئناف كافة، مؤخرا، عن حسم نحو 6 آلاف معاملة لـزواج قاصرات وذلك بحجة «الضرورة القصوى».
وأوضح التقرير أن عدد المعاملات التي تم حسمها في محاكم الأحوال الشخصية لزواج الضرورة القصوى قد بلغ (5971) معاملة خلال عام 2023. ويؤشر متابعون إلى أن إحصائيات زواج الضرورة القصوى «تدل على الانحدار الصعب الذي يمر به المجتمع ومستوى العنف الذي تتعرض له النساء». وتقول الناشطة النسوية نور العبيدي لـ»طريق الشعب» إن «زواج الضرورة القصوى يتحقق نتيجة للحاجة الملحة لتحقيق الزواج الرسمي وتندرج ضمنه زواج القاصرات والنساء اللواتي يتعرضن إلى الاغتصاب». وترى العبيدي أن المرأة هي الضحية في هذا النوع من الزيجات. وتضيف «كما أن هناك الكثير من النساء يخضعن لزواج الضرورة القصوى لكونها منحت كزوجة في فصل عشائري».
إجبار على الزواج
في السياق ذاته، تقول رئيسة منظمة نساء من أجل السلام بشرى ناجي إن «ارتفاع نسب زواج الضرورة القصوى يؤكد على ارتفاع نسب التحديات المجتمعية»، مشيرة إلى أن «هناك الكثير من النساء يُجبرن على الزواج دون رغبة، أو هن خارج وصاية آبائهن ويعشن في أسر تعاني من الفقر الشديد».
وتشدد ناجي على أن المجتمع اليوم بحاجة إلى وقفة جادة للنهوض بواقع النساء وهن يتعرضن إلى أبشع أنواع الانتهاكات التي في مقدمتها زواج القاصرات».
ونبهت إلى أن «للموضوع انعكاسات وأثار سلبية لا تعد ولا تحصى، من أبرزها حرمان الفتاة من عيش مرحلة الطفولة والمراهقة، وفرض مسؤوليات كبيرة عليها وهي لا تعرف شيئا عن الحقوق والواجبات الأسرية، وتجبر الفتيات على الحرمان من التعليم وتضطرهن للحمل والإنجاب خضوعا للبيئة الاجتماعية المحيطة بهن».
ارتفاع معدلات العنف الاسري
في هذا السياق اعتبرت المحامية سماح الطائي إحصائية زواج الضرورة القصوى مؤشراً على ارتفاع معدلات العنف الأسري الذي تتعرض له النساء وان هناك تراجعاً كبيراً في نسب تعليم المرأة للارتقاء بواقع حالها. وتضيف في حديث مع «طريق الشعب» إن هذه الحجة تستخدم لحل مشاكل تتعرض لها النساء وخاصة جريمة الإغتصاب. وتوضح قائلة «فبدلا من معاقبة الجاني يتم تزوج الضحية اليه، لكونها تعرضت للاغتصاب وبالتالي لا يتقبلها أهلها ولا حتى المجتمع».
وترى أن «تراجع الحالة الاقتصادية للكثير من الأسر ساهم بارتفاع نسب زواج القاصرات الذي بات ظاهرة مجتمعية في العديد من المناطق، فعوضاً عن تحمل مسؤولية البنت وتربيتها وتعليمها يتم تزويجها للتخلص من مسؤوليتها، وبالتالي تزدحم المحاكم اليوم بمختلف انواع الانتهاكات وطلبات الطلاق».
وما هي الاسباب؟
وتذكر المحامية الطائي أنه ووفق قانون الاحوال الشخصية المادة (8)، يقبل زواج الضرورة القصوى لمن بلغ من العمر الخامسة عشر (١٤+١يوم)، وتتوفر فيه أو فيها القابلية البدنية والبلوغ الشرعي. هذا ولم يُفصّل تقرير هيئة الإشراف القضائي، الحالات التي حكم فيها والأسباب التي أدت إلى أن يأذن القضاة بزواج «حجة الضرورة القصوى».
وعدت الناشطة سراب الخفاجي تقرير زواج حجة الضرورة القصوى التي أعلن عنه اجراءاً يصدر لأول مرة، إلا أنه يذهب بنا إلى تساؤلات عدة لم يتم توضيحها. وتقول لـ»طريق الشعب» إن هناك عدة حالات تندرج ضمن زواج الضرورة القصوى وتكون في جميعها المرأة هي الضحية».
وتشدد على أن الحكومة تتحمل مسؤولية ارتفاع نسب اضطهاد النساء وأن هناك حاجة ملحة للضغط لتشريع قانون مناهضة العنف الأسري وتشديد العقوبات على كل من يرتكب جريمة الاغتصاب، لا تزويج الضحية له، وفق قرار جائر أصدره نظام البعث المباد.