اخر الاخبار

بمبادرة شخصية وبروح وطنية عالية أهدى  الشاعر والأديب والرسام ورجل الأعمال عبد الله شكر الصراف في العام 1968 كنزا لا يقدر بثمن إلى المتحف العراقي ، تضمن مجموعته الخاصة النادرة من النقود الإسلاميَّة وعددها (1597) قطعة منها (431) نقداً من الذهب و(1091) نقداً من الفضة والباقي من النحاس. وهي  تخص (60) أسرة ودولة حكموا فيها حوالي (450)   عاما ما بين خليفة وسلطان ووالٍ، وقد وضعت  في (18) ألبوماً مرتبة حسب تسلسلها الزمني لكل دولة أولاً، ثم لكل حاكمٍ من حكام هذه الدول ثانياً. ونجد بينها درهم الحجاج بن يوسف الثقفي، المضروب على الطراز الساساني سنة 87 هجرية‍ نقشت عليه عبارات عربيَّة لم يجدوا نظيرها في نقوده ، و درهم ضربه عضد الدولة أبو شجاع البويهي بالكوفة سنة 364هجرية‍ . كما ضمت نقود عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك وغيرهم من خلفاء العصر الأموي ونقود آل بويه وآل حمدان والأغالبة وبني طولون والاخشيديين والأيوبيين والسلاجقة وغيره، ومن النقود العثمانيَّة أيضا وغيرها من المسكوكات النادرة التي جمعها عبر 40 عاما من التجوال في أنحاء العالم ، وجمع المعلومات التاريخية عنها.

 وكانت  وزارة الثقافة آنذاك قد خصصت  قاعة باسمه في المتحف سميت (قاعة الصراف للمسكوكات ) كما طُبع  عدد خاص من مجلة المتحف العراقي حول مسكوكات الصراف ووزعت منه نسخ إلى جميع أنحاء العالم.ولم يقتصر كرم هذا الرجل ، الذي توفى عام   2000  في ولاية فرجينيا الأمريكية غريبا بعيدا عن الوطن عن عمر ناهز التسعين عاما، على التبرع بكنزه المادي الثمين حسب، بل قدم معه  دراسة دقيقة لنصوص تلك المسكوكات بجهد علمي متخصص.

وحين تعرض المتحف لأكبر عملية سطو في العام 2003 كان الكنز ،ولحسن الحظ ، محفوظا مع آثار أخرى  في أكياس داخل قبو  عميق لم تطله يد السراق .

وعلى خطى كرم ووطنية الوالد  تقدمت قبل أكثر من عام عائلة الصراف بطلب لدائرة الآثار والتراث لإعادة افتتاح قاعة الصراف وترتيب محتوياتها لتصبح مهيأة لاستقبال الزوار، متكفلة بكل مستلزمات  الترميم والتحديث من الألف إلى الياء من أعمال إنشائية و غيرها …

و بإمكانيات العائلة ،وعلى رأسها السيدة ثريا عبد الله الصراف، وبخبرتها المحدودة أنجزت المهمة،  تعاونها كوادر محلية شابة أصيلة ، وقد جهزت القاعة بشروحات للمعروضات باللغتين العربية والانجليزية ،وافتتحت رسميا يوم 10 حزيران الماضي برعاية السيد محمد شياع السوداني رئيس الوزراء.

هذا العطاء الثر لعائلة الصراف يحلينا للتفكير وللتذكير بما يفعله الآن للاسف كثير من رجال الأعمال  وعائلاتهم من (حديثي النعمة) ناهبي الثروات وأصحاب السلف “ المُطفأة”، مدمني  بناء المولات والمجمعات السكنية باهظة الثمن، غير معنيين بالبلد وأهله وبتراثه وحضارته وثقافته.

 

عرض مقالات: