اخر الاخبار

بلاد الرافدين ومنذ فجر التاريخ تنعم بخيراتٍ كثيرة ، حيث أشاد أبناؤها المدن وأرسوا دعائم الحضارة الإنسانية ، من عمران وتعليم وقوانين وكتابة وزراعة وتجارة وآداب وفنون ، ما تزال شاخصةً آثارها لحد هذه اللحظة ، لأن أرض العراق تحمل في باطنها الخير الوفير، من المعادن والثروات الحيوانية والنباتية ، وأخيراً النفط ــ النقمة التي حلّت على البلاد والعباد، مع ان كل أرضٍ يُكتَشفُ فيها النفط ، يُحسَدُ أهلها على ما سيصيبهم من خير وتقدّم وازدهار وغنى !!

العراق من أول البلدان العربية التي ازدهرت بالعمران في العصر الحديث ، حيث كان سبّاقاً في مجالات التعليم والطيران والصناعة والإذاعة والتلفزيون وغيرها، منذ عشرينات القرن الماضي، ليكون محطّة وقبلة يؤمها الناس من كل البلدان ، وبالأخص دول الخليج التي كانت متأخرة كثيراً في تلك الأيام !

وتمرُّ السنون ، وتتعاقب الحكومات والمسؤولون ، وتسيل دماءٌ كثيرة ، ويهيمن استبداد ، ودكتاتورية ، وقمع ، وحروب  ، وإرهاب ، وطائفية ، ومحاصصة ، وفساد لم يشهد العالم له مثيلاً ، ليعمّ الخراب ، ويصبح العراق في آخر القائمة بعد أن كان متقدما دائما !!

وتعلن وزارة التخطيط مؤخراً أن أكثر من خمسين بالمائة من أبنائه يعيشون تحت خط الفقر، ينامون في العراء ، ويأكلون من المزابل ، بلا مأوى يليق بهم ، ولا طعام يسد جوعهم ، ولا ثياب تقيهم البرد وما الى ذلك !!

شعب يعيش على بحرٍ من نفط ، والنفط الآن هو المتحكّم في اقتصاديات العالم ، لكنه يعاني الفقر !

 أكثر من ثلثيه يعيشون تحت خط الفقر ، يعانون من سوء الخدمات والرعاية الصحية ومن أزمات السكن والبطالة وتدهور التعليم والكهرباء ومن الفساد المستشري في كل مكان.

 وانتفض الشعب على منظومة الفساد ، طالباً التغيير والإصلاح ، لأنه من غير المعقول أن يكون شعب يمتلك كل هذه الثروات رازحاً تحت الفاقة والفقر والمرض والتشرذم ؟!

انتفض الشباب بكل فئاته وأطيافه على هذا الواقعٍ المُرٍّ وقدم القرابين تلو القرابين من أجل وطنٍ حرٍّ ينثر السعادة والهناء على رؤوس أبنائه ، ويوزّع الخير بالتساوي عليهم. انتفضوا وكأنهم يرددون مع الراحل الشيخ إمام :” ناح النوّاح والنوّاحة ،، على بقرة حاحا النطاّحة ،، والبقرة حلوب ،، حا حا ،، تحلب قنطار ،، حاحا ،، لكن مسلوب ،،حاحا ،، من أهل الدار».

لكن ما تزال الحكاية نفسها ، بل تتفاقم الأزمات يوماً بعد آخر ، لأنه لاحسيب لكبار الفاسدين ولا تفكيك لهذه المنظومة التي اطاحت بكل أحلام العراقيين في التطوّر والتقدّم والازدهار، ومن أزمة الى أخرى رغم ازدياد الوعود وكثرة التصريحات النارية بإنهاء هذه الأزمات ورفع المعاناة عن البلاد والعباد، التي لم نرَ لها على أرض الواقع تنفيذا !

عرض مقالات: