اخر الاخبار

زيادة نسبة المهاجرين من البلدان العربية إلى أوربا، لا تعني ترفا أبدا. فرحلة الهجرة غير الشرعية من أشد المغامرات الجسدية والنفسية والقانونية خطورة، وغالبا ما تنتهي نهايات كارثية في اعماق بحار الدول الساحلية في القارة الشقراء، والتي أصبحت خطوط التماس الأولى مع المهاجرين الذين لا يزالون يتدفقون من شمال أفريقيا عبر الدول العربية، خاصة تونس وليبيا.

الفقر وعدم الاستقرار السياسي والتدخلات الخارجية من أبرز عوامل تكوين أرض خصبة للهجرات. وكانت فرنسا وبريطانيا قد اتفقتا قبل أسابيع على السيطرة على الهجرة غير الشرعية بإجراءات قانونية صارمة تنص على عدم استقبال أي مهاجر مهما كانت الأسباب، لكن هذه الإجراءات القانونية لم تمنع المهاجرين من الوصول إلى السواحل البريطانية، رغم المصير المجهول الذي ينتظرهم!

هناك مخاوف جدية ذات طبيعة استراتيجية في العواصم الغربية ازاء القدرة الاستيعابية للاجئين، ليس من الناحية المالية، إنما هناك تحديات ثقافية ودينية متراكمة عبر 60 سنة، ولا يريدون تكريسها، بل انهم يطمحون إلى تفكيكها منذ سنوات عديدة، لا سيما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١، وذلك عبر برامج الاندماج الاجتماعي التي مهما كانت كبيرة تبقى عاجزة عن فكرة التذويب التي ينادي بها البعض.

أحيانا تكون الهجرة بالنسبة للدول الفقيرة سلاحا تجذب من خلاله الدعم الغربي، لكن الهجرة التي لم تنقطع عن العراق ابان السنوات العشرين الأخيرة بعد التغيير، توحي في الواقع بأن الأسباب ليست اقتصادية ومعيشية فقط، لأن هناك عائلات باعت بيوتها بمئات آلاف الدولارات، انفقتها على المهربين بحثا عن حياة في مكان آخر. فتلك مسألة لا يبدو أن الدولة العراقية تفكر في تفكيكها بشكل علمي، ومن ثم انساني اجتماعي عادل.

لم يكن المهاجرون العراقيون دائما فقراء، كما في دول عربية أخرى. فهنا الهجرة ترتبط بأسباب عديدة، منها استحالة استمرار حياة الانسان عندما يكون أمنه الشخصي مهددا، ولا أحد يكفل له الحماية، وهذا كان ما قبل احتلال البلد وبعده ايضا، ومهما انحسرت الظاهرة، فإنها لا تزال باقية ولم تنتهِ!