اخر الاخبار

كنوز صورية باذخة الجمال وبتوثيق أمين تقدمها بسخاء شبكة الإعلام العراقي ضمن مشروع ثقافي كبير يحمل عنوان “موسوعة العراق المصورة” ، أصدرت منه أولا كتاب ضخم بثلاثة  مجلدات بواقع 630 صفحة وثَّقت  فيه اغلب الآثار الموجودة في المتحف العراقي ، بإشراف من الدكتور نبيل جاسم رئيس شبكة الإعلام العراقي، وبتصميم راق من قبل الفنان والباحث الدكتور فلاح حسن الخطاط، وبطباعة فاخرة لمطابع الشبكة ، وهاهي اليوم تصدر كتابها الثاني بعنوان “ فؤاد شاكر – ذاكرة مدينة” بواقع 160 صفحة بتصميم الفنان نفسه وبمطابع الشبكة أيضا.

دونما تزييف أو تمويه استبطن الفنان فؤاد شاكر دواخل بغداد الحقيقية،  غاص في شرايينها  مسطرا عنها قصائد بالظل والضوء ستبقى معلقات نفيسة خالدة تقص حكايا الإنسان  وكده في الأرض سعيا لكسب لقمة العيش بشرف وأمانة.. تكتنز كل لقطة منها معاني عن زمن يهمس بمكامن النفوس مرة ويصرخ مرات بآلام الفقر وضنك العيش.

مثل من يخطط لجمع عوالم مهمَّشة عاش معها وبينها وثَّق كل لحظة منها كمهندس بارع بوعي ثقافي متقدم ، التقط يوميات الناس  البسطاء في المقاهي و المطاعم الشعبية راصدا حميميتهم في احتضان بعضهم وآمالهم في مستقبل مضيء أفضل دونما انكسار.

لقطات تعني مجلدات من السرد البصري الدقيق لدواخل المدينة  تروي حكايات وأساطير مخفية تفتضح أحيانا في نظرات انتظار ويأس وتأمل واسترسال ..

صوَّر شخصيات معروفة مانحا إياها تصوراته هو دون غيره ، مثل لقطة الكبيرين حسين علي محفوظ وعلي الوردي في مقهى شعبي متكئين على عصايتها وكأنهما يسترجعان زمن مضى وضع بصماته على جسديهما الهرمين..وبالعكس منهما لقطة للفنان طالب مكي بأناقة تامة وبابتسامة مرحة توائمت مع شعاع ضوء نافذة خلفية، لقطة للدكتور خزعل الماجدي في شبابه مبتسما متألقا آملاً بمستقبل أفضل غافلا عن خفايا سنوات غربة وفقدان، الفنانة إقبال نعيم في لقطة جمعت بين أنوثة عذبة وبراءة بيضاء ناصعة..

ومثل صياد ماهر يعرف متى وأين يرمي شباكه اختلس فؤاد شاكر مشاهد تبدو بديهية واقعية بحتة لكنه منحها من عنده رؤية ماورائية تجعلنا ندقق في تفاصيلها مرات ومرات ، مثل مشاهد الأزقة القديمة التي بدت وكأنها ولدت للتو، شارع الرشيد في زهوه قبل أن تطعنه الشيخوخة ويذله الدخلاء ، عباءة شابة يافعة ، يشماغ رجل مسن ، صاية رجل كهل ، احتفال بهيج  بابتسامات طفولة بكر بل ولكأننا نسمع منها كركرات صاخبة رغم بؤس العيش،وفي انتصار مبين للحياة .

 توثيق لحرف قبل أن يلفها النسيان ويسحقها الزمن مثل بائع الكتب على الرصيف، خياط الاطارات، العتاكة، العربنجي ، حداد المناجل، بيّاعة الخردة ،الرَّواف ، القندرجي ، بائع النفط ، الحمّال، بائع الخواتم، خزّاف الحِبوب والطبول.. لقطات تعيد ذاكرتنا بصياغة جمالية مبتكرة وبحنين طاغ لزمن مضى وإن كان مرا قاسيا.

عرض مقالات: