اخر الاخبار

قبل أيام رافقت أحد أصدقائي في مراجعته المستشفى التركي (مستشفى الحسن)، الكائن في أطراف كربلاء، لمتابعة حالته الصحية لدى الطبيب الاختصاص في المستشفى، بعد إجرائه عملية قسطرة لشرايين قلبه. وقد سرني جدا منظر هذه المؤسسة الصحية التي صممت وفقا للمعايير الهندسية الخاصة بالمستشفيات. كما أفرحني جمال المبنى ونظافته وانسيابية الدخول إليه والخروج منه، فضلا عن صالات الانتظار التي كانت مجهزة بالتكييف والمقاعد المريحة.

لكن للأسف، لم يستوقفني وقتها أهم المعايير، وهو “رضا المريض”، الذي نادرا ما يتحقق في مؤسساتنا الصحية. إذ وجدت حال شعبة القسطرة في المستشفى، مؤلما!

ربما هناك من يقول أن السبب يعود إلى غياب المتابعة والمحاسبة، وآخر يعزو الأمر إلى غياب التشريعات الخاصة بحقوق المريض.. وإلى آخره من الأسباب! لكن الشيء الثابت، هو اننا اليوم بحاجة إلى التركيز على ظاهرة لم تكن منتشرة سابقا في العراق مثلما اليوم، وهي ارتفاع معدل الإصابة بالأمراض القلبية، ومنها الجلطات الصدرية والدماغية.

ولهذا السبب، كان الطبيب العراقي سباقا في تلقف كل ما هو جديد في عالم تكنولوجيا الطب. إذ تم تزويد مستشفياتنا خلال السنوات الأخيرة، بأحدث المبتكرات الساندة، مثل أجهزة المفراس والرنين والإيكو، وأجهزة تفتيت الحصى والنواظير.    

السؤال: هل أن هذه الخدمات متاحة للفقراء وذوي الدخل المحدود!؟

الجواب: لا طبعا! فالمريض من هؤلاء عليه الانتظار فترة زمنية تصل إلى شهر أحيانا، كي يأتي دوره للفحص بأي من هذه الأجهزة! كما أن الأمر مكلف ماليا، كون الأجهزة تلك متوفرة في الأجنحة الخاصة، وهنا مربط الفرس!

وبالعودة إلى “المستشفى التركي”، وجدت أن عدد المرضى الذين يحتاجون الى عمليات قسطرة يتراوح بين 20 و30 مريضا في الأسبوع. علما أن شعبة القسطرة يعمل في استشارتها أطباء اختصاص على مدار أيام الأسبوع، عدا الخميس. كما أن هناك صالتين لعمليات القسطرة، إحداهما فتحت قبل أيام، لكن لم تجرَ فيها عملية واحدة، بسبب عدم وجود كادر مؤهل!

إذن أين يذهب المريض!؟

ببساطة يتم إرساله إلى مركز الامراض القلبية الكائن في “مدينة الحسين الطبية”، وهنا سيقف امام مطب الاختيار بين الخاص والعام! فالقادر على دفع التكاليف نقدا، تجرى له العملية فورا في الجناح الخاص، وغير القادر “يلزم سره وأنت وربك يا موسى”!

ان الاجنحة الخاصة في المستشفيات الحكومية فتحت وفق ضوابط وضعتها وزارة الصحة، وأوجبت التقيد بها، منها ألا يتجاوز عدد الأسرة 25 في المائة من حجم الغطاء السريري، ما يعني عدم اهمال الاجنحة العامة. كذلك عدم السماح للطبيب بإجراء جميع العمليات الجراحية في الجناح الخاص، سوى بواقع عملية واحدة مقابل 3 عمليات تجرى في الجناح العام.

لكن، هل هناك من يتابع سير هذه الضوابط!؟ وهل أن ميزانية الدولة التي تبلغ أكثر من مائة مليار دولار غير قادرة على تقديم الرعاية الصحية المجانية للمواطن؟ وهل أن دائرة صحة كربلاء عاجزة عن توفير كادر طبي كفؤ ومؤهل لإجراء عمليات القسطرة في “المستشفى التركي”!؟

عرض مقالات: