اخر الاخبار

كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن “ثورة المتقاعدين”، ومطالباتهم المستمرة بتحسين احوالهم المعيشية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والغلاء الذي شهدته وتشهده اسواقنا جراء تذبذب سعر الدولار.

وأصبح موضوع التقاعد اليوم هاجسا مخيفا يقض مضجع كل موظف شارف على انهاء فترة خدمته، خصوصاً ذوو الدرجات الوظيفية المتدنية. فقانون الخدمة الموحد رقم (9) لسنة 2014 وتعديلاته، اعتمد في احتساب رواتب المتقاعدين على اساس الدرجة الوظيفة التي كان يشغلها الموظف والراتب الذي كان يتقاضاه قبل تقاعده، ما خلق فوارق كبيرة بين راتب موظف في الدرجة الوظيفية الاولى وآخر في الدرجة الوظيفية الخامسة فما دون، وقد يصل الفرق الى اكثر من مليون دينار، وهذا يُشعر الموظف المتضرر بالغبن، كون الراتب المخصص له لا يكفيه حتى لعلاج أمراضه المزمنة التي يصاب بها نتيجة ضغوط الوظيفة والتقدم في السن.

ان الموظف الذي يفني عمره في خدمة بلده، من الضروري الاهتمام به وتوفير ابسط سبل العيش الكريم له، كي يقضي ما تبقى من سنين عمره في راحة وطمأنينة ورخاء، ولا يُذل ويجبر على قضاء وقته وايامه في المطالبة بتحسين حالته المعيشية! لذلك يتوجب على المشرّع الانتباه إلى هذه الحالات واعتبار المتقاعدين سواسية، وتخصيص رواتب مجزية لهم. فلا فرق بين عامل ومدير، كلهم لديهم عائلات والتزامات وخدموا بلادهم من خلال وظائفهم. لذلك يجب ان يتساوى الجميع بالحقوق بعد احالتهم على التقاعد، ولا مانع من ابقاء بعض الفروق التمييزية البسيطة، لكن المهم هو ان تكون رواتب الدرجات المتدنية كافية لدفع إيجار البيت وتأمين نفقات الدواء وغيرها من متطلبات الحياة.

معظم دول العالم تهتم بالمتقاعدين وتعتبرهم الشريحة الاولى، وتشملهم بكثير من الامتيازات التي

تخفف عنهم قساوة الحياة، كالضمان الصحي والنقل المجاني، وحتى السفر المجاني عبر الخطوط الجوية، مع منحهم تخفيضات في اسعار السلع الاستهلاكية التي توفرها لهم الأسواق الحكومية.

من الضروري الاستجابة لمطالب المتقاعدين المشروعة، وإعادة احتساب مستحقاتهم بما يضمن لهم حياة تقاعدية كريمة تليق بهم كمواطنين عراقيين خدموا بلدهم بكل جدية واخلاص. فهل من المعقول ان أحدا من المسؤولين لم يطلع على تظاهرات ذوي الشعر الأشيب ومنـاشـداتـهـم المـسـتـمـرة!؟

انـصـفـوا هذه الشريحة وأبعدوا عنها شبح العوز والفقر والاذلال. ضعوا سلما جديدا لرواتب الموظفين والمتقاعدين يتناسب مع التضخم الحاصل في الأسواق وتصاعد الاسعار.