في 31 اذار 1934 تأسس الحزب الشيوعي العراقي . ومنذ ولادته جاء رقما صعبا في المعادلة السياسية العراقية ، رغم صنوف المصاعب والمحن التي كابدها الوطن. وبالقطع لم يتحقق ذلك بيسر ، ولَم تكن الطريق مفروشة بالورود .
كان طريق الحزب وظل معبدا بتضحيات آلاف الشهداء والمناضلين ، نساء ورجالا ، عربا وكردا ومن التركمان والسريان والكلدان والاشوريين والارمن والايزيديين والصابئة المندائيين ، من مختلف اطياف وطوائف شعبنا المتآخية ، التي وجد ابناؤها وبناتها طريقهم الى صفوف الحزب الشيوعي ، مناضلين من اجل أهدافه التي جسدت وتجسد طموح غالبية العراقيين في التحرر والاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، دون ان ينسوا ولو للحظة واحدة الحلم الأكبر في تحقيق سعادة الانسان وتحرره من قيوده وانهاء استغلاله ، والانتقال من ملكوت الضرورة الى ملكوت الحرية الذي تحققه الاشتراكية .
في مسيرة الحزب المجيدة شاركت الملايين من أبناء وبنات العراق، أعضاء ومؤازرين وأصدقاء وجماهير ، ويندر ان نجد من ترعرع في صفوفه ولا يقرّ بتاثير الحزب عليه بمواقفه وسياساته وتربيته اعضاءه على حب الخير للناس والاستعداد للدفاع عن قضاياهم ، وتراجع الانا وتضاؤلها امام مصالح الشعب والوطن.
نعم يندر من لا يقرّ بهذا التاثير، وبفعل المثل التي ورّثها الشهداء للمناضلين الشيوعيين، وتركت بصماتها في شخصياتهم وسلوكهم ، بل ووجدت صداها حتى عند من تعايشوا بصدق وامانة مع تجربتالحزب الغنية والملهمة .
يستغرب البعض كيف استطاع الحزب الشيوعي الصمود ومعاودة النشاط والعمل بعد كل العواصف الهوجاء التي مرت عليه ، ولكم منّى الحكام الرجعيون والدكتاتوريون والظلاميون وإعداء التقدم والحرية بكل اشكالهم وتلاوينهم، كم منّوا النفس برؤية نهاية لهذا الحزب الصامد، الذي هو بحق نبتة وطنية عراقية روّتها مياه دجلة والفرات ، ومياه اممية إنسانية متطلعة الى خير البشر وسعادتهم وانعتاقهم من كل ظلم وعسف واستغلال.
لكن أنّى للطغاة بكل الوانهم واشكالهم ادراك ان “ حصن حزب اشاده فهد - لن تستطيع هدمه قرد” . هو حزب الشيوعيين الذين صقلت نفوسهم اغاني وانغام “ يالرايح للحزب خذني وبنار المعركة ذبتي .. بركبتي دين اريد اوفي على عوام المضت منى” .
فهو ليس حزبا طارئا ، ولا مستوردا ، ولا دخيلا ، كما يحلو للبعض المرتعد خوفا على مصالحه ونفوذه ان يردد في مناسبة ومن دونها ، فلو كان كذلك لانفرط عقده ولانصرف عنه الناس وهجروه ، فيما يحصل العكس تماما. وفي كل مرة يتعرض فيها الحزب الى هجمة شرسة تمد له الجماهير والقوى الوطنية الحية والاصيلة اليد لينهضوا جميعا . فالتجربة اثبتت ان نهوض الحزب ودوره الفاعل ، هما من عوامل اطمئنان الناس وهذه القوى معا. ذلك انه حليف ومساند وداعم اكيد ، ولَم ينقلب يوما على كلمة أعطاها والتزم بها. فهو صادق مع نفسه ومع جماهيره ، ومع من يتحالف معهم .
نعم ، مثل اي حزب سياسي قد يجتهد ، وقد يخطئ، ولكنه سباق الى المراجعة والتدقيق والتمحيص وتصويب المسارات ، وفضل كبير في ذلك يعود الى رفاقه ومناصريه ، وللجماهير التي كانت وما زالت تريد الأفضل لحزب فهد وسلام عادل والحيدري والاف الشهداء والمناضلين. فهو لها المرتجى والامل ، وكلما ادلهمت الآفاق شخصت الابصار نحوه لثقتها المتناهية به ، وهي من اختبرته مرات ومرات، فلم يقف الا معها .
وان حزبا متجددا كهذا ، هو حزب شاب رغم زحفه نحو الـ ٨٧ ، حزب كان ويظل منارة للسائرين نحو وطن حر يرفل شعبه بالسعادة والخير والرفاه .
فسلاما للحزب الشيوعي وشهدائه
وكل عام وانتم والحزب والشعب والوطن بالف خير.