اخر الاخبار

حلّ العراق بحسب آخر تقرير صادر عن معهد الموارد العالمي، ضمن المنطقة الحمراء في مؤشر الاجهاد المائي. فقد جاء في المرتبة 23 عالميا من اصل اكثر من 160 دولة، فيما جاءت البحرين بالمرتبة الأولى عالميا، ومن ثم قبرص والكويت ولبنان وعمان وقطر والامارات والسعودية.

وتستهلك هذه الدول بضمنها العراق اكثر من 80 بالمائة من إيراداتها المائية، اي ان حجم استهلاك المياه خلال سنوات سيكون اكبر من الإيرادات المائية، وبالتالي لا يوجد ما يكفي من المياه للدول الخمس والعشرين الموجودة في المنطقة الحمراء.

ويقيس مؤشر الإجهاد المائي، نسبة الطلب على المياه إلى الإمدادات المتجددة، والمنافسة على موارد المياه المحلية، وكلما ضاقت الفجوة بين العرض والطلب، أصبح المكان أكثر عرضة لنقص المياه؛ فالبلد الذي يواجه “الإجهاد المائي الشديد” يعني أنه يستخدم ما لا يقل عن 80 بالمائة من إمداداته المتاحة، فيما يعني “الضغط المائي المرتفع” أنه يسحب 40 بالمائة من إمداداته.

وإزاء كلّ هذا اكد مختصون ان البلد، وسط الظروف الحالية وشح الواردات المائية ووضعه في المنطقة الحمراء، يقف امام خطر جسيم سيداهمه في المستقبل، إذا لم يشهد حلولاً حقيقية وناجعة في ملف المياه، ولم تتم معالجة الفشل في ادارته، ولم يحظ باهتمام صناع القرار.

خطر يداهمنا

ويقول المستشار السابق لدى وزارة الموارد المائية، ظافر عبد الله، ان “هناك معايير مختلفة تستخدمها المنظمات في حساب المؤشر، وتقودنا على اختلافها الى حقيقة اننا نذهب باتجاه تحت خط الفقر المائي”.

ويضيف في حديث مع “طريق الشعب”، بالقول: إن “هذا المؤشر وغيره من تصنيفات مختلفة، لا تبعث على الطمأنينة، في ظل هذه المعدلات من الايرادات، والسياسات الداخلية التي لا تحترم هذه الثروة، علاوة على سياسات دول الجوار التي لا تعير اهمية لحاجة المواطن العراقي”، محذرا من ان “استمرار الوضع بهذا الشكل، يضعنا أمام ما يسمى “الفقر المائي”، حيث ان الحاجة تكون اكبر من الايرادات بأرقام كبيرة”.

ويؤكد ان الفقر المائي “مزعزع للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ويؤثر على حياة الناس. نحن نتحدث عن خطر سيداهمنا في المستقبل، وهناك سيناريوهات مختلفة احلاها مر، والسنوات الاربع الماضية، لم يسبق ان تعرض لها أحد، سواء العراق ام الاقليم، من ناحية شح واردات نهري دجلة والفرات، وانخفاض التساقط المطري في الحوضين”.

ويلفت الى ان الزراعة هي اول القطاعات المتأثرة والصناعة كذلك”، داعيا الى التوجه نحو الري المغلق، برغم انه مكلف جداً لكن يجب ان يرتفع مستوى الاهتمام به بالنسبة للحكومة؛ فالخطر الذي نواجهه يحتم على الحكومة والجهات المعنية ان تأخذ الموضوع بجدية اكبر، واحترام الثروة المائية في كل الاستخدامات”.

إدارة مائية فاشلة

وعلى صعيد ذي صلة، قال خبير السياسات المائية، رمضان حمزة، ان المؤشر العلمي يقاس من خمس درجات والعراق وصل بالفعل الى 4.7، ويصل عاما بعد اخر الى مستويات اسوأ من ذي قبل. فيما عزا هذا التدهور في سياق حديثه مع “طريق الشعب”، الى ان “الملف المائي منسي، ولا يحظى باهتمام الجهات العليا، وحتى المجلس الوطني الذي تم تشكيله لا يعّد فعالاً، وكذلك الحال بالنسبة لإجراءاته غير المجدية مثل رفع احواض الاسماك والتجاوزات التي يجب ان تكون مرهونة بمدة وتنجز سريعاً”.

ولفت حمزة الى، ان “المياه قليلة جداً والتلوث اكبر، اضافة الى ان المياه تدخل الى العراق ملوثة، وتزداد تلوثاً مثل كرة الثلج عند دخولها، وهذا يعني ان التهديد يطال كمية المياه ونوعيتها، علاوة على ذلك فنحن لا نرشد استهلاك المياه ونستخدم جزءا كبيرا جداً من وارداتنا، وهذا ما وضعنا في المنطقة الحمراء؛ فنوعية المياه سيئة وكميتها قليلة، والادارة المائية يمكن وصفها على انها فاشلة”.

وزاد قائلا ان “ناقوس الخطر قد دق في العام 2018، حين غصت المستشفيات بالناس بسبب تلوث المياه، وفشل الحكومة في انعاش الاهوار، وهجرة السكان الاصليين من اراضيهم، والزراعة بحفر ابار المياه الجافية. وهذا ايضا استنزاف خطير لمياه الاجيال القادمة، وسط التغيرات المناخية”.

وخلص الى القول: ان “حفر مئات الابار ما هو الا حل قاتل وليس حلاً للمشكلة، ولا يعني إنجاز شيء بل الحلول تكمن في انهاء الاجهاد المائي والمحافظة على نوعية المياه وسلامتها، وجعل ملف المياه اولوية على صعيد العلاقات مع دول الجوار”.

ويوم امس، أكد وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله إنَّ وزارته وفي ضوء البيانات المتوفرة عن كميات الخزين المائي للبلاد وما تطلقه دول الجوار إلى احواض الأنهر الواصلة منها للعراق، فلا توجد إمكانية حالياً لتوجيه المياه إلى بحيرتي الثرثار والحبانية.

وقال ذياب في تصريح صحفي إن “بحيرة الحبانية تعاني من حالة جفاف تصل إلى 100 بالمئة، ما تسبب بتراجع أعداد السياح الوافدين لزيارة مدينتها السياحية.

واضاف أنَّ “ما يتم اطلاقه حالياً من سد حديثة في محافظة الأنبار لتوليد الكهرباء منه، إلى حوض نهر الفرات في البلاد، أقل من 225 م3/ثا، فيما لا تتجاوز كميات الحصص المطلقة من تركيا حالياً إلى النهر ذاته عن 210 م3/ثا، ما يعني أن خزين العراق المائي شحيح أصلا، للحفاظ على منسوب نهر الفرات بحده الأدنى.”

وبالتحليل الرقمي للأرقام المعلنة، فهذا يعني ان العراق يستهلك من الفرات مياها اكثر من المياه التي تصله، أي ان عملية العجز بـ”السالب”، وبنسبة 7%.

وبتعبير أدق فأن العراق يأتيه يوميا 18.1 مليون متر مكعب، بينما ينفق يوميًا اكثر من 19.4 مليون متر مكعب، مايعني ان العراق يستهلك 1.3 مليون متر مكعب يوميا من مياه الفرات دون وجود ما يعوضه.

عرض مقالات: