اخر الاخبار

ذات يوم حدّثني أبي عن ثلاثة أخوة في قريتهم الغافية عند تخوم البحر ، كانوا يمتلكون نصف أراضي القرية ، اختلفوا في ما بينهم على آلية تقسيم حصصهم ليتولى كل واحد زراعة حصته بما يرغب، فظلوا بين شدّ وجذب ومدّ وجزر لمدة طويلة حتى بارت أرضهم ولم تفلح زراعتها، ما اضطرهم إلى بيعها بثمنٍ بخسٍ والرحيل إلى مركز المدينة للعمل كأجراء في احد المعامل!

تذكّرت قصّتهم رغم عجالتها، ونحن نسمع ونقرأ ونشاهد الخلافات والصراعات بين الكتل البرلمانية المهيمنة على رقاب العباد حول الموازنة، وما بين البرلمان ووزير المالية حول صرف الدولار، وكأن كلّ واحد من هؤلاء من دولة معادية للأخرى ، كل واحد منهم يريد أن يجرِّ النار إلى رغيفه ضارباً عرض الحائط بمصائر الناس جميعاً!

تساءلت: أيّ مواطنٍ لا يرغب أن تكون عملة بلده أقوى وأعلى قيمة من غيرها ؟! وأيّ مواطنٍ لا يرغب أن يعيش أهله في بحبوحة عيشٍ رغيد وأمان وسعادة ؟! وأيّ مواطن لا يرغب أن يكون اقتصاد بلده أعلى وأقوى اقتصاد في العالم؟!

الخلافات والصراعات لأجل المصالح الضيقة جداً لن تبني بلداً ، بل ستؤول به إلى الخراب وتنزله في الحضيض !

كم من بلد فقير مادياً استطاع حكّامه وسياسيّوه أن يطوّروه اقتصادياً ويتخلصوا من الديون والأزمات ؟!

لماذا هذا التكالب على المصالح الفئوية متناسين مصلحة شعب قوامه أكثر من 35 مليون نسمة، وتركه بين انتظار إقرار الموازنة والتفكير بمصروفه اليومي متقلّباً على جمر الأزمات ؟!

لماذا هذا التهاون والاستهتار واللامبالاة بحياة أبناء البلد الذين ابتلوا منذ أكثر من نصف قرن بحكومات لا تعرف غير الحروب و الدم والفساد من أجل الاحتفاظ بكراسي ستنخرها الأرضة ، وتلفظهم حتى الحفر الحقيرة إلى مزبلة التاريخ ؟!

مَنْ يُحِبُّ شعبه بشكل حقيقي، عليه أن يسعى إلى إسعاده بشتى الصور ! ومَنْ يُحِبُّ شعبه ويشعر بالانتماء الحقيقي إليه، عليه أن يرمي كل المصالح الضيّقة وراء ظهره، ويعمل بكل إخلاص ونزاهة ومحبّة من أجل رفع شأن بلده وناسه !

 لا تتركوا الناس تتقلب على جمر الأزمات المتزايدة والمتوالدة وانتم تبحثون عن سعادتكم فقط ، النظر في آلية صرف العملة وارتفاع قيمة العملة الوطنية أهم من كل شيء ، وإقرار الموازنة في وقتها المناسب بدلا من الصراعات والتأخير وموازنة تصريف أعمال في كل مرة هما العمل الوطني الحقيقي في خدمة الوطن والناس دائماً .

عرض مقالات: