اخر الاخبار

كما في كلّ مرة تؤكد الحكومة الجديدة العزم على انجاز المشاريع المعطلة في مختلف القطاعات لتوفير الاحتياجات الاجتماعية التي عطلتها الحروب والحصار الذي فرضته الدول الغاشمة، توطئة لتغيير النظام السياسي القائم، وصولا الى نظام ديمقراطي مزعوم، لم يسفر عنه سوى نظام هجين، عجز بالواقع عن تحقيق عملية تنموية جادة عبر مصفوفة مشاريع، اثبت الواقع اما ان تكون وهمية او قليلة الأهمية، بهدف سرقة الاموال المخصصة لها.

وبسبب ضعف أداء الحكومات المتعاقبة واتساع عمليات الفساد الإداري والاستحواذ على المال العام اهملت المشاريع التي أنفق عليها ـ وفق مصادر رسمية ـ مائة مليار دولار وتراكم عددها حتى وصل ـ حسب تصريحات وزارة التخطيط وهي الجهة المسؤولة عن عملية التخطيط للمشاريع التنموية ـ الى 6250 مشروعا. فيما أعلن رئيس الحكومة الحالي في الثاني عشر من شهر كانون الثاني من هذا العام، ان عدد المشاريع المعطلة وصل الى 1600 مشروع تنموي متلكئ.

وبقي الحال على ما هو عليه  من التردي والتراجع رغم حجم الانفاق الهائل الذي وصل الى 1340 مليار دولار، وفقا للموازنات السنوية التي افرزت اكثر من 13 مليون مواطن تحت خط الفقر. يحصل كل ذلك فيما كانت بغداد قد نجحت في الماضي في تأسيس قطاع صناعي كبير بمساعدة الدول الاشتراكية السابقة، حقق اكتفاء ذاتيا في العديد من السلع الأساسية، ولم يبق منها حاليا سوى 20 في المائة من المعامل والمصانع التي كان عددها اكثر من الف معمل ومصنع، وكان انتاجها يشكل 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وقتذاك، وبقيت الان أطلالا تدفع مرتبات عمالها وفق نظام السلف.

ومن الجدير بالتنويه، ان اكمال المشاريع المتلكئة سيكومن جزءا من  الخطط الاستراتيجية التي تضعها وزارة التخطيط، وبغض النظر عن فشل تلك الخطط فان الوزارة المذكورة تتهيأ لوضع خطة للفترة 2023ـ 2028 فضلا عن خطة قصيرة المدى 2022 ـ 2023 محاورها دعم الاقتصاد بمختلف قطاعاته ودعم الاستثمار والقطاع الخاص، والمحور الاجتماعي الذي يتعلق بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والبطاقة التموينية، والمحور الثالث يختص بردم الفجوة التنموية في المحافظات، ومهما يكن من امر هذه الخطط فإنها معلقة على إعداد موازنة 2023 اذا ما نجحت الحكومة الجديدة في التعجيل في تشريع قانونها في ظل أجواء ضبابية يتداخل فيها الصراع السياسي بالصراع الاجتماعي المحتدم،  وفي هذه الخطط تتجلى الجدية في انجاز هذه المشاريع المتوقفة التي تتباين فيها نسب الإنجاز، ومن غير الواضح ما اذا كان بالإمكان انجاز هذه المشاريع او بعضها في خطة وزارة التخطيط، وهذا الامر متوقف قبل أي شيء على أهمية وأولوية المشاريع والمساحة الاجتماعية التي تغطيها مخرجات هذه المشاريع، وهذه المتطلبات غير كافية ما لم تكن مقترنة بالإرادة  الحازمة والجدية في متابعة التنفيذ وقبل كل شيء حمايتها من عصابات الفاسدين الذين يشكلون قوة ضاغطة على الحكومة، كما كان الحال بالنسبة للحكومات السابقة، فان المعلومات تؤكد على وجود مشاريع وهمية تقدر تكاليفها بـ200 مليار دولار، التفّ عليها الفاسدون وما زالوا يشكلون وباء خطيرا ينتشر بسرعة في معظم وزارات الدولة العاجزة عن وضع حد لسرقة المال العام بأشكال مختلفة من أساليب النصب والاحتيال.

إن المتطلبات المالية لهذه المشاريع وغيرها متوفرة لدى وزارة المالية حيث كشفت الوزارة عن ان إيرادات الدولة خلال العام الماضي قاربت 150 تريليون دينار، وبفائض مالي  تجاوز 55 تريليون دينار خلال احد عشر شهرا، فضلا عن ذلك وبحسب جداول وبيانات أصدرتها الوزارة فان حسابات الدولة العراقية منذ شهر كانون الثاني 2022 وحتى شهر تشرين الثاني من العام نفسه بلغت ما يقارب150 تريليون دينار وهذه الوفرة تمثل نسبة 95 في المائة وبحسب جدول المالية، فان فائض الموازنة لغاية شهر تشرين الأول الماضي بلغ ما يعادل 38 مليار دولار.

ألا تكفي هذه الأموال لتحريك عجلة المشاريع المعطلة؟!

عرض مقالات: