اخر الاخبار

ناشطون: الحصانة السياسية تمنع ملاحقة جرائم النواب

رحبت أوساط سياسية وشعبية بقرار المحكمة الاتحادية العليا بالعدول عن قرارات المحكمة السابقة، بخصوص استحصال موافقة مجلس النواب على رفع الحصانة عن النواب المتهمين بارتكاب جرائم معينة. فيما عزت اللجنة القانونية في مجلس النواب، تفسير المحكمة بسبب استغلال بعض النواب حصانتهم لارتكاب جرائم فساد.

ودعا عدد من الناشطين والمهتمين بقضايا الفساد، القضاء الى لعب دوره والاستفادة من هذه الفرصة لمعاقبة الفاسدين، محذرين من الرضوخ لضغوطات المتنفذين.

 

عدول عن القرار

وقررت المحكمة الاتحادية العليا, بحسب بيان صادر عنها، تلقت “طريق الشعب”, نسخة منه, “اقتصار الحصول على موافقة مجلس النواب في حالة واحدة فقط هي صدور مذكرة قبض في جريمة من نوع الجنايات غير المشهودة، وفيما عدا ذلك لا حصانة لأعضاء مجلس النواب، وبالامكان اتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم مباشرة، في حال إتهام أي منهم بجريمة جناية مشهودة أو جريمة جنحة أو مخالفة”.  

وأكدت المحكمة بـ”هذا القرار تستطيع المحاكم حسم دعاوى الفساد بشكل أسرع من السابق، لأن معظم جرائم الفساد ينطبق عليها وصف جرائم الجنح، وكان حسمها يتوقف على رفع الحصانة عن المتهم بها إن كان عضو مجلس نواب”.

 

خلاف حول دستورية القرار

من جانبها, عدّت عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب, بهار محمود، تفسير المحكمة الاتحادية بشان حصانة النائب، جاء بسبب استغلال بعض النواب حصانتهم في ارتكاب جرائم فساد.

وتقول محمود في بيان طالعته “طريق الشعب”, ان “المادة ٦٣ من الدستور واضحة كالشمس ولا يحتاج اي تفسير، وتنص على انه لا يمكن القاء القبض على عضو البرلمان الا بعد موافقة البرلمان بالأغلبية المطلقة او موافقة الرئيس بالعطلة التشريعية الا في حالة الجناية المشهودة؛ ففي هذه الحالة يجوز القاء القبض عليه دون حاجة لموافقة البرلمان او رئيسه، ولكن تفسير المحكمة الاتحادية يقول عكس ذلك”. وتضيف “نحن ضد الحصانة بالعموم لأي فئة من فئات المجتمع، سواء اعضاء برلمان او وزراء او الرئاسات، لان الحصانة مخالفة للمادة ١٤ من الدستور والتي تنص على المساواة بين المواطنين امام القانون، كما ان هناك بعض اعضاء برلمان استغلوا الحصانة لارتكاب جرائم لاسيما الفساد”.

وتابعت محمود انه من جهة اخرى “عند تفسير اي مادة يجب الرجوع الى فلسفة تشريع هذه المادة، فالحكمة من المادة ٦٣ من الدستور هي تسهيل مهمة اعضاء البرلمان للقيام بدورهم التشريعي والرقابي، وليس لتسهيل وشرعنة ارتكاب الجرائم والاختفاء وراءها، لذلك فإننا ننتقد استغلال امتياز الحصانة من قبل بعض اعضاء البرلمان لارتكاب جرائم الفساد”.

 

تفسير القرار

ويفسر الخبير القانوني محسن كريم قرار المحكمة بالقول: ان “قانون العقوبات العراقي، قسّم الجرائم من حيث جسامتها الى ثلاثة انواع هي الجنايات والجنح والمخالفات في نص المادة (23) من القانون”, مضيفا ان “القانون عرف الجناية في المادة (25) وهي الجريمة التي يعاقب عليها المدان بعقوبة الاعدام او السجن المؤبد, او السجن اكثر من خمس الى خمس عشرة سنة”.

ويشير كريم في تعليق لـ”طريق الشعب”, ان “القانون عرف الجنحة في المادة (26) وهي الجريمة التي يعاقب عليها المدان بالحبس الشديد او البسيط اكثر من ثلاثة اشهر الى خمس سنوات. فيما عرف المخالفة في المادة (27) بانها الجريمة التي يعاقب فيها المدان بالحبس البسيط لمدة من اربع وعشرين ساعة الى ثلاثة اشهر”. 

ويضيف القانوني ان “قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي قسّم الجرائم من حيث علانية سلوك الجاني الى جرائم متلبس بها وجرائم غير متلبس بها, والجرائم المتلبس بها هي التي تكتشف حال ارتكابها او عقب ارتكابها بوقت قصير. اما الجرائم غير المتلبس بها فهي الجرائم التي يمضي وقت بين وقوعها وكشفها بحيث تصبح الادلة فيها اقل وضوحا”.

ويؤكد كريم ان “القرار سيمكن المحاكم من الاسراع في حسم الاتهامات الموجهة لاعضاء مجلس النواب، واصدار قرارته في عدد كبير من منها”, منوها الى “ضرورة عدم رضوخ القضاء الى الضغوطات السياسية التي سوف تمارس ضده”.

وكشف خلال الشهر المنصرم, مستشار رئيس مجلس النواب عماد يوحنا, عن وصول 10 طلبات من القضاء لرفع الحصانة عن عدد من اعضاء مجلس النواب، للتحقيق معهم بخصوص قضايا تتعلق بملفات فساد.

 

ترحيب حذر

من جانبه, رحّب الناشط المدني حسن احمد بالقرار الصادر عن المحكمة الاتحادية, لكنه يشكك في امكانية صدور احكام قضائية ضد الفاسدين من اعضاء مجلس النواب.

ويقول احمد لـ”طريق الشعب”, ان “عددا كبيرا من المسؤولين واعضاء مجلس النواب متهمون بالفساد مع وجود ادلة على فسادهم وهدرهم للمال العام, لكن كتلهم السياسية المتنفذة في الدولة ومؤسساتها تمنع محاسبتهم وتقوم بحمايتهم وتهدد كل من يقترب منهم”, مبينا ان “حالات محدودة تمكن خلالها القضاء من اصدار عقوبات على الفاسدين, ومع هذا تدخلت المؤسسة التشريعية، لتصدر عفوا عام على مقاسات هؤلاء المدانين”.

ويدعو احمد “السلطة القضائية الى اخذ دورها بشكل فاعل من خلال محاسبة الفاسدين، وانزال اقصى العقوبات بحقهم وجعلهم عبرة لكل فاسد، تسول له نفسه سرقة المال العام او هدره”, مشددا على “ضرورة منع كل شخص أدين سابقا من تبوؤ منصب تنفيذي وعدم السماح له بالترشح للانتخابات حتى في حال شموله بعفو سابق”.