اخر الاخبار

كلّما أرى عملاً لا انسانياً أتذكّر أنّي ذات صباحٍ ، وعند خروجي من البيت ذاهباً الى العمل ، شاهدتُ كلباً يحملُ بين فكّيه قطّةً ميتة ، قلت في قرارة نفسي: ملعون قتلتها وتريد أن تأكلها ؟!

وقفتُ أراقبه ماذا سيفعل ،، اخذ يدور هنا وهناك الى أن وصل الى كومٍ من الرمل قرب بيت جيراننا - والقطّة ما تزال بين فكّيه - صعد على كوم الرمل وأخذ يحفر بقائمتيه الاماميتين ثم وضع القطّة في الحفرة واهال عليها الرمل. بعدها برك بكل جسمه ليضغطها ، ثم غادر راكضاً الى ما يريد. تفاجأتُ بعمله هذا وتذكّرتُ حينها المجرمين القتلة من كل الأصناف، الذين يرمون قتلاهم على اكوام القمامة وفي الطرقات دون ادنى شعور إنساني!!

الحيوان يدفن حيواناً آخر وجده ميتاً ،، والانسان يقوم بأعمال تأنف منها الحيوانات ،، مفارقة عجيبة ؟!

جلست ساعات افكّر بعالمنا المليء بالغرائب والافعال التي لا تمت الى الانسانية بصلة،، وبما نعيشه من رعب حقيقي من بعضنا البعض ، وكأننا نحيا في غابة تختلف عن غابات الدنيا !

وتساءلت : لماذا نقتل بعضنا ؟ ونؤذي بعضنا ؟ ما هذا الحقد الذي نحمله ؟ وما هذا العنف ؟ ألا نعيش على نفس الارض ؟ ونتنفس الهواء ذاته ؟ ونشرب الماء الذي يجري في دجلة والفرات ؟

اذاً ، لماذا نقتل بعضنا ؟ ولأي شئ ضروري نعدم حياة انسان ؟ هذا الذي جاء خلقه في احسن تقويم ، وفتح منذ اللحظة الأولى الآفاق ليعمّر الارض ويديمها ، ولولاه لما كانت لها أية فائدة !

اعتقد أننا لم نفهم معنى الحياة الحقيقية التي يجدر ان يعيشها الناس، ولم نفهم أن الانسان اغلى شيء موجود على الارض ، واذا قضينا عليه اضمحلّت الارض وماتت !

لولا الانسان لما قامت مجتمعات ومدن وبلدان ، ولما عمّرت ارض ما ابدا ! ولو لم يكن هناك طلبة لم تكن مدارس ، وبلا عمّال لم تشيّد مصانع ، وهكذا !

لهذا علينا أن نتأمل الوجود منذ بدء الخليقة وليوم الناس هذا ، لنبصر من هو رأس المال الحقيقي ،، بالتأكيد سيكون الانسان حتماً ، هو الحارث والزارع والساقي والباني والصانع والعاشق والكاتب وكل شيء !

هو صانع الجمال على هذه الأرض ، وللأسف هو صانع القبح أيضاً !

ما علينا الاّ أن نحترمه ونجلّه ونعطيه حق قدره ، لا أن نقتله على أتفه الاشياء ، وكل شيء مهما غلا ثمنه وعلا شأنه لن يصل الى جزء من الذرّة بالنسبة لثمن وشأن الانسان !

ولنتذكّر دائما أن الانظمة والحكومات زائلة والكراسي ستنخرها الارضة، وان من يصنعها ويعيدها للحياة هو الانسان!

عرض مقالات: