اخر الاخبار

قبل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كانت البلاد تعاني أزمات عميقة، في مختلف النواحي. وبعد الغزو ظهرت أزمات أخرى سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، خلفت جيوشا من العاطلين عن العمل والنازحين والمشردين والمهجرين. فيما أعجزت الظروف المعيشية القاسية العائلات الفقيرة وذات الدخل الواطئ، عن تأمين أبسط متطلباتها الحياتية.  ومن الطبيعي أن تُخرج لنا هذه الأوضاع الأليمة جيوشا من اليائسين المستعدين لمزاولة أي مهنة، مهما كانت شاقة، في سبيل سد رمق عائلاتهم، أو جلب حبة دواء لمرضاهم، أو توفير متطلبات أبنائهم التلاميذ. وقد يشذ بعض هؤلاء عن الطريق، ويكونون عرضة لاستغلال العصابات الإجرامية والجماعات الإرهابية، ما يهدد أمن البلد وشعبه. ويمكن أن يتحوّل قسم من هؤلاء اليائسين، بعد أن تغلق جميع الأبواب في وجوههم، إلى سراق يسطون على البيوت وينهبون أموال الناس. وهناك عائلات قد تضطر إلى رمي أطفالها في الشوارع، لعجزها عن إعالتهم. فيما يصل البعض إلى أسوأ من ذلك، حينما يضحي بالنساء وشرفهن! فالجوع والمرض كافران، ولا يختلفان عن الإرهاب! ومما أفرزته تلك الأزمات، ظاهرة التسول التي انتشرت بشكل يفوق المعقول. إذ نجد المتسولين منتشرين في الشوارع العامة والأسواق وأمام المساجد، وقد وصل الحد بالبعض إلى اقتحام المساجد اثناء صلاة الجمعة أو المناسبات الدينية، لاستجداء المال من المصلين، أو انهم يتجولون في المناطق السكنية ويطرقون أبواب الناس بقوة طلبا للمال أو للمواد الغذائية. وأصبحت هذه الظاهرة مصدر إزعاج للناس، ومصدر قلق أيضا. فبعض العائلات باتت تخشى أن يسرق المتسولون منازلها، أو يخطفوا أطفالها حتى! ليس هذا وحسب، فهناك أيضا عصابات تستغل المتسولين وتجمعهم صباح كل يوم في مركبات وتقلهم إلى أماكن معينة ليستجدوا، وبعدها تعيدهم إلى محال سكناهم، مشترطة عليهم دفع نسبة من المال الذي يحصلون عليه، أو ربما كل ما يحصلون عليه، مقابل حمايتهم وإيوائهم! ولا نعلم أين تذهب هذه الأموال الطائلة التي يجنيها المتسولون، وإلى ماذا تخصص. فلا غرابة أن تتحول تلك الأموال إلى نشاطات غير مشروعة أو تجارات ممنوعة وما إلى ذلك من أمور خطيرة تهدد سلامة المجتمع وأمنه.  وبطبيعة الحال، فإن الفقير المحتاج بحق، ضاع بين المتسولين الذين يتخذون من تسولهم مهنة مربحة. إذ أصبح المواطن لا يميز بين الاثنين! يتوجب على الجهات المعنية وضع حلول جذرية لهذه الظاهرة الخطيرة المؤذية والمسيئة إلى سمعة البلد.