اخر الاخبار

في ظل استمرار النهج المحاصصاتي في إدارة الدولة، وتفشي السلاح المنفلت، الذي استفحلت معه ظاهرة اغتيالات الناشطين في تظاهرات تشرين، لم تبد كثير من المواطنين المعنيين بالشأن الانتخابي، حماسة للمشاركة في يوم الاقتراع فـ”الانتخابات لن تأتي بجديد”، (بحسب قولهم). مع بقاء الوضع السياسي والأمني والاقتصادي متأزما.

واستطلعت “طريق الشعب” آراء ناشطين ومواطنين ومراقبين في شأن الاستعدادات الجارية لإجراء الانتخابات المبكرة. وقد عبّر أغلب المستطلعين عن خيبة أملهم في ما يجري، ما دامت القوى المتنفذة تتحكم بالقرارات المصيرية وحدها، ولم تجر الاستجابة لمطالب تشرين.

ويرهن المواطنون المشاركة الانتخابية بـ”توفر مستلزمات أجرائها بصورة نزيهة وشفافة”.

شروط ومستلزمات 

وقال الناشط المدني علي إبراهيم في حديثه لـ”طريق الشعب”, انه لن يشارك  في الانتخابات القادمة ولن يسجل اسمه كموظف في المفوضية كونه مؤمنا بان “الانتخابات القادمة لن تساهم في عملية التغيير المرجوة, وذلك بسب تفشي السلاح المنفلت وازدياد عمليات الاغتيال التي تطال ناشطين ومرشحين أيضا إضافة لعمليات التزوير”.

واضاف ان “الانتخابات المبكرة التي طالب بها المنتفضون، كانت وفق شروط محددة, أهمها  محاسبة قتلة المتظاهرين والكشف عن الجهات التي تقف خلفهم وتدعمهم وتسهل مهامهم” .

ووفقا للناشط فان الانتخابات بحاجة الى “مستلزمات ضرورية” يجب على الحكومة توفيرها من اجل انجاحها, موضحا ان أهمها ما يتعلق بـ”البيئة الامنة وحصر السلاح بيد الدولة وتفعيل قانون الأحزاب ومنع الأحزاب التي تمتلك اجنحة مسلحة من خوض الانتخابات، وايجاد مفوضية انتخابات مستقلة لا يتم التأثير عليها”.

وعد ابراهيم ان “الحكومة الحالية غير جادة في ما تطلقه من وعود، ولا يعول عليها”.

لا جدوى منها

أما المواطن فاضل جاسم، فقال لـ”طريق الشعب”، ان “مشاركة الناخب من عدمها لا تغير من المعادلة شيئا، وان العملية الانتخابية محسومة لجانب القوى السياسية المتنفذة منذ الان”.

ورهن جاسم مشاركته في الانتخابات “بتوفر بديل سياسي حقيقي جديد, لا تحوم حوله شبهات فساد، لكي تتحقق عملية التغيير”.

خيبة أمل 

فيما أشّر علي حمزة (مواطن آخر) خيبة امل كبيرة بين أوساط الكادحين وذوي الأجور اليومية, بسبب عدم اهتمام الحكومات بمعاناة وقوت كادحي الشعب.

وتابع في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “المشاركة من عدمها غير نافعة، كون ان العملية السياسية في البلد مرهونة بإرادة أحزاب متنفذة، تعتاش على المحاصصة والفساد والسرقات”.

وما يعتقده حمزة، هو انتخابات تشرين، إن أجريت، لا تتعدى “إعادة تدوير الوجوه، لا اكثر”.

وزاد ان “التجارب المريرة في الدورات البرلمانية السابقة والحالية, رسخت قناعة لدى الناس بان القوى السياسية الموجودة حاليا، لا يمكن لها ان تحقق امال وتطلعات الشعب العراقي بل سيزداد الوضع سوءا”.

فقدان الثقة

واختزل المواطن احمد جواد اهم أسباب مقاطعة المواطن للانتخابات القادمة بـ”فقدان  الثقة بالمنظومة السياسية”.

ويخمن جواد ان تشهد العملية الانتخابية تزويرا كبيرا يضمن للقوى المستفيدة “الالتفاف على إرادة المواطن”. 

وتساءل المتحدث عن البرامج الانتخابية للمرشحين التي غالبا ما تذوب مع وصول المرشحين الفائزين الى قبة البرلمان؟

وتماشيا مع ما طرحه المتحدث السابق، يؤكد المواطن عدي جبر، انه كان من المشاركين في الانتخابات السابقة، الا انه لم يلمس أي تغيير حقيقي في أداء البرلمانيين.

ويستبعد جبر ان تتمكن المنظومة السياسية الراهنة من بناء البلد “فهي غير قادرة على توفير حصة تموينية. كيف يمكن للمواطن ان يثق بها بعد؟”.

عوامل عدة

الى ذلك، قال سرمد إبراهيم, ان “الشباب العراقي لم يلمس أي تغيير حقيقي منذ تغيير النظام للآن، سواء على مستوى الخدمات او تمكين الشباب وتوفير فرص العمل للعاطلين والخريجين”.

ويجد ابراهيم انه “لا بديل عن مقاطعة الانتخابات، كون المتنفذين في السلطة يمتلكون سلاحا خارج اطار الدولة، ومالا سياسيا ضخما وماكنات إعلامية”، معتقدا ان هذه “عوامل ستساهم بشكل كبير في إعادة تدويرهم”.

ويصف ابراهيم الممارسة الانتخابية بالعراق بأنها “شكلية ومجرد روتين ديمقراطي، الغرض منه هو كسب الشرعية امام المجتمع الدولي”.

ويعتبر المتحدث ما يجري هو “استغفال بعض المرشحين للمواطنين, حيث ان المرشح يطلق الوعود بالخدمات وحمل هموم الفقراء ومساعدة المحتاجين وتحسين الواقع الخدمي، وبمجرد ان يثبت فوزه في الانتخابات، ينسى من انتخبه ومن ساعده في الوصول الى السلطة”.

رسائل محبطة

وعلى صعيد متصل، ارجع الباحث في الشأن السياسي، وائل الحازم، سبب استياء المواطن وعدم ثقته في المنظومة السياسية “لعدم تقديم أي برنامج وطني, ولم يسعوا بشكل صحيح الى بناء الدولة ومؤسساتها, بل انشغلوا بسرقة المال العام وقتل المعارضين”.

وأشار الى ان هذه الأفعال هي كلها رسائل محبطة يتلقفها المواطن العراقي بشكل سلبي، ما أدى بالتالي الى جعل الثقة مهزوزة.

وبين المتحدث لـ”طريق الشعب”, ان من أسباب الدعوات الى المقاطعة هو ان المقاطعين متيقنون من إمكانية تلاعب الكتل السياسية المتنفذة بنتائج الانتخابات, من خلال السلاح المنفلت واستغلال النفوذ.

ويلاحظ ان “امين بغداد وبعض مدراء البلديات نصبوا انفسهم كمرافقين لبعض النواب لاصلاح تكسرات الشارع والتي هي من واجبات البلدية”.

ويرى الحازم ان “المقاطعة ليست هي الحل. انما يجب حث الناس من اجل الضغط على الحكومة، ومن ثم التحشيد نحو المشاركة في الانتخابات لضمان تمثيل حقيقي للشريحة الوطنية”، مرجحا “إمكانية معالجة أسباب المقاطعة، وعدم الذهاب نحو رفض المشاركة في الانتخابات”.

عرض مقالات: