اخر الاخبار

منذ نحو عام ونصف العام، يواصل العشرات من حملة الشهادات العليا في بغداد وعدد من المحافظات، تظاهراتهم مطالبين بالتعيين والتثبيت في الجامعات والكليات الحكومية أو الأهلية والخاصة المستحدثة.

ويتخذ المتظاهرون من الأبنية الحكومية، سيما المرتبطة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مكاناً لاحتجاجاتهم. وهناك عدد كبير منهم يعتصمون في نحو عشر خيمات تم نصبها قبل شهور أمام مبنى الوزارة في بغداد، معظمهم يطمح إلى التعيين كأستاذ جامعي، أو نيل منصب في دائرة حكومية.

وكان حملة الشهادات العليا، هم الشرارة الأولى لانتفاضة تشرين 2019. فقد تظاهروا في أيلول من العام نفسه، وواجهتهم قوات حماية مكتب رئيس الوزراء، بخراطيم المياه.

وتناقل ناشطون وقتها، مقاطع مصورة أظهرت سقوط عدد من النساء على الأرض، ما أدى إلى تفاقم الغضب الذي كان قائماً ضد الحكومة، لتنطلق بعدها بأيام تظاهرات الأول من تشرين الأول في بغداد، وتنتقل سريعا إلى عموم المحافظات.

وخلال الأسابيع الماضية، شهدت بغداد والحلة والناصرية والبصرة، سلسلة من الصدامات بين المتظاهرين من حملة الشهادات العليا وقوات فض الشغب، رغم أن وزارة التعليم العالي أكدت نهاية العام الماضي، أن الحكومة تولي اهتماماً كبيراً بحملة الشهادات العليا، وأنها وجهت بتعيين شريحة منهم في الكليات والمعاهد الأهلية بما يتناسب مع الحاجة والتخصص.

أكثر من 50 ألفا

لا يُعرف العدد الحقيقي لهؤلاء الخريجين، لكن عضو تنسيقية تظاهرات الشهادات العليا في بغداد، محمد عادل السامرائي، يؤكد أن الأعداد أكثر من 50 ألف شخص، وأن غالبيتهم من الحاصلين على شهادة الماجستير، مستدركا “لكن الذين يشاركون في التظاهرات لا يتجاوز عددهم الـ100 شخص”.

ويعتبر السامرائي، في حديث صحفي، أن “الحكومات العراقية منذ 2003، حتى الآن، لا تحترم العقول المفكرة، ولا العلماء. وهذه ليست مبالغة، لأن لدينا في صفوف المتظاهرين من يحملون شهادات دكتوراه في الفيزياء أو الكيمياء، وبعضهم يملك براءات اختراع، لكنهم من دون وظيفة أو دخل جيد”.

من جهته، يقول علي كريدي، وهو حاصل على الماجستير في الصحافة في جامعة بغداد، إنه يتظاهر منذ عامين أمام مبنى وزارة التعليم العالي، مبينا في حديث صحفي، انه “قابلنا الوزير مرة واحدة فقط، ووعد باستحداث درجات وظيفية لشريحتنا، لكننا لم نجن سوى الوعود”.

ويضيف، أن فريقاً من المتظاهرين كانوا قد زاروا الوزير في مكتبه، فصارحهم بأن ملفهم معقد، ولا يمكن قبولهم بالأعداد الحالية بسبب الضائقة المالية في البلاد، مؤكدا أن “جميع الخريجين يعانون غياب الاهتمام الحكومي. وهم في الغالب من المتفوقين، ويملكون أفكاراً قد تنقذ العملية التعليمية في العراق، وبدلاً من الاهتمام بهذه الشريحة التي تسعى دول كثيرة للاستفادة منها، فإن العراق على العكس، يواجههم بخراطيم المياه، والاعتداء، وأحياناً بالرصاص الحي!”.

المسؤولون لا يؤمنون بأهمية التعليم والمتعلمين!

إيمان جبار، وهي حاصلة على شهادة الدكتوراه في علوم الفيزياء في جامعة النهرين، تقول أن المسؤولين في البلاد لا يستوعبون مطالب المتظاهرين من حملة الشهادات العليا بالتعيين، حتى لو عبر عقود سنوية كما يجري في بعض الشركات الخاصة.

وتتابع قولها في حديث صحفي، أن “أكثر ما يحزننا، نحن الذين درسنا طويلاً لبلوغ هذه المرحلة، أن أعضاء في مجلس النواب، ومسؤولين في مناصب مهمة، لم يحصلوا حتى على الشهادة الإعدادية، وبالتالي نحن نشعر بأننا نواجه شريحة لا تؤمن أصلاً بأهمية التعليم والمتعلمين”، موضحة أن “هناك تزايداً غير اعتيادي في أعداد أصحاب الشهادات العليا في العراق، خصوصاً مع استمرار توافد الطلبة العراقيين إلى روسيا وإيران ولبنان للحصول على ألقاب علمية بتكلفة قليلة وجهد أقل، وهؤلاء حين يرجعون إلى البلد يطالبون أيضا بالتعيين”.

مشهد مسيء للجميع

إلى ذلك، يؤكد عضو مجلس النواب، علي البديري، أنه “من واجب الحكومة استيعاب الخريجين، سيما أصحاب الشهادات العليا، وتوزيعهم كمدرسين وأساتذة في الجامعات، أو إلزام الجامعات الأهلية والخاصة باستيعابهم في كلياتها”، لافتا في حديث صحفي، إلى أن “مشهد هؤلاء الأساتذة وهم يفترشون الأرض مطالبين بالتعيين، مسيء للجميع. فلا بد من الاهتمام بهم”.